لاشك أن العالم العربي يعيش أخطر فتراته بسبب غدر روسيا، ومشروع الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس باراك أوباما ذي العقيدة الخبيثة والمؤذية للعرب السُّنة تحديداً، وهجوم الإيرانيين أصحاب المشروع الفارسي الطائفي على المنطقة، وعنصرية المرشح الجمهوري المتطرف دونالد ترامب المتوقع فوزه بترشيح حزبه الجمهوري، وهو الذي يطالب بقطع رؤوس المسلمين، ومنع سفرهم حول العالم.

Ad

بالإضافة إلى مخاطر أبنائنا من أصحاب المشروع الأصولي السني الإرهابي، الذي يستخدمه الجميع لتدميرنا بعد أن فشلنا، خصوصاً دول الخليج العربي، في مواجهة أسلمة الدولة، ومنع نشر الفكر الإسلامي الظلامي المتطرف، الذي، للأسف، موّلت برامجَه التربوية والإعلامية والاجتماعية بعضُ دول الخليج، وهو ما يتسبب في معاناة كبيرة وخطر داهم لها.

 عقيدة باراك أوباما الباطني، التي بدأ يكشف بقية خفاياها في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، لم تكن مفاجئة للكثيرين، ولي شخصياً، منذ أيامه الأولى في الحكم 2009، فالرجل تم اختياره بعناية من وسائل الإعلام الأميركية (المملوكة غالباً لليهود) للترويج لحملته بشكل غير مسبوق في 2008، ودعمه بالأوساط الأكاديمية وبين الشباب الأميركيين في الجامعات حتى تمكن من الفوز، إذ كانوا على معرفة بخفايا شخصيته الناقمة على المسلمين بسبب تركيبته الاجتماعية، لكونه طفلاً متخلى عنه من والده المسلم، وعاش وتربى بين جدته وأزواج أمه دون رعاية من والده حسين أوباما، وهو ما خلق لديه عقدة نفسية وكراهية لوالده المسلم، وبالتبعية للعرب الذين نشأ عندهم الإسلام ونشروه.

لم يكن لقاء الرئيس أوباما مع الصحافي الأميركي- الإسرائيلي جيفري غولدبرغ المناسبة الأولى التي يكشف فيها عن عقيدته العدوانية ضد العرب، فقد سبق أن كشف عن أجزاء منها للصحافي توماس فريدمان- ولاحظ أن الصحافيين يهوديان ومقربان من إسرائيل- ومع فريدمان في الـ"نيويورك تايمز" هاجم أوباما السعودية ودول الخليج، وأشاد باستقرار إيران وديمقراطيتها! ولم يشر إلى الميليشيات الطائفية التي تموِّلها إيران وتقوم بجرائم وحشية في العراق وسورية.

أوباما في عقيدته يدعو ضمنياً العرب، وتحديداً السُّنة منهم، إلى فتح دولهم لدخول إيران إليها لتتقاسم حكمها معهم، بما يحمله ذلك من معانٍ، بأن العرب ضعفاء ومتخلفون ولا رجاء منهم، لذا فإن انسحابه من المنطقة يجب أن يملأه الإيراني لا التركي السني! لأنه لا يدعو بالمثل إلى أن يدخل العرب إلى إيران لإنصاف القوميات والطوائف المضطهدة في إيران المتمددة على حساب الأهواز وبلوشستان والمقموعة بالحرس الثوري وعمليات الإعدام المبرمجة.

ذلك الرئيس القابع بالبيت الأبيض في لقائه الأخير، الذي شرح فيه عقيدته، يكشف كذبة العالم الحر الذي تقوده واشنطن وحقوق الإنسان والديمقراطية والحريات، وعدم مصداقيته في خطابه الذي وجهه إلى العرب والمسلمين، سواء في تركيا أو جامعة القاهرة في ربيع وصيف 2009، فهو يذكر أن 11 سعودياً انبثقوا من جماعات خلقتها واشنطن لمحاربة واستنزاف الاتحاد السوفياتي حتى تم إسقاطه كانوا مشاركين في أحداث 11 سبتمبر، بينما نحن- العرب- مطلوب أن ننسى ونتغاضى عن عشرات المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بالسلاح الأميركي من بحر البقر في مصر إلى بيروت وغزة، وبحصانة سياسية بالفيتو الأميركي لتل أبيب على مدى عشرات السنين في الأمم المتحدة.

أوباما الباطني لا يقول كل الحقائق في لقائه الأخير مع "ذي أتلانتيك"، ويختلق قصة سخيفة عن تراجعه عن قصف نظام بشار الأسد بعد استخدامه للسلاح الكيماوي في الغوطة صيف 2013، ولا أريد أن أكرر قصته تلك، لكن الحقيقة التي يبطنها أوباما هي أن ضرب الأسد وإسقاطه كانا سيوقفان الحرب الطائفية التي يبشرنا بها حالياً، ويقول إن أميركا لن تشارك فيها، كما أن تدمير الأسد وانتصار الثورة السورية كانا سيمنعان سيناريو تقسيم سورية، الذي يحمي مستقبل إسرائيل، وكذلك فإن إسقاط بشار كان سيقضي على الفوضى التي مهدت لنشوء "داعش"، الأداة المهمة والذريعة لتشويه العرب السُّنة وابتزازهم وسحقهم، وتقسيم المنطقة بنفوذ لإيران التي لا ترى فيها إسرائيل تهديداً حقيقياً لوجودها بعكس السُّنة العرب الذين لا يأمن جانبهم الإسرائيلون.

أوباما في كلامه الأخير هاجم كل العرب السُّنة وزعماءهم، حتى شريكه في حلف الناتو الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ووصفه بالفاشل والديكتاتور، بينما مع توماس فريدمان وصف إيران بالدولة القوية الديمقراطية! وهو كلام ينم عن مشروع أميركا الجديد في المنطقة المتمثل بالانسحاب منها لمصلحة إيران، وعلى وقع حرب طائفية تشجع فيها واشنطن طهران على الدخول إلى العالم العربي، وتطلب من العرب السُّنة أن يستسلموا لها... فماذا نحن فاعلون؟

***

اليوم بعد أن انكشف المشروع الأميركي المتماهي مع روسيا والغرب وإسرائيل لمنح العالم العربي أو جزء منه غنيمة لإيران، نسأل الجزائر وبعض الدول العربية الأخرى... أما زلتم تعتبرون "حزب الله" والميليشيات الشيعية حركات مقاومة ضد إسرائيل؟

***

اليوم أيضاً نسأل دول الخليج العربي... هل كان خيار تمويل ما يسمى بالصحوة الإسلامية والترويج لها وإضعاف هوية دولنا المدنية خياراً ناجحاً أمام العالم ولمواجهة دولة الملالي الإيرانية؟... أليست الأصولية السنية حالياً هي الأداة التي يضربنا بها الأميركي والإيراني والروسي والإسرائيلي؟