رغم صعوبة تعريفه وقياسه... الحدس عنصر حاسم في عالم الأعمال

نشر في 23-04-2016
آخر تحديث 23-04-2016 | 00:00
No Image Caption
تعتبر الأدوات المتاحة حالياً لقياس الحدس غير كافية على وجه التحديد- كما أنها غير قادرة على القيام بهذه المهمة. ولا يمكن قياس الحدس بطرق القياس الدارجة، وهو ليس شيئا يمكن قياسه بالصور والأرقام.
يمثل الحدس أو الشعور sentiment بأن شيئا ما سيحدث أو أن متغيرا معينا قد يزيد أو يقل أمرا محيرا في العمل التجاري، فهو ادراك يصعب تعريفه، كما يصعب بقدر أكبر قياسه. وفي عالم الغرب الشرس والعنيف، حيث ينشط رواد الأعمال يجلس المفكرون والمحللون في المقاعد الخلفية. ويتم الاعراب عن الشعور بصورة عامة من خلال توقع أمر ما، أو عبر فكرة أو حكم نابع من هذا الشعور.

وتعتبر الأدوات المتاحة حاليا لقياس الحدس غير كافية على وجه التحديد- كما أنها غير قادرة على القيام بهذه المهمة. ولا يمكن قياس الحدس بطرق القياس الدارجة، وهو ليس شيئا يمكن قياسه بالصور والأرقام، لأنه يعتمد على الحدس. ورواد الأعمال نزاعون الى الحدس بطبيعتهم، ونحن نشبه الرياضيين من حيث أننا نرمي الكرة من دون أن ننظر ونعلم ان لاعباً آخر سيلتقطها ويمضي بها الى هدفنا المشترك.

ونحن نتحرك بصورة عفوية مثل روح محارب. وبمجرد أن نتقدم نحو شيء ما نحن نتحقق من الوضع بعقولنا وتمثل أدمغتنا ببساطة أداة لا تقل أهمية على وجه التقريب عن رئتينا وأيدينا وأقدامنا، وقد يظن الأكاديميون أن حياتهم بعيدة ولكن رواد الأعمال يتعلمون ويكتسبون الحكمة عن طريق المشاركة في اللعبة.

ومن خلال السياسة لا يقدم فريقنا في تنمية الانتاج في شركتنا (فيشبول) على خطوة الى أن يتولد حدس من خلفها، مثل نار حامية في المعدة تقودنا الى الحياة. وعندما نطرح نسخة من منتج جديد نضع أحد العملاء في دائرة الضوء ونراقبه مثل برق صاعق. ثم نراقب وننتظر حدسه. هل نجحت تلك الخطوة؟

من جانب آخر، اكتشفنا أن الحدس، ينطوي على أهمية بالنسبة الى رواد الأعمال يتمثل في القدرة على تقييم مشاعر موظفينا. كيف يشعرون؟ وهل نشهد مناطق كافية من الدعم والثقة؟ وإذا عززنا فريقنا فهو واثق ويملك الطاقة للانطلاق لبلوغ عملائنا. إنها رقصة حساسة تصبح مثل براعة فائقة اذا عملت لأجلها فترة كافية، وكنت حريصاً على عدم طرح خطوات لا يعرفها الفريق.

قد تكشف التقييمات الصحيحة مهارات خفية وذات صلة الى حد كبير. وعلى سبيل المثال فإن رئيس التنمية لدينا رجل اطفاء ماهر يعرف تماماً كيف يتصرف في حالات الطوارئ. وكبير مسؤولي التشغيل هو أحد المحامين من تكساس يستطيع تقييم الصورة الكبيرة بهدوء لا يعرفه الا من نشأ في تلك الولاية. والمشاعر هي حدود غير مرسومة من أجل تنمية الناس والجماعات.

في أغلب الأحيان يستخدم رواد الأعمال دراسات تقيس مشاعر العملاء ولكن معظمهم يوافق على أن المشاعر الحالية يشوبها الخطأ بشكل أساسي. والأسئلة مثل "كيف تود أن تظل مع هذا البائع؟ أو الى أي مدى تنصح الآخرين بالتعامل معه؟ هذه تشكل بالتأكيد عناصر مفيدة ومساعدة في المعلومات المتعلقة بمدى رضا العملاء عن خدماتك.

ولكن كيف يشعر عملاؤك وموظفوك حقاً إزاء عروضك أو ثقافتك؟ هل يتملكهم الخوف؟ أو السرور؟ أو التضارب والتأرجح؟ وهل يشعرون بسعادة كافية للبقاء معك اليوم ولكنهم غير متأكدين من ذلك في الغد؟ والحصيلة هي أن الشركات تنسى في أغلب الأحيان أننا عندما نقوم بقياس مشاعرهم فإنهم يقومون أيضاً بقياس مشاعرنا. والمشاعر هي قطعاً طريق من اتجاهين، وينسحب ذلك على الموظفين والأصدقاء أيضاً.

والسؤال هو: هل نريد حقاً أن نعرف كيف يشعر أحدهم أم أننا نحاول فقط التوصل الى طرق من أجل جعل الآخرين يقومون بما نريد منهم القيام به؟ وطبعاً نحن نريد أن يحبنا عملاؤنا ولكن قد يكون ما هو أكثر أهمية أن علينا العمل من أجل بلوغ سبل تفضي الى الاحترام. والعميل الذي يشعر باحترام نحو مؤسسة يبقى معها طوال حياته.

5 مجموعات

ويشير جون هارينغتون في مقالة في بي.آر.ويك الى مدى صعوبة عمل محلل المشاعر، عندما يطلب في اختبار تحليلاً للمشاعر من خمس وكالات علاقات عامة حول مناسبة رياضية. وقد انسحبت 3 من أصل 5 مجموعات قبل بدء الاستطلاع وأشارت الى صعوبة التمييز بين التهكم والغموض. والتعليق الذي يقول "لم تكن رائعة" قد يعني العديد من الأشياء التي لا يمكن أن يصل اليها استطلاع مشاعر نموذجي. ونحن نستطيع التقدم بشكل أفضل في هذا العمل. وعلى الأرجح فإن أدوات التقييم الأكثر فعالية من أجل قياس المشاعر ستظهر. وفي غضون ذلك، يتعين علينا أن نتمكن من طرح السؤال بصورة أكثر تحديداً كيف يشعر عملاؤنا ازاء الأجوبة التي نتلقاها. وتتطور الوظائف والأشخاص في كل يوم. وكيف كان شعورنا يوم أمس قد يتغير اليوم. وما تناولناه على الفطور قد يغير مشاعرنا. كما أن الحلقة الضعيفة قد تنشر السلبية. ولا يمكن تصنيف البشر احصائياً. وعلى أي حال، في وسعنا أن نتذكر أن نسأل الناس على أساس عن مشاعرهم. وبقدر كبير من البساطة ان معظم القادة يفقدون الفرصة الماثلة أمامهم تماماً. كما أن من الأهمية بمكان أن نتذكر ضرورة عدم طرح سؤال بطريقة تنطوي على تلاعب في الأجوبة التي نريدها.

ونحن نريد طبعاً الإجابة بنعم عندما نسأل ما اذا كان العملاء سعداء بخدماتنا. ولكن يتعين علينا أيضاً طرح أسئلة بحث تجعل من الواضح أننا نصغي الى أجوبتهم وأننا نريد حقاً معرفة رأيهم حول أحد المواضيع.

و"كيف هو شعورك ازاء هذا البرنامج ؟"، هو سؤال يمكن أن يبرز العديد من الوجوه في اجابات عملائك. و"رائع " و"ليس سيئاً".

فرص جديدة

وتكشف معظم أدوات الاستطلاع جزءا صغيرا فقط من الأحجية، لأن الموظفين تدربوا على الرد "بصورة ملائمة" مع سعيهم الى فرص جديدة وتحقيق نمو مهني. وينطبق الشيء نفسه على بناء علاقات ثقة مع الموظفين. ويتعين أن نتعلم طرح أسئلة حول "الشعور" بدلاً من اختزال العواطف الانسانية الى مجرد أرقام بسيطة. وتتمثل العناوين المهمة التي تريد معرفتها في "لست متأكداً بعد من مشاعري "والمسألة معقدة".

وأخيراً، يتعين على رواد الأعمال أن يتعلموا طرح السؤال الأكثر أهمية "اذا كانت هذه الشركة أو هذا المنتج يلبي أقصى توقعاتك كيف يبدو لك ذلك؟ هل تستطيع وصف ذلك لي ؟".

في شركتك قد يحضر الناس الى العمل وهم يحملون مثلا أمزجة مختلفة وأفكارا متباينة وشخوصا متباعدة. وقد يكون البعض مفرطاً في التفاؤل والبعض الآخر قاسياً، كما أن التقييمات الدقيقة يمكن أن تسمح للقادة بالنظر الى ما وراء المظهر الخارجي والتركيز على الجوهر الذي يمس المشاعر والتي يمكن اكتشافها عبر طرح مثل هذا الأسئلة:

• لماذا نصنع هذا المنتج الجديد؟

• لم نظن أنه سيساعد الناس والشركات؟

الأسئلة الصادقة والمحترمة والمباشرة تحصد أجوبة مماثلة. والمشاعر هي واحدة من أكثر الجوانب أهمية والأقل فهماً للشوارع ذات الاتجاهين بالنسبة الى رواد الأعمال. وهذا الجهد وحده يمكن أن يفصل شركتك عن كل الشركات الاخرى اذا استطعت انجازه بطريقة جيدة.

* ديفيد وليامز

back to top