فزت بجائزة «الفنان العالمي» عن تمثال «المراهقة»، وتستعد حالياً لتقديم معرض في تايوان، هل لك أن تحدثنا عن هذه الجائزة أكثر؟

Ad

جائزة ينظمها أحد أهم المحافل الفنية في تايوان، فيقدم معارض لفنانين يتم انتقاؤهم من كل أنحاء العالم طبقا لمعايير لجان الفرز لديهم، وكان ثمة أكثر من 4000 عمل فني معروض فاز نحو 70 عملا منها، كنت أنا من الفائزين للعرض في معرض شخصي ممثلا عن مصر والعرب وإفريقيا، وتقريبا النحات الوحيد الذي فاز بالجائزة في النحت، وهي فرصة جيدة لتعرف المنطقة في شرق آسيا بالفن العربي المعاصر عموماً والمصري خصوصاً، وبالطبع بأعمالي النحتية بشكل شخصي.

تقدم في بعض أعمالك مزجاً فلسفياً بين الزمن والعمل الفني بشكل تجريدي، فما هي فلسفتك في ذلك؟

أقمت في عام 2002 معرضي الشخصي في مصر بعنوان «وقت العودة»، وكان في معظم أعمالي من النحت والرسم من الأعمال التي صنعتها في إيطاليا في الفترة قبل عودتي إلى مصر، والعنصر الأساسي فيها الزمن، فقد كنت في تلك الفترة مهموماً بأمر العودة إلى مصر والعيش فيها، وكان الوقت يمرّ سريعاّ فجاءت الأعمال تعبر عن تلك الحالة النفسية، وغلب على معظمها طابع تجريدي ومفاهيمي، الأمر الذي تطور مع تفرغي التام للفن قبل ثورة 25 يناير، حيث يسيطر التشخيص والتعبير على أعمالي في هذه الفترة بأسلوبي الذي يعرفه الجمهور.  

ما هي فكرة تلوين بعض الأعمال والجمع بين أكثر من خامة في تمثال واحد؟

تلوين الأعمال الحجرية والمعدنية والجمع بين أكثر من خامة أحد أهم وأقدم التقنيات في الفن المصري القديم، كذلك تجده في حضارات مختلفة وليس مستحدثاً من أحد. وفي النحت الحديث، استخدم فنانون كثر هذه المعالجات في أعمالهم. وطبعاً النجاح في صياغة العمل النحتي باستخدام هذه المعالجات يتوقف على مدى مواءمة الصياغة اللونية للحالة العامة والدراما والمفهوم للعمل النحتي ومدى تأكيدها الفكرة، وإلا أصبحت عملية زخُرفية سطحية.

في الحالات كافة، سواء التلوين على الأحجار والبرونز أو الجمع بين أكثر من خامة في عمل نحتي، يحتاج النحات إلى مهارات وتقنية تتناسبان مع التعقيد الملازم لإنجاز الأعمال.

الصوفية... ودروس

يغلب على بعض أعمالك الحس الصوفي، فماذا يغريك في هذا الاتجاه؟

المآسي والصراعات والمشهد العام في المنطقة العربية والشرق الأوسط والدماء التي تسال تستدعي المشهد الذي عانته المنطقة نفسها أبان هجوم الحملات التتارية والصليبية وحربهم مع المسلمين وسقوط بغداد والشام وتأجج الصراع الديني والطائفي، حينما أحرقت المكتبات وقطعت الرؤوس. وفي تلك المرحلة صعد التيار الصوفي في رسالة إلى الكون، فحواها أن الدين لله وأن من يعشق ويحب ربه حباً خالصاً في أية ديانة كانت لا يقتل ولا يذبح ولا يظلم. من هنا كان استدعائي للرمز الصوفي في أعمالي، حيث إنه رمز يأتي في مرحلة تتشابه مع تلك التي ظهر وصعد فيها.

لكن لماذا جاء تفرغك لمجال الفن التشكيلي متأخراً نوعاً ما رغم امتلاكك موهبة وتجربة حقيقية؟

كنت ممارساً للفن ولكن غير متفرغ، وهو الأمر الغالب لدى معظم الفنانين في مصر وأنحاء العالم، فمنهم من يقوم بالعملية التدريسية كمهنة مثلاً، ومنهم من يمارس أعمالا تساعده على إيجاد الدخل الذي يمكنه من أن ينتج فناً. عموماً، التفرغ للفنان في بدايات المشوار أمر غاية في الصعوبة. وفي الحقيقة، لم أتفرغ تماماً للفن في وقت متقدم بسبب زواجي المبكر، الأمر الذي كان يستلزم ضرورة تدبير أمور واحتياجات واستقرار الأسرة بشكل أثر على إمكان التفرغ التام في بدايات مشواري، ولكنها كانت إحدى أهم المراحل في حياتي، وخلالها كونت تقنياتي وأدواتي وتعلمت فيها أسرار النحت على الأحجار.

تبدو كشخصية عنيدة ومثابرة، فهل هذه إحدى ضروريات النحات؟ وما أبرز الدروس التي تعلمتها من أستاذك الإيطالي ماريو غاليوتي؟

كان ماريو غاليوتي يملك في مدينة بيتراسانتا الإيطالية مشغلا لأعمال الرخام من أعمال نحتية ومعمارية. كان شخصاً مهووساً بالجودة ومحبا للعمل وحياته بسيطة ولا يسمح بأنصاف الحلول. وكان بالنسبة إلي بوابة الدخول إلى هذا العالم المدهش، وهو وغيره من الجيل الذي رحل أمثال المايسترو لوشانو غاليوتي وليدو تارتاريللي وغيانوني في إيطاليا، أعطوني الكثير من العلم والتقنية. كان ماريو يقول «إن الأحجار تحس بنا وتعرف إذا كان النحات الذي ينحتها يفهم تكوينها ومتمكناً ومسيطراً عليها أم أنه حائر ومتردد وغير مؤهل، والأحجار لا تعطي الفنان ألا بقدر إمكاناته في السيطرة عليها، والطريق إلى ذلك يحتاج إلى مثابرة وجهد وتجريب»، وهو ما يتطابق مع شخصيتي إلى حد ما.