ادعاءات روسيا لا تنطلي على أحد
أريد أن أتطرَّق في هذه المقالة إلى موضوعين؛ الأول عن التدخل الروسي في سورية، والثاني حول برنامج الحكومة للإصلاح المالي ومعالجة العجز.
التدخل الروسيلم تعد ادعاءات الرئيس الروسي بوتين حول أسباب وأغراض تدخل روسيا في سورية تنطلي على أحد، فقد أصبحت مكشوفة، لا تخطئها رقابة الناس العاديين، ودعك من الخبراء المتابعين.بوتين ادعى أن تدخله في سورية، لمحاربة «داعش»، الذي في نظره لا يشكل خطراً على سورية فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى خطره على روسيا والعالم، فهو يخشى عودة الشيشانيين المحاربين مع «داعش»، المقدَّر عددهم بـ 7 آلاف مقاتل، إلى روسيا لممارسة أعمال الإرهاب، بل ادعاءات بوتين تجاوزت ذلك، ليطرح اقتراح حلف دولي لمحاربة إرهاب «داعش» وفقاً لأجندته.الأسد قوة مهمة لمقاومة «داعش»وبعد خطاب باراك أوباما في اجتماع الأمم المتحدة السابق، الذي أشار فيه إلى أهمية تقديم تنازلات في ما يتعلق بالوضع في سورية، للوصول إلى توافق حول الحل السلمي، وأن ذلك لا يعني العودة إلى الوضع السابق منذ اندلاع الحرب، أي عدم بقاء الأسد ونظامه، فإن بوتين رحب بتوجيهات أوباما، لكنه قال لا يمكن استبعاد الأسد ونظامه، لأنهم قوة مهمة لمقاومة «داعش».هذا الكلام كان في سبتمبر الماضي، قبل بدء الطيران الروسي عمليات القصف في سورية.الرصد لمتابعة القصف الروسياتضح بجلاء أنه توجه لشمال غرب سورية، في إدلب وحلب، وإلى درعا في الجنوب، وهذه المناطق هي مناطق وجود قوى المعارضة، ولا وجود لـ «داعش» فيها.ادعاءات بوتين وازدادت ادعاءات بوتين، بأن هذه المناطق فيها متطرفون، وفي محادثات «جنيف 3»، ساند موقف سورية بدعوة قوى أخرى، إضافة إلى قوى المعارضة، كما ساندها في عدم إيقاف القتال والسماح بدخول المعونات الإنسانية، بل أكثر من ذلك، ان القصف الروسي تجاوز استهداف قوى المعارضة وقصف المدنيين، وأبرز وأبشع مثال على ذلك زحف عشرات الآلاف من النازحين من سكان حلب، نتيجة لما نالهم من دمار لمساكنهم وحرمانهم من متطلبات الحياة الأساسية، فضلاً عن ارتفاع معدل القتلى المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن.أصبح واضحاً وجلياً، أن الروس هدفهم هو القضاء على قوى المعارضة، التي عجز الأسد وقواته عن إضعافها، حتى بات لا يسيطر إلا على أقل من 25 في المئة من الأراضي السورية.ارتفاع عدد القتلى، الذي فاق 250 ألفاً، ونزوح 12 مليوناً، منهم 5 ملايين خارج سورية، والدمار الذي نال البشر والحجر، حتى باتت سورية خراباً يباباً، وإصلاحها متى توقفت الحرب سيتطلب إعمارها مئات مليارات الدولارات، وربما عشرات السنين.أبشع من «داعش»في تعليق لأحد المراقبين في محطة الإذاعة البريطانية (BBC)، قال إن قتل البشر الذي ارتكبه الأسد ونظامه، وما خلّفه من بؤس، لا يقارن بعمليات «داعش»، رغم إجراميته وبشاعته، فجرائم قتل «داعش» لا تتجاوز عشرة في المئة مما ارتكبه الأسد ونظامه من جرائم قتل، إضافة إلى التعذيب وحصار المدن وحرمان وصول الغذاء والدواء والوقود وجميع مستلزمات الحياة، ما أدى إلى ظهور قصة اللاجئين.يقرر المراقبون بأن أهداف سياسة بوتين للتدخل، هي حماية نظام الأسد واستمرار بقائه، وصولاً إلى تعزيز بقاء القواعد العسكرية الروسية في شرق البحر الأبيض، أي استمرار بقاء وتوسع النفوذ الروسي في سورية والمنطقة، ليعيد سورية تحت نفوذ الاستعمار الروسي، بدلاً من الفرنسي والأميركي.الحكومة ومعالجة العجز الماليحتى الآن، لا تزال الحكومة تدور في حلقة مفرغة، بشأن معالجة العجز المالي، وما طرح يقتصر على رفع أسعار البنزين والكهرباء، أو إجراءات جزئية قريبة من ذلك لا تفي بالغرض.المواطنون من ذوي الدخول المتوسطة، وما دون، الذين تصدح الحكومة بتصريحاتها، أنها لن تمس جيوبهم ودخولهم يرفضون ذلك، لأن الحكومة لا تعالج الهدر والفساد والسرقات، ولا تتجه لمصالح ذوي الدخول الكبيرة والضخمة بمعالجة حقيقية، كفرض ضرائب الدخل والثروة ورفع الرسوم على الواردات.ما تحققه الحكومة من رفع أسعار البنزين لا يزيد على 150 مليون دينار، في حين إيرادات ضريبة الدخل وصافي الأرباح ومعدلها 1 في المئة (ضريبة الزكاة التي لا هي ضريبة ولا زكاة) لا يتجاوز إيرادها مائة مليون لا غير في دولة فاق حجم دخلها القومي 51 مليار دينار، وحجم المدخرات 25 ملياراً، نصفها للقطاع الخاص، وتستورد ما قيمته 12 ملياراً، وهذا يعني أن 10 في المئة ضريبة دخل توفر ما لا يقل عن 2.5 مليار دينار، و10 في المئة على الواردات توفر ملياراً ومائتي ألف.طبعاً هذه معدلات متواضعة، فضريبة الدخل تصل أو تفوق 35 في المئة بالدول الرأسمالية، والرسوم على الواردات في السعودية تصل إلى عشرين في المئة.على كل حال، المطلوب تقديم شرح وافٍ حول برنامج الوفورات، بطرح شرائح الدخل، ونصيب كل شريحة، والأعباء التي ستتحمَّلها كل شريحة، لكي يقتنع الناس ويتقبلوا إجراءات الحكومة.