كان مبدأ «الصوت الواحد»، المعتمد انتخابياً في الولايات المتحدة، محل سجال قانوني ودستوري، انتهى بقرار من المحكمة الأميركية العليا، حسم النقاش لمصلحة الإبقاء على القانون بصيغته الحالية.  

Ad

وكان المحافظون من الحزب الجمهوري قدموا مقترحاً لتغيير قاعدة «شخص واحد = صوت واحد»، المعتمدة أساساً لتقسيم الدوائر الانتخابية، استناداً إلى عدد الناخبين في كل دائرة، لا إلى عدد سكانها كما هو سارٍ حالياً.

وبإجماع القضاة الـ8 في المحكمة العليا، أصدرت أعلى هيئة قضائية بالولايات المتحدة، حكمها بناءً على مراجعة طلبت منها الفصل في المسألة التالية: في قاعدة «شخص واحد = صوت واحد» المتبعة لتقسيم الدوائر الانتخابية، هل الشخص يعني حصراً ذاك الذي يحق له الانتخاب، أم كل شخص يقطن في هذه الدائرة؟ فكان جواب المحكمة «كل شخص».

وينص القانون الفدرالي على أن الدوائر الانتخابية يجب أن تكون متساوية من حيث السكان، إذ لا يسمح بأن يزيد التفاوت بين دائرة وأخرى على 10 في المئة فقط.

ولكن هذه القاعدة تطبق على أساس عدد السكان لا الناخبين، ما يعني أنه لو كانت المحكمة العليا أخذت برأي المحافظين، واعتمدت عدد الناخبين معياراً لكانت الدوائر الانتخابية في المدن المختلطة سكانياً، حيث يقطن الكثير ممن لا يحق لهم التصويت، زادت من حيث المساحة وتضاءلت من حيث العدد.

بالمقابل، فإن العكس كان سيحصل في المناطق الريفية والضواحي التي تقطنها غالبية من البيض، إذ إن مساحة الدوائر الانتخابية بهذه المناطق كانت ستنقص وعددها سيزداد.

وفي الواقع فإن خلف هذه المسألة القانونية بامتياز تتستر محاولة سياسية لقلب موازين القوى الناخبة والخريطة الانتخابية رأساً على عقب، ولاسيما من خلال الحد من تمثيل السكان المتحدرين من أصول لاتينية الذين يزداد وزنهم الديموغرافي يوماً بعد يوم بالمجتمع الأميركي.

وفي الولايات المتحدة عشرات ملايين الأطفال والمهاجرين والسجناء والمدانين السابقين والمعاقين ذهنياً، وهؤلاء جميعاً محرومون من حق الانتخاب، ولكن يتم احتسابهم في تشكيل خريطة الدوائر الانتخابية. ومن هنا فإن حكم المحكمة العليا شكل نصراً للمنظمات المدافعة عن حقوق الأقليات التي تحركت بقوة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، كما شكل هزيمة للجمهوريين أمام الديمقراطيين.