شهدت فترة بدايات النهضة في البلاد سباقاً وتنافساً واسعين بين القياديين والمسؤولين في الدولة، فالكل يسعى ليترك أثرا إيجابيا في مسيرة هذه النهضة المباركة، فشُقت الطرق وشُيدت المستشفيات وخُططت المناطق السكنية التي ما زلنا نقيم فيها، وتم افتتاح المدارس بكل مراحلها وصولاً إلى ثانوية الشويخ التي أصبحت مقصداً للشباب العربي من الخليج إلى أقصى المغرب، ثم أقيمت جامعة الكويت التي كانت منارة علم في المنطقة، وبرزت الصحافة الكويتية التي تتمتع بمساحات واسعة من الحرية، فغدت شعلة جذب للعديد من رجالات الإعلام والأدب في العالم العربي.

Ad

 ولم يكن القطاع الخاص بعيداً عن هذا التنافس، فانبرى رجال من الوطن لمسايرة هذه النهضة المباركة كل في مجاله، وفي المجال الاقتصادي، على سبيل المثال، تم إنشاء العديد من الشركات الوطنية، مثل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، وشركة المطاحن، وشركة السينما وغيرها، كما تم إنشاء المؤسسات والمصارف المالية والبنوك بكل مجالاتها.

 ويخطر على البال هنا تلك الأمسيات الطيبة التي قضيتها مع الأستاذ الفاضل إبراهيم دبدوب المدير التنفيذي السابق لبنك الكويت الوطني في مقر إقامتي في عمان، عندما كنت أتولى رئاسة البعثة الدبلوماسية في الأردن الشقيق، فعاد «أبو شكري» بالذاكرة إلى تلك الأيام الخوالي في بدايات البنك، وكان مقره في الشارع الجديد في العاصمة، فكانت ربطات النقود تنقل من مقر البنك إلى الخزينة في المبنى المجاور بواسطة «العربانة» التي تستخدم في البناء لنقل الرمل والأسمنت، وبمرافقة أحد حرس الأسواق المسلح بعصا غليظة (مطاعة).

وأضاف «بوشكرى» أنه بعد صدور مرسوم تغيير العملة من الروبية الهندية إلى الدينار الكويتي قام بنك الكويت الوطني، بالمشاركة مع البنك البريطاني في الشرق الأوسط والبنك التجاري الكويتي، بتجميع الروبيات الهندية في البلاد، وتم تسليمها إلى البنك المركزي الهندي، وقد وصلت المبالغ إلى ما يقارب «27» مليون دينار، قامت الهند بتسديدها لدولة الكويت على مدى ست سنوات، وبفائدة سنوية بمقدار «4.5%».

من ناحية أخرى وعلى الرغم من قلة الإمكانات في ذلك الوقت فقد تم إنشاء أول مطار في الكويت في منطقة «الدسمة»، حيث هبطت أول طائرة مدنية في شهر ديسمبر عام «1932»، وكانت تابعة للخطوط الجوية الإمبراطورية «البريطانية» فيما بعد، وفي هذا المطار تم استقبال أول بعثة تعليمية مصرية، وكان أعضاؤها يرتدون القميص والشورت الإنكليزي و»الكرافتة»، وكان من ضمن المشاركين في الاستقبال العم الفاضل محمد صالح العنيزي، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

 هذه كانت الكويت وأهلها، وهكذا كان «الحراك» الجاد والمخلص من أجل بناء الوطن ونهضته وإعلاء شأنه بعيداً عن المشاحنات والتنافس في الفساد والإفساد اللذين تفشيا في البلاد، وتوقفت عجلة التنمية وأصابها الصدأ، وما زال التساؤل يطرح نفسه: لماذا هذا التراجع في كل مناحي الحياة على الرغم من زيادة الإمكانات البشرية والمادية؟

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

شكر وتقدير

للنائب صالح عاشور الذي تحدث في الجلسة التي عقدت يوم الثلاثاء الموافق 26/ 3/ 2016، فأشاد بالدور المخلص والبنّاء الذي يبذله أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الكويتي، والجهد المخلص الذي يبذلونه خدمة لهذا الوطن الغالي على مدى امتداد العالم، بعيداً عن بلدهم وأهلهم، وعلى مدى عقود، فشكراً للأخ العزيز «بومهدي» على هذه اللفتة الكريمة التي نتمنى أن تجد لها صدى.