اكد رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم اليوم الاحد أنه لا توجد دولة بمنجى من الإرهاب وأنه حان الوقت لبدء معركة إسلامية ذات طابع حضاري وثقافي ضد هذه الظاهرة المتصاعدة.

Ad

وشدد الغانم في كلمة القاها امام مؤتمر اتحاد المجالس للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقد حاليا في العاصمة العراقية بغداد على أنه " متى ما آمنا بحقيقة أننا جميعا ضحايا الارهاب نستطيع حينها أن نقول اننا بدأنا فعليا حربنا ضد هذه الظاهرة".

وقال انه من غير المقبول "الركون الى الراحة والدعة واتخاذ موقف المتفرج وأن تعاونا شاملا وكاملا بين دولنا لمواجهة هذه الظاهرة هو واجب ديني وأخلاقي وإنساني".

وأشار الى أن التعاون المقصود لا يقتصر على الجانب الأمني برغم أهميته بل يجب أن يكون تعاونا حضاريا ثقافيا أسلحته العلم والعدالة والتنمية والديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان وإبراز تعاليم الدين الإسلامي العظيم.

وتساءل "هل كتب لهذا الإرهاب أن يتصاعد باطراد لتظل الجروح مفتوحة في العراق وسوريا واليمن وليبيا وسيناء وغيرها وفي المقابل يكتب لقضيتنا المركزية وهي القضية الفلسطينية أن تغلق إلى الأبد".

وقال الغانم أن أحد إفرازات الإرهاب هو غياب الحديث عن كل ما هو مركزي وحيوي ومفصلي لتحل محلها التراشقات المذهبية والنزاعات الضيقة المريضة.

واختتم الغانم كلمته قائلا "علينا أن نهزم الإرهاب بخوض حروبنا الحقيقية ضد الأمية والجهل والفقر وانعدام المساواة والعدالة والتخلف الإداري والبيروقراطية والفساد.. حروبنا التي نخوضها ببرلمانتنا الحقيقية وقضائنا وجامعاتنا ومكتباتنا ومراكز البحث".

وفي ما يلي النص الكامل لكلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم: " بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين معالي الدكتور سليم الجبوري .. رئيس مجلس النواب بالجمهورية العراقية الشقيقة أصحاب المعالي رؤساء الوفود البرلمانية الإسلامية الحضور الكريم السلام عليكم ورحمة والله وبركاته يقول المولى عز وجل : " واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين " صدق الله العظيم من البلاد التي أعلنتها الأمم المتحدة مركزا للعمل الإنساني وتوجت اميرها قائدا إنسانيا ، شددنا الرحال من الكويت ، أتينا إلى هذه البغداد المتغنجة برغم سخام السياسة.. الصابرة برغم الاستهداف المباشر.. المشدود عودها برغم رياح السموم الطائفية والتقسيمية إلى بغداد التي حولها الطاغية الارعن بالأمس الى مدينة الخوف والتربص الأمني والوشاية إلى بغداد التي غار الطاغوت قبل سنوات من تمثال المتنبي بها ، فصنع ألف تمثال له وألف جدارية لكن الطاغية ذهب ، وبقى المتنبي إلى بغداد أتينا إلى بغداد الراقد تحت ترابها الامامان الطاهران موسى الكاظم وأبو حنيفة النعمان اللذان لو قدر لهما اليوم أن يتكلما لنطقا بأن الإسلام بريء من كل ما أريق على أرض العراق والمسلمين من دم بريء بسم الله وباسم الدين ولأمرا بمواجهة الوحوش البشرية — لوقفا صفا واحدا لدحرها وصد بغيها الأخوة الحضور يقول المولى تعالى في محكم التنزيل : " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " .

صدق الله العظيم نظرة واحدة على الخارطة ، وتطواف سريع على تسلسل الاحداث خلال اخر عقدين من الزمن ، سيقفز هذا العنوان فاقعا أمامنا ( لا احد بمنجى عن الإرهاب الأسود ) من جاكرتا الى الأطلسي ومن القوقاز شمالا حتى اقصى الجنوب الافريقي يضرب الإرهاب أهدافه بكل ما اوتي من عمى وسعار وهو إرهاب غير محصور بدين او ملة او مذهب عابر للحدود يتخذ من كل حي وجماد هدف ولم يعد يحتاج الى ان يبرر نفسه مرة أخرى ( لا أحد بمنجى عن الإرهاب ) ومتى ما آمنا بهذه الحقيقة ، نستطيع حينها ان نقول اننا بدأنا فعليا حربنا ضد الإرهاب أيها الاخوة الكرام نحن لا نسكن جزرا معزولة ومع ايماني بوجود سياقات جغرافية وديموغرافية وسياسية مختلفة بين دولنا ، الا ان السياق العام الذي يوحدنا هو اننا جميعا ضحايا الإرهاب ولاننا جميعا ضحايا هذه الظاهرة الخطيرة المتصاعدة ، فمن غير المقبول الركون الى الراحة والدعة واتخاذ موقف المتفرج ، واذا كان الإرهاب في هذه اللحظة ينهش لحم جارك ، او يضرب في ذاك الإقليم البعيد عنك جغرافيا ، فانه سيأتيك حتما في يوم ما ، واذا كان الإرهاب قد زارك يوما وولى فان عودته محتملة مرة أخرى ولذا ، فان تعاونا وليس تنسيقا تعاونا شاملا وكاملا بين دولنا هو واجب ديني واخلاقي وانساني وعندما أتحدث عن التعاون الإسلامي المشترك ، فأنا لا أشير الى التعاون الأمني فقط ، برغم أهميته بل أتحدث عن تعاون حضاري ثقافي ، أسلحته العلم والعدالة والتنمية والديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد وإشاعة ثقافة حقوق الانسان ، وإبراز تعاليم ديننا العظيم ، التي ترتكز على التعايش والتعارف الحضاري والجدال بالتي هي احسن ، واحترام المخالف تعاليم ديننا ، الناهية عن كل ما هو فض وغليظ بنص القران العظيم تعاليم ديننا الذي لا يحاكم النوايا ، والملتمس للإنسان عذرا وراء عذر في حال اخطأ أو قصر او زل ان التعاون الذي اتحدث عنه هو التعاون الرامي الى تعميم الخطاب الوسطي ، تعميم نابع عن ايمان وقناعة وليس شعار مرفوع ولافتة وان التعاون الإسلامي المنشود هو التعاون الذي يتوحد حول أولويات ثابتة واني أتساءل هل كتب لهذا الإرهاب أن يتصاعد باطراد لتظل الجروح مفتوحة في العراق وسوريا واليمن وليبيا وسيناء وغيرها وفي المقابل يكتب لقضيتنا المركزية وهي القضية الفلسطينية ان تغلق الى الابد ؟ كما اني أتساءل هل الهدف من هذا الإرهاب هو ان تظل نزاعاتنا الإقليمية والداخلية عناوين عريضة على صدر صحفنا ، بينما يتوارى الاجرام الإسرائيلي كخبر صغير مدسوس في الصفحات الداخلية باستيحاء ؟ أليس أحد افرازات الإرهاب ، هو غياب الحديث عن كل ما هو مركزي وحيوي ومفصلي ، لتحل محلها ، التراشقات المذهبية والنزاعات الضيقة المريضة ؟ أليس أحد افرازات الإرهاب هو شيوع عقلية التفكير يوما بيوم ، وسيادة سياسات الكر والفر ، وغياب قضايا المستقبل ؟ غياب قضايا التقدم والتنمية والتحديث والتحضر والتكاملات الاقتصادية والانفجارات السكانية وشح موارد العالم وتناقص المياه ، وقضايا البيئة والمناخ ؟ كيف يتسنى لنا ان نتحدث عن تلك القضايا الجوهرية ونحن كل يوم نقدم زهرة شبابنا واطفالنا ضحية هذا العبث غير المسبوق ؟ أيها الحضور الكريم نحن في حرب مفتوحة مع الإرهاب ونعم ، رجال الأمن يخوضون تلك الحرب لحفظ اوطاننا ومدننا وقرانا لكن هذه الزاوية الأمنية جزء من المواجهة علينا ان نهزم الإرهاب بخوض حروبنا الحقيقية حروبنا ضد الامية والجهل والفقر وانعدام المساواة والعدالة والتخلف الإداري والبيروقراطية والفساد حروبنا المستحقة ضد التخلف والقديم والمهتريء حروبنا التي نخوضها ببرلماناتنا الحقيقية وقضاءنا النزيه وجامعاتنا ومكتباتنا ومراكز البحث عن هذا التعاون والتكامل الإسلامي أتحدث ، وعن هذه الحرب الحضارية الجديرة أتكلم أعرف ان الدرب طويل ، ولكن لنبدأ الآن .. متعاضدين ، متعاونين ، متكاتفين فالعالم أيها السادة لا ينتظر أحدا لا ينتظر أحدا على الاطلاق شكرا على حسن الانصات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".