يعتبر حكم التمييز حجة قانونية ستنظم من خلاله كل التعاملات الخاصة بالرهن وعقود الرهن.

Ad

ترك حكم محكمة التمييز، الذي أبطلت بموجبه عقد رهن لضمان مديونية بمبلغ 200 مليون دولار، وأبرمته إحدى الشركات مع بنك إسلامي، وعدد آخر من البنوك الأجنبية وموثق لدى وزارة العدل، صدى واسعاً وتأثيرات على القطاعات الاقتصادية في الكويت، وتشعب تأثير الحكم ليطول تعاملات عديدة داخل القطاعات المصرفي والاستثماري والعقاري، وامتد تأثيره أيضاً لوزارة العدل المنوط بها توثيق مثل تلك العقود.

وأرجعت المحكمة في حكمها، سبب فسخ عقد الرهن المبرم بين الشركة والبنك الإسلامي، إلى عدم تحديد الدين المضمون بالرهن الرسمي ولا الأرباح والمصروفات، ولا الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين؛ مما يبطل العقد المبرم بينهما.

وبموجب تأثيرات هذا الحكم، ستتحرر الكثير من العقارات والأراضي المملوكة للشركة والمرهونة لدى البنك، إذ تم تحرير ما لا يقل عن 150 قسيمة سكنية في منطقة الخيران، بالإضافة إلى أن هذا الحكم سيفتح المجال أمام الكثير من الشركات والأفراد مستقبلاً لاتخاذ الخطوة ذاتها وطلب بطلان عقود الرهن المبرمة، والتي لم تلتزم بالضوابط والشروط التي حددتها محكمة التمييز في حكمها.

وبذلك يكون للحكم تأثير واضح على السوق العقاري المحلي، نسلط الضوء عليها، حيث وكما تبين من الحكم، أنه سوف يتم تحرير الكثير من العقارات والأراضي المرهونة للقطاع المصرفي خصوصاً التي تزيد ضماناتها عن أصل الدين بأضعاف مضاعفة، حيث بإمكان ملاك العقارات التصرف بها وبيعها.

وسيفتح هذا الحكم صفحة جديدة في تعاملات الرهونات العقارية، وسيتيح مرونة في نسب الضمانات، وسيكون جزء كبير من أصول الشركة محرراً، إضافة إلى أنه سيعيد هيكلة التمويلات التي حصلت عليها الشركات العقارية، كما أن السوق العقاري سوف ينتعش بسبب تحرر الكثير من الأصول المرهونة لدى الجهات الدائنة.

توافر العروض

وعند تحرر المزيد من العقارات ستتوافر عروض عديدة من العقارات والأراضي في السوق، مما سيعمل على تخفيض الأسعار وتوفير فرص استثمارية جيدة، ومن المؤكد أن ذلك يصب في مصلحة السوق العقاري المحلي.

وستستفيد الشركات العقارية، التي عليها ضمانات عالية مبالغ فيها من تحرير أصولها والتصرف بها، حيث إن الكثير من الشركات ترهن أصولها فترات طويلة مقابل حصولها على تمويلات من البنوك، وهذا بالتأكيد يضيق عليها فرص بيعها حين توجد عروض مغرية.

وأيضاً سيكون أمام الشركات العقارية فرص لاستغلال الفوائض المالية الناتجة عن تحرير الأصول أو الحصول على تمويلات جديدة مقابل الرهونات السابقة، حيث يمكن استغلالها في مشاريع عقارية تدر بعوائد جيدة.

حجة قانونية

ويعتبر حكم التمييز حجة قانونية ستنظم من خلاله كل التعاملات الخاصة بالرهن وعقود الرهن، إذ إن العديد من الشركات لا تستطيع التصرف بأصولها المرهونة لسنوات عديدة رغم نها ملتزمة بالسداد، وهذا من الطبيعي له تأثير كبير على نشاط الشركات سواء العقارية أو غيرها.

ومع معاناة السوق العقاري من الفوضى جاء الحكم للإضاءة على جانب تنظيمي مهم، حيث إن القطاع العقاري غير منظم ولا توجد جهة معينة تدير شؤونه كبعض القطاعات الأخرى، إضافة إلى أنه يخلو من التنظيمات القانونية، إذ إن هناك الكثير من الإشكالات في ما يخص عقود الرهن سوف تم حلها بناء على حيثيات هذا الحكم.

الأسعار مغرية

من جانب آخر، لفت عقاريون إلى تأثير رهن العقارات والأصول التي تفوق قيمتها أضعاف قيمة المديونية، على الشركات، بأنه تضيع أمامها الفرص المجزية التي يمكن أن تتلقاها من قبل شركات أخرى لشراء تلك العقارات بأسعار مغرية.

وأضاف العقاريون، أنه في حال اتخذت الشركات التي لديها عقود رهن مع البنوك خطوات إبطال عقودها، سوف ينتج عنها أحد الأمرين، إما أنه يتم الاتفاق على إعادة هيكلة المديونية بين الطرفين وتعديل العقود بحيث تتناسب مع أحكام وشروط حكم التمييز، وأن يكون الرهن أعلى من المديونية بنسب معقولة، بالتالي سوف تحصل الشركات على سيولة مقابل أصولها المرهونة سابقاً.

أما الأمر الآخر، فهو تحرير الأصول والعقارات، كما حصل في هذه الحالة، بالتالي سوف ينعكس ذلك السوق العقاري المحلي بزيادة  المعروض من العقارات والأراضي، وستصبح هناك وفرة ستؤثر على الأسعار.

العقود المبرمة

وتؤكد مصادر مصرفية، أن نسبة كبيرة من عقود الرهن المبرمة بين البنوك والشركات سليمة وخالية من المخالفات، أما بالنسبة للعقود المخالفة فالبنوك مجبرة على تعديل العقود وتوفيق الأوضاع مع العميل، لئلا تتعرض للحكم نفسه.

وفي ما يخص توجة المصارف خلال الفترة المقبلة، قالت المصادر، إن البنوك تمتلك سيولة عالية، وهي بحاجة إلى توظيفها، فالمتوقع أن تتجة البنوك إلى وضع سياسات أكثر مرونة في موضوع تجميد الضمانات طالما أن العميل لم يتعثر في السداد.

وكما ذكرنا في بداية التقرير، فإن تأثيرات الحكم ستطول وزارة العدل وإداراتها التابعة لها، حيث ستعمل الوزارة على مراجعة العقود التي لم توثق من قبلها إلى الآن، وسوف تعيد حساباتها لئلا تتعرض العقود مستقبلاً للطعون، بالإضافة إلى أن رفع القضايا لبطلان عقود الرهن ترهق النظام القضائي فهي بحاجة إلى مراجعة وتدقيق.