فجر يوم جديد : رصاصة «القلا»!
طفح الكيل بالمنتج حسين القلا، فالرجل الذي عُرف بالدبلوماسية، والمجاملة، خرج عن طوره، وراح يُعيد ما قلناه مراراً وتكراراً عن أزمة السينما المصرية، ولم يتحرج عن إطلاق سهمه الناجع في اتجاه «أم الكوارث» المسماة «غرفة صناعة السينما»!أخيراً، خرج من بين السينمائيين، وليس الصحافيين والنقاد كما جرت العادة، من يُشخص أزمة صناعة السينما المصرية بالطريقة الصائبة التي تجعله يقول بجرأة ومن دون مواربة إن «غرفة صناعة السينما» تتحمل مسؤولية الخلل الحاصل، وينادي، في ما يشبه الانقلاب عليها، بتأسيس «اتحاد للمنتجين المصريين»، كسائر بلاد العالم التي تنتج السينما، يحدد بدقة ماهية المنتج ووظيفته، ويؤكد مجدداً أن السينما «فن وصناعة وتجارة»، وليست كما أراد البعض إيهامنا «تجارة وصناعة وفن»!«القلا» المنتج الفلسطيني الأصل، الذي عشق مصر، وذاب في ترابها، وأنفق ماله على دفع عجلة صناعة سينماها، بأفلام تحولت إلى أيقونات، مثل: «الكيت كات»، «زوجة رجل مهم» و{أرض الخوف»... وغيرها، كتب في اليومية المصرية «المقال» يدعو إلى تأسيس «اتحاد للمنتجين المصريين»، وقال: «هو ليس اختراعاً، وليس اقتراحاً يطرح لأول مرة فقد سبق أن طرح ونوقش في ثمانينيات القرن الماضي»!
بقلب ملتاع تأخذه الشفقة حيال ما وصلت إليه أحوال صناعة السينما المصرية، في الأعوام الأخيرة، يبدأ «القلا» مقاله بأنه «آن الأوان أن تقال كلمات صدق بحق هذه الصناعة العريقة، التي تعتبر، وبحق تاريخها الطويل، إحدى أهم أدوات التعبير عن وجدان الشعب المصري، وأحد أهم العوامل التي شكلت القوة الناعمة لمصر، وشعبها العظيم». ويواصل: «بالرغم من أني في قلب هذه الصناعة منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً فإني أعتبر نفسي أني أراها وقادراً على رؤيتها من خارجها، فلا أنا الأكاديمي الذي درسها في معاهدها ولا أنا ورثت العمل فيها من أحد السابقين، كما هي حال الكثير من زملائي أصحاب شركات سينمائية مصرية وعريقة».لا يرى «القلا» أن أزمة السينما المصرية تكمن في عنصرها البشري، فهو متوافر بالفعل، ولا في التمويل، إذ لا يمثل عائقاً، وليست أيضاً في التشريعات والقوانين المنظمة للصناعة فهي كثيرة، وإن كانت تحتاج إلى تطوير أو إضافة، لكن ثمة حاجة إلى فهم مختلف، كما يقول، لدور، ووظيفة، وطبيعة عمل غرفة صناعة السينما، التي يؤكد «القلا» أن علينا البحث عن الخلل في الكيان القانوني الذي وجدت «غرفة صناعة السينما» على أساسه، وإثبات عملها، وصولاً إلى الوضع المخل لقيادة هذه الصناعة، وانتشالها من مشكلاتها المزمنة. فالغرفة، كما برهن «القلا»، يبدأ عملها، حسبما يقول القانون، بعد صناعة الفيلم نفسه، وليس قبله كما تقتضي الحال، وفي حين كان من المفترض أن تتشكل الغرفة من «ممثلين لمنتجين وموزعين وأصحاب دور عرض، وممثل عن معامل الطبع والتحميض، التي تجاوزتها التقنيات الحديثة في مرحلة ما بعد التصوير، بالإضافة إلى أعضاء يعينهم وزير الثقافة» فإن هذا التشكيل، كما يقول «القلا»، لم يعد صالحاً اليوم، ونكأ الجرح بقوله: «أعضاء مجلس إدارة الغرفة اليوم، ومنذ سنوات، يحمل بعضهم أكثر من صفة، ففيهم المنتج الموزع والمنتج صاحب دور العرض وربما الثلاثة معاً، ناهيك وهو الأهم بأن هذا الكيان القانوني بمهامه المحددة في قرار إنشائه لا علاقة له بالمراحل التي تسبق صناعة الفيلم السينمائي»!«المسؤول الأول والأخير عن صناعة الفيلم السينمائي هو المنتج الذي يحمل الفيلم اسمه بعد أن اكتملت لديه كل العناصر المشاركة في العملية الإنتاجية»، ومن ثم يصل «القلا» إلى مربط الفرس مع بلورة دعوته، التي يُطالب فيها بضرورة تأسيس كيان منفصل عن غرفة صناعة السينما يتمثل في «اتحاد للمنتحين المصريين» يتولى: 1) تحديد ماهية وكينونة المنتج كمهنة ملتصقة بمن يمارسها، وبأن السينما هي فن أولاً ثم صناعة وتجارة، 2) إلغاء الوضع القائم الذي لا يفرق بين الممول وصاحب المال ومنتج الفيلم المحترف مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الظروف تقتضي أن يكون الممول والمنتج جهة واحدة، 3) من حق أي صاحب رأسمال مصري أو عربي يرى في صناعة السينما المصرية إنتاجاً أو امتلاكاً لدور العرض أو توزيعاً للأفلام أن يستثمر أمواله في هذه الصناعة (نسي «القلا» أن يقول: لكن ليس من حقه أن يُصبح عضواً بمجلس الإدارة في حال الجمع بين كل هذه المهام)! الأمر الواضح أن «غرفة صناعة السينما» لا تشغل بالها بمثل هذه الدعاوى، بحجة أن السماح بقيام مثل هذه الكيانات يحتاج إلى موافقة البرلمان وإلى جلسات ومناقشات وإلى أن يحدث هذا ففي «بطنها بطيخة صيفي»!