في الوقت الذي نص فيه قانون إنشاء محكمة الأسرة على إنشاء مبان خاصة تتناسب مع طبيعة القضايا الخاصة بمحاكم الأسرة تأتي وزارة العدل وتخصص ممرا في قصر العدل يفصل ثلاث قاعات فيها بالدور الثاني وقاعتين في محكمة حولي، لتعلن لنا أن تلك الممرات تمثل محاكم الأسرة التي جاء تنظيمها وفق قانون محكمة الاسرة الذي سيدخل إلى حيز التنفيذ 22 مارس المقبل.

Ad

المصيبة ليست فقط في المباني التي عجزت وزارة العدل عن توفيرها حتى الآن لضيق الوقت المتبقي ولعدم قدرتها أساسا على توفير كل المتطلبات اللازمة لتنفيذ القانون، خصوصا في ظل الروتين الحكومي القاتل الذي تعيشه الجهات المعنية بالتنفيذ بين وزارتي العدل والمالية المعنية بتوفير الميزانية اللازمة لتنفيذ القانون، بل المصيية كذلك في عدم توفير الوزارة للأجهزة المعنية بتنفيذ القانون من قضاة وإدارات توثيق بشقيها العادي والجعفري والاستشارات الأسرية والتنفيذ والكوادر التي ستنفذ القانون، خصوصا أنه لم يتبق على انطلاق تنفيذ القانون إلا أقل من شهر ونصف.

كنت أحذر في السابق من استعانة وزارة العدل بالحلول الترقيعية لتنفيذ القانون وإخراجه على نحو مشوه يفقد الغاية التي من أجلها أصدر المشرع هذا القانون، واليوم تعمل الوزارة على بذل كل صور التشويه له، فلا استعدادات على أرض الواقع، ولا إدارات ولا مبان ولا قضاة ولا قطاعات تنفيذية تنبئ عن جاهزية وزارة العدل لقانون محكمة الاسرة، سوى حواجز وضعتها الوزارة في عدد من المحاكم الجزئية فقط!

خطورة تجاهل وزارة العدل تنفيذ قانون محكمة الاسرة وتجاهلها لعنصر الوقت تكمن في الاثار التي سيسببها ذلك التجاهل على المتقاضين وعلى القضايا المنظورة في المحاكم سواء الأسرية أو المستعجلة أو المدنية أو حتى التي قررها القانون بالسماح للمواطنين باللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية لاستصدار أوامر على عرائض في مسائل النفقات والرؤية والحضانة والولاية وغيرها من المسائل، علاوة على ان قانون الاسرة فور تطبيقه يمنع جدول المحكمة من قيد اية قضايا تتعلق بالطلاق للضرر أو حتى التفريق بين الزوجين إلا بعد انتهاء إدارة الاستشارات الاسرية من الاطلاع على الحالة وإعداد تقرير بشأنها، وإذا لم تتوزع إدارة الاستشارات بأفرع لها بكل محافظة من المحافظات فكيف للافراد أن يلجأوا أمامها، إذا لم يكن هناك اختصاص مكاني لنظر المسائل المتعلقة بين المتقاضين في المحافظات التابعة لهم.

تجاهل وزارة العدل للفترة المتبقية لتنفيذ القانون ينبئ بخطورة على القضايا المتداولة اليوم أمام المحاكم، والتي هي بموجب القانون ملزمة بإحالتها إلى محاكم الأسرة لنظرها عبر مختلف دوائرها التي من المفترض أن تكون مشكلة لتلقّي تلك الاحالات، فكيف ذلك وحتى اليوم لم تشكل الدوائر التابعة لمحكمة الاسرة، ولم تنشأ بقية الدوائر الاخرى كالمستعجل والمدني والأوامر الوقتية؟!