أكّد أسامة الخطيب، مدير {ريماس} المنتجة لفيلم {اللي اختشوا ماتوا}، أن دخول الشركة مجال الإنتاج السينمائي كان بهدف التنوير والمشاركة في زيادة وعي الجمهور المجتمعي في هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر، ذلك من خلال السينما وتقديم أعمال ذات قيمة فنية عالية تبقى في الذاكرة بعيداً عن الأفلام التجارية. وعن تجربته الأولى، أكّد الخطيب أنه لم يواجه أية معوقات بشكل فردي بل واجه مشاكل الصناعة نفسها من ارتفاع أجور النجوم بشكل مبالغ فيه، وصعوبة الحصول على تراخيص التصوير في بعض الأماكن، مع غياب المنظومة التي يعمل من خلالها السينمائيون، وغياب جهة أو كيان مسؤول عن الصناعة يمكن اللجوء إليه في أية مشكلة أو نزاع مع أي طرف من الوسط السينمائي، لأن الكيانات كافة المنوطة بذلك تحكمها الشللية والعلاقات الخاصة. وأضاف أن ما ذكره البعض عن حروب أو معوقات متعمدة ضده، ما هي إلا أدوات المنافسة في الصناعة، كما في أي مجال.
وعن تكرار التجربة، أكّد أنه سيقوم بذلك فعلاً ولكن مع الأخذ في الاعتبار سلبيات التجربة الأولى التي لم تحقق النجاح المرجو لأنه اعتمد أو وثق في رأي الأكثر خبرة (الصانعون)، {رغم تحفظنا على مستوى العمل من البداية وعلى الاعتماد على الشكل التجاري أكثر من مستوى العمل الفني}، لهذا سيبحث عن أدوات أخرى وأشخاص أكثر ثقة يخوض معهم التجربة الثانية. من جانبه، أكّد أيمن يوسف منتج فيلم {فص ملح وداخ} أنه خاض تجربة الإنتاج السينمائي لتقديم عمل فني يُسعد الجمهور من دون خدش الحياء أو الإسفاف، ما جعله يختار فيلماً كوميدياً راقياً للأسرة المصرية. ولكن يبدو أن الكبار في الصناعة كان لهم رأي آخر ورفضوا دخول منتج جديد بينهم. وأضاف يوسف: {عند التعاقد مع الموزع حاولنا اختيار توقيت عرض مناسب للفيلم وتم تغييره أكثر من مرة بعد علمنا بموعد نزول أفلام مثل {نوارة}، {حسن وبقلظ}، {كنغر حبنا}، وتم الاستقرار مع الموزع على موعد يناسبنا ولكني فوجئت بإطلاق أربعة أفلام معي على عكس الاتفاق، ثم بعد ذلك رُفع عملنا من الدور لصالح أحد تلك الأفلام لأن المنتج هو صاحب الصالات}. وتابع: {إذا كانت للمسيطرين على السينما رغبة في عدم دخول منتج جديد بينهم، عليهم إعلان ذلك صراحة حتى نذهب للعمل في مجال آخر بدلا من خوض التجربة وخسارة الملايين}. تفاؤل الناقد طارق الشناوي يرى أن دخول منتجين جُدد إلى الصناعة أمر يدعو إلى التفاؤل لأنه دليل استقرار وثبات، ويشجع أصحاب رؤوس المال للمساهمة في هذه الصناعة، وأية زيادة في رأس المال مهما كان مستوى العمل تُعتبر إضافة جيدة إلى الصناعة.وأضاف الشناوي أن {كلام بعضهم عن أنه تعرّض للمعوقات والحروب من بعض المنتجين الكبار ادعاء باطل، لأن الفيلم الجيد يفرض نفسه على الجميع إذ يُحقق الربح لكل العاملين في الصناعة، إما الفيلم السيئ فلن يقف بجواره أحد، والمنتجون الذين أدعوا هذه الحروب هم أصحاب أضعف أفلام في الموسم مثل {فص ملح و داخ} و{اللي اختشوا ماتوا}، وهو ما حدث في العام الماضي مع {كرم الكنغ}، فقد كان المنتج يخوض التجربة الأولى له وبعد فشلها أدعى أن الحروب هي السبب وليس ضعف مستوى الفيلم}.وأوضح أيضاً أن هذا الأمر لا يعني عدم وجود حروب ومصالح داخل الصناعة، لأنها تُعاني فعلاً الاحتكار وسيطرة مصالح عدد مُحدد من المنتجين، ولكن لا ينكر أحد أن الفيلم الجيد يُقلل من فرص محاربته.ورأى المخرج محمد حمدي أن دخول منتجين جُدد إلى السينما أمر طبيعي وتكرر كثيراً، ولا يكاد يمرّ موسم إلا ويدخله منتج أو اثنان يخوضون تجربتهم الأولى ثم يختفون ولا يبقى إلا أبناء الصناعة، والدليل أن لكل المنتجين اليوم خبرة طويلة في مجال الإنتاج السينمائي، وكل من خاض التجربة للمرة الأولى في الـ10 سنوات الأخيرة غير موجود.وأضاف حمدي: {على غرفة صناعة السينما وضع شروط أو قانون يُقنن دخول أصحاب رؤوس المال غير المتخصصين إلى السينما، ولكن بعد هيكلة الغرفة نفسها. أما الصعوبات فهي مشاكل خاصة بالصناعة وأمر معتاد على أبنائها، ولأن المنتجين الجُدد من غير الخبراء في المجال ولم يستعينوا بمن لديه الخبرة فوجئوا بالمعوقات وأخفقوا في التعامل معها، إذ اعتقدوا أن الشغل في السينما أمر سهل وبسيط ومربح}.بالنسبة إلى الحروب، أكّد حمدي أن المنافسة تحتدم في سوق مفتوح، وعلى كل من قرر الدخول إليه أن يعرف قواعد اللعبة ويتعامل معها أو ينسحب.بدوره، يرى الناقد نادر عدلي أن {دخول منتجين جُدد إلى السينما أمر ليس بجديد، بل بدأ منذ الحرب العالمية الثانية، إذ يدخل أصحاب رؤوس الأموال فيقدمون عملاً أو اثنين ثم يختفون وهكذا. يقول البعض إن لتبييض الأموال علاقة بذلك، ويرى البعض الآخر أن هذه الصناعة مصدر شهرة ودعاية لأنشطة صاحب رأس المال الرئيسة أو وجاهة اجتماعية وعلاقات مع صفوة المجتمع}.وتابع عدلي أن الحروب فعلاً قائمة ضد أي منتج جديد، لأن الكبار لن يسمحوا بوجود كبار جدد أو غيرهم. والاحتكار جعل صناعة السينما مغلقة على عدد من المنتجين المحدودين، وهم فقط من تفتح دور العرض شاشاتها لهم، وغير ذلك من فرص تكون للفيلم الأجنبي، ولا مكان لأي منتج أو عمل جديد.مجال مغرٍفي السياق نفسه، أكّد المنتج هاني جرجس فوزي أن {العمل في السينما مغر، وكثيراً ما دخل منتج إلى السينما وخاض تجربة الإنتاج مرة أو مرات قليلة ثم انصرف عن السينما، لأنها ليست كما تخيلها سهلة وسريعة المكسب من دون جهد أو عناء، وعندما يواجه أية مشاكل أو معوقات يتخيّل أنها موجهة ضده لإخراجه من السوق، والحقيقة أن أي موزع أو صاحب دور عرض يهمه المكسب بالدرجة الأولى من أي فيلم}.وأضاف جرجس أن الحروب (أو صراع المصالح) موجودة فعلاً في هذا المجال، وهو أمر طبيعي في أية صناعة يحكمها رأس المال والمكسب، خصوصاً مع غياب الدولة. بدورها، أكدت الناقدة ماجدة خير الله أن للعلاقات الشخصية دوراً كبيراً في دخول المنتج إلى مجال الإنتاج السينمائي، حيث يكون على علاقة شخصية بفنان يشجعه على خوض التجربة. وأضافت أن هذا الأمر تكرر كثيراً في تاريخ السينما، ولكن هذا النوع من المنتجين نادراً ما يستمر في مجال السينما.وعن تجربة هذا الموسم، أكّدت أن {تحقيق النجاح هو العامل الرئيس في استمرار المنتجين من عدمه، ومعظم هذه التجارب كان غير موفق ولكننا نأمل أن يستمر المنتجون الجدد لأن ذلك يصبّ في مصلحة الصناعة كلها}.وعن الإدعاء بوجود معوقات أو تعارض مصالح، أوضحت خير الله أن {ما تعرض له هؤلاء المنتجون يواجهه كل من يعمل في المجال السينمائي، ولكنهم لم يعتادوا ذلك بعد. وأضافت أن معظم التجارب الناجحة والمختلفة في السينما كان من خلال هذه النوعية من التجارب الفردية والدليل أن {نوارة} حالة فنية مختلفة من إنتاج منتج غير متخصص يدخل السينما للمرة الأولى، بينما كبار المنتجين الذين دخلوا المجال من عشرات السنين يقدمون أعمالاً وموضوعات نمطية لأنها مضمونة النجاح}.
توابل - سيما
منتجون سينمائيون جُدد... دليل استقرار أم بحث عن الربح؟
20-05-2016