شهدت أسعار مواد البناء في العالم والكويت انخفاضات حادة، لأسباب عديدة، حيث انخفض طن الحديد الكويتي بنسبة 20 في المئة، مقارنة ببداية العام الجديد، بينما تراوحت نسب الانخفاض في المواد الأخرى بين 10 و15 في المئة.

Ad

وسألت «الجريدة» عدداً من العقاريين عن أسباب ذلك الانخفاض، وتأثيره الحالي على القطاع العقاري والدولة والأفراد، فأكدوا أن أسباب الانخفاض تعود إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وتحديداً الصين، بالإضافة إلى التوترات السياسية في المنطقة والصراع المسلح في كل من سورية واليمن.

وأفاد العقاريون بأن الانخفاض طبيعي، إذ إن قطاع مواد البناء كغيره من القطاعات الأخرى يعتمد على العرض والطلب، لافتين إلى أنه يمكن للمواطن، الذي يمتلك أرضا أو الذي تم تخصيص أرض له من المؤسسة العامة للرعاية السكنية الاستفادة من ذلك الانخفاض. وتوقعوا عدم استمرار الأسعار على مستوياتها الحالية، وان تشهد ارتفاعات خلال الفترات المقبلة، مشيرين إلى أن الأمر مرتبط بتحسن الاقتصاد العالمي وانخفاض حدة التوترات السياسية في المنطقة.

وأشاروا إلى أن القطاع بحاجة إلى دعم واهتمام حكومي، وأن أسعار مواد البناء في السابق كانت مناسبة وغير مرتفعة، رغم ارتفاع أجور الأيدي العاملة والمواد الأولية، لافتين إلى أن المواد حافظت على مستوياتها السعرية حتى نهاية سبتمبر من عام 2015، ثم بدأت تنخفض، وفيما يلي التفاصيل:

أكد رئيس مجلس إدارة شركة سدير للتجارة والمقاولات (سدير) طارق السالم المطوع أن مواد البناء شهدت انخفاضات شديدة في اسعارها، وهذا يعتبر وضعا طبيعيا وغير مستغرب، فقطاع مواد البناء كغيره من القطاعات الأخرى، يعتمد على العرض والطلب في تحديد أسعاره، وخلال الفترة الحالية انخفض الطلب بشكل كبير، وذلك لأسباب عديدة.

وتابع المطوع قائلا إن "أسعار مواد البناء على مستوى العالم شهدت انخفاضات، ليس فقط على المستوى المحلي أو الاقليمي، ويعود ذلك إلى تباطؤ نمو الصين على وجه التحديد، إذ تعتبر الصين هي المستهلك الأول على المستوى العالم لمواد البناء، بالإضافة إلى التوتر السياسي في المنطقة".

وأوضح أن بعض مواد البناء انخفضت أسعارها بنسبة 20 في المئة تقريبا، وستستمر الأسعار في الانخفاض، إذا استمر الركود والوضع الحالي، والعكس صحيح، ستنتعش في حال ارتفع الطلب وطرحت مشاريع انشائية، سواء من قبل الحكومة أو من القطاع الخاص.

وذكر المطوع أن الشخص الذي يمتلك ارضا، يمكنه الاستفادة من ذلك الانخفاض، ولكن لاتزال هناك امور اخرى اسعارها مرتفعة، على سبيل المثال لا الحصر، أجور الأيدي العاملة.

ارتفاعات غير مصطنعة

وقال ان مواد البناء شهدت ارتفاعات خلال السنوات الماضية، وهذه الارتفاعات ليست مصطنعة، حيث ان العديد من المواد الاولية العالمية ارتفعت بسبب ارتفاع اجور النقل والأيدي العاملة، بالإضافة الى التخزين، مؤكداً أن مواد البناء الكويتية حصلت على العديد من شهادات الاعتماد العالمية، وهي توازي العالمية من ناحية الجودة والأسعار.

وبيّن أن المواطن لن يتأثر بانخفاض أسعار النفط، حيث إن 90 في المئة منهم موظفون في القطاع الحكومي العام، وهي وحدها ستتحمل تبعات هذا الانخفاض، مؤكداً أن معظم مشاكل التي يعانيها الاقتصاد ستتلاشى في حال انحلال الأزمات السياسية. وأكد المطوع أن القطاع الخاص قادر على تغطية احتياجات السوق المحلي من مواد البناء بمختلف أنواعها، مطالباً الحكومة بالاهتمام بهذه القطاع، لما له من أهمية وانجازات، حيث يواجه بعض الصعوبات والمشاكل في بعض الوزارات والجهات الحكومية في استخراج بعض التراخيص وغيرها من هذه الأمور.

تباطؤ النمو

ومن جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة أملاك كابيتال محمود الجمعة، إن "أسعار بعض مواد البناء شهدت انخفاضات منذ بداية العام الحالي، إذ شهد الحديد الكويتي على وجه الخصوص انخفاضا نسبته 20 في المئة"، موضحا ان هناك أسبابا عديدة ادت الى ذلك الانخفاض الحاد في الأسعار.

وتابع الجمعة قائلا إن "تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، كان من اهم اسباب انخفاض أسعار مواد البناء عالميا، اضافة إلى أن التوتر السياسي والعسكري في المنطقة ساهما في تخفيض الأسعار".

أما بالنسبة للكويت، فأشار الجمعة إلى أن الدولة تأثرت كغيرها من الدول التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي لإيرادات الميزانية العامة، وذلك بعد انخفاض سعر البرميل ووصوله الى مستويات دنيا، حيث تباطأت وتيرة تنفيذ المشاريع الحكومية، وأصبح الاهتمام الأكبر في كيفية سد عجز الميزانية والتقشف في المصاريف. ولفت الجمعة إلى أن القطاع الخاص كان له دور في انخفاض الأسعار، وذلك بسبب وقف تنفيذ المشاريع، مما ساهم في زيادة المعروض من المواد مع انخفاض الطلب على تلك المواد، موضحا ان الجميع محتفظ بالسيولة، ومترقب للأحداث السياسية والاقتصادية المحلية والعالمية، مشيرا إلى أن دخول مواد جديدة الى السوق المحلي ايضا ساهم في زيادة المعروض، ومثال على ذلك دخول الحديد الصيني والإسباني والأوكراني.

طن الحديد

وأوضح أن سعر الحديد الكويتي انخفض من 196 دينارا للطن الواحد، وذلك في شهر سبتمبر، ليصل الى 120 دينارا خلال الفترة الحالية، بالإضافة إلى أن هناك مواد ايضا انخفضت اسعارها، مشيرا إلى أن هذا سيقلل التكلفة على المواطن في حال قام ببناء منزله في الوقت الحالي. وأردف الجمعة بقوله ان "الأسعار لن تستمر بمستوياتها الحالية، اذ انها سترتفع في حال تم رفع الدعوم عن المحروقات، حيث سترتفع تكلفة النقل، وكذلك اذا تحسن الطلب على تلك المواد وارتفع سعر برميل النفط". وذكر أن قطاع مواد البناء شهد فترة رواج خلال العام المنصرم، إذ ارتفعت الأسعار وحافظت على مسوياتها حتى نهاية سبتمبر 2015، مشيرا إلى أنه كان هناك طلب مرتفع على الخرسانة الجاهزة، نظرا لطرح العديد من المشاريع آنذاك، اتبعها ارتفاع الطلب على المواد الأخرى مثل الحديد والاسمنت والصلبوخ.

نفسية المستثمرين

بدوره، قال المدير العام لشركة الاتحاد لمواد البناء أحمد النوري إنه "بلاشك ان بعض اسعار مواد البناء انخفضت نتيجة لانخفاض الطلب وتباطؤ النمو الاقتصادي على مستوى العالم، بالاضافة الى التوترات والعوامل السياسية التي اثرت على نفسية المستثمرين".

وتابع النوري بقوله ان بعض مواد البناء ارتفعت اسعارها او حافظت على مستوياتها السعرية، وذلك بسبب ارتفاع اسعار المواد الاولية التي يتم استخدامها في التصنيع النهائي لمواد البناء، بالإضافة الى رفع الدعم عن الديزل وارتفاع اسعاره، مشيرا الى انه رغم دعم الحكومة للشركات الصناعية الكويتية في ما يخص موضوع الديزل فإن نقل المواد لا يدخل في حسبة الدعوم، بالإضافة إلى ارتفاع اجور الأيدي العاملة، مما أدى الى ارتفاع الأسعار.

وأضاف النوري أن الحديد يعتبر من الصناعات التشكيلية، ومثل تلك الصناعات انخفضت أسعارها، أما الصناعات التحويلية التي تعتمد على مواد أخرى لتصنيعها فهي التي حافظت على مستوياتها، مطالبا الحكومة بالاهتمام بالقطاع الصناعي لأن له دورا كبيرا في الناتج القومي للبلاد.

منظومة متكاملة

وأردف بقوله "نحن بحاجة إلى منظومة متكاملة تعمل عليها أجهزة الدولة المعنية، تعي أهمية القطاع الصناعي، وتعمل على تذليل العقبات أمامه"، مشيرا إلى أن "المستثمر الصناعي يختلف عن غيره من المستثمرين، فهو يقوم بعمل حقيقي يتمثل في منتج يراه ويستخدمه الجميع".

وأشار النوري إلى أن صاحب السمو أمر بدعم والاهتمام بالصناعات الاستراتيجية التصديرية، إذ إن سموه لديه نظرة اقتصادية، وأهمية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على نفط كمصدر رئيسي للايرادات.

ولفت إلى أنه يجب على الحكومة ان ترى موضوع دعم القطاع الصناعي بمنظور متكامل، ولا نريد قرارات عشوائية قد تضر بالقطاع، لافتا إلى أنه يجب الاستعانة بأصحاب الخبرة والعالمين والملمين بما يحتاج إليه القطاع الصناعي، ومعرفة المشاكل التي تواجهه.

وأكد النوري أن المنتج الوطني، خصوصا مواد البناء، اثبت ناجحه، فالكثير من المواد حصلت على شهادات اعتماد، وهي بذلك تنافس المنتجات العالمية من حيث الأسعار والجودة، موكداً قدرة المصانع على تغطية احتياجات السوق المحلي والتصدير الى الخارج.