الأغلبية الصامتة: الغضب كمادة خام
«الغضب الشعبي» مادة خام في كل الدول سواء القمعية أو الدول التي «تتمظهر» بالممارسة الديمقراطية، ولا بد من صقله على هيئة قوى تغيير سلمية تحشد الرأي العام، وتسير معه نحو صناديق الاقتراع لا القصر الرئاسي. أعيدها «الغضب الشعبي» لا بد من صقله لا «تدجينه» وتقزيمه.
رأي الناس وطريقتهم في توصيله عملية يجب التوقف عندها لأهميتها في فهم حالة "الغضب الشعبي" وقياسه وتداركه من قبل أصحاب القرار متى ما كانوا على مستوى الحدث."الغضب" هو "الغضب" والعبرة في تصفيته من الحالة الخام الملطخة بالطين وصقله؛ كي يأخذ الهيئة الأجمل كالذهب وأحجار الألماس، فالأصوات الغاضبة في المجتمع الديمقراطي (أفراد، كيانات، أحزاب) تجد أمامها عشرات المنافذ لتفريغ ما لديها من شحنات (إعلام، اعتصامات، إضرابات، مسيرات... إلخ)، وكل ذلك يتم ضمن قواعد اللعبة ودون وقوع شلل عام في الدولة أو سقوط ضحايا. "الغضب الشعبي" مادة خام في كل الدول سواء القمعية أو الدول التي "تتمظهر" بالممارسة الديمقراطية، ولا بد من صقله على هيئة قوى تغيير سلمية تحشد الرأي العام، وتسير معه نحو صناديق الاقتراع لا القصر الرئاسي. أعيدها "الغضب الشعبي" لا بد من صقله لا "تدجينه" وتقزيمه."الغضب الشعبي" مادة خام تطورت في الدول الديمقراطية، ولا تعود إلى حالتها الأصلية إلا بعد التأكد من فساد الطبقة السياسية، وخروج مؤسسات الدولة عن طوع القانون وقيم العدالة والمساواة، هنا يعود البشر إلى حالتهم البدائية ولو كانوا في أعرق الديمقراطيات، يخرجون إلى الشوارع، ويكنسون كل فاسد عمل ضد المصلحة العامة.في القضايا الكبرى التي تغطي الوطن بأكمله عندما يصل الصوت إلى الأعلى من البداية، وتبدأ عمليات التصحيح فإن موجات "الغضب الشعبي" تتحطم في علاقة عكسية بين التصحيح والهدوء العام، ولكن عندما يصل الصوت متأخراً بصورته الحقيقية (غير المزورة) تنطلق العلاقة الطردية في سماء التحدي بين سقفين، سقف الإجراءات الحكومية وسقف المطالب الشعبية "الخام"، وكلما ارتفع سقف الإجراءات علا فوقه سقف المطالب الشعبية. ختاماً، لا أعتقد بوجود زمان أفضل من زماننا الحالي في قياس توجهات الرأي العام، وذلك بفضل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي "يفرغ" فيها الناس شحنات غضبهم أولاً بأول، ولكن يا للأسف حتى هذه النوافذ يراد إغلاقها وتأميمها إذا لزم الأمر.