إنه موسم الاجتماعات العامة السنوية للشركات العامة في مختلف أنحاء العالم، ووفقاً لما كان عليه الحال في السنوات السابقة، كانت قضية واحدة كافية لنقل أخبار الشركات من قسم الأعمال إلى الصفحة الأولى بالصحف، وهي قضية رواتب المسؤولين التنفيذيين. تواصل الشركات إعلان حزم التعويضات التي تقدمها إلى كبار مديريها، والتي تصيب الناس بالدهشة، ليس فقط لأن الفجوة بين أعلى العاملين في الشركات وأدناهم أجرا أصبحت شديدة الاتساع، بل أيضاً لأن التعويضات لا ترتبط بأداء الشركات إلا قليلاً.
ومع ذلك، بدأت حملة مضادة متضافرة، بقيادة مجموعة ربما يتعين على الشركات ومجالس إداراتها أن توليها اهتماما حقيقيا، تتألف من أكبر المستثمرين وأكثرهم نفوذا في الشركات، إذ تصرح صناديق التحوط، والتقاعد، والثروة السيادية بأنها تدرس عن كثب أجور كبار المسؤولين التنفيذيين، وأن الوقت حان للتعامل مع قضية الإصلاح بجدية.وقد ذَكَر صندوق الثروة السيادية في النرويج، والذي تبلغ قيمته 870 مليار دولار أنه يعكف على دراسة هياكل الأجور، وكانت شركتا أبردين، ورويال لندن لإدارة الأصول بين مجموعة من المساهمين الذين اعترضوا بقوة على الزيادة التي اقترحتها شركة بريتيش بتروليوم بنسبة 20 في المئة في حزمة تعويضات الرئيس التنفيذي بوب دودلي في عام، حيث سجلت الشركة خسائر غير مسبوقة، وانضموا إلى 59 في المئة من المستثمرين في رفض الحزمة، ورغم أن تصويت "بريتيش بتروليوم" لم يكن ملزماً، فإن الرسالة كانت واضحة للشركة ومجلس إدارتها.على نحو مماثل، عارض 54 في المئة من المساهمين في شركة رينو، وبينهم الحكومة الفرنسية، حزمة مكافأة الرئيس التنفيذي كارلوس غصن بقيمة 25 مليون يورو في اجتماع الجمعية العامة السنوي في إبريل، ولم يكن التصويت ملزماً أيضاً، واختار مجلس الإدارة تجاهله.ولكن لم يعد ممكناً تبرير تجاهل مشاعر المساهمين، فقد انتشر السخط في مختلف القطاعات من القطاع المصرفي، حيث تتعالى الأصوات المنادية بالمراجعة في بنك "لويدز"، إلى وسائل الإعلام والإعلان، مع الاحتجاج مرة أخرى بشأن الأجر المقدم لمارتن سوريل رئيس شركة دبليو بي بي للإعلان؛ والواقع أن آخر حزمة حصل عليها، بقيمة 70.4 مليون إسترليني، تجعله الرئيس التنفيذي الأعلى أجراً في المملكة المتحدة.وفي الاجتماع العام السنوي في بيركشاير في أبريل، دعا وارين بافيت إلى خطط تعويض تتلاءم مع احتياجات قطاع الأعمال، لا العكس، ويحدث هذا عندما "يعمل رئيس تنفيذي شديد الجشع على تصميم سلسلة هرمية تجعل مجموعة كاملة من أشخاص آخرين على طول الطريق يحصلون على أجور مفرطة... حتى لا يبدو الأمر وكأنه الوحيد في مثل ترتيبات التعويض الرائعة هذه التي رتبها لنفسه".يتمثل جزء من القضية في أن حزم تعويضات المسؤولين التنفيذيين أصبحت شديدة التعقيد، فقد ولت الأيام حينما كان كبار المسؤولين التنفيذيين يقومون بوظيفتهم فيحصلون على الأجر، وبات الأمر وكأن لجان التعويض تتبع تعليمات صن تسو في "فن الحرب"، "فالسر بالكامل يكمن في إرباك العدو، حتى يصبح عاجزا عن فهم نوايانا الحقيقية"، والواقع أن تفسيرات حسابات التعويض والأجور والمكافآت قد تشغل صفحات طويلة، ولا يستطيع أعضاء مجلس الإدارة من خارج لجنة التعويضات أن يكشفوا عنها.من المؤكد فضلا عن ذلك أن أهداف المكافآت معيبة جوهريا، فالأسواق مشحونة "بالمجهولات"، ولا تعرف مجالس الإدارة غالبا ما الذي يجب أن يحدث لاحقا، وهذا يعني تحديد أهداف تستند إلى الماضي أو المكافأة المفترضة في المستقبل لمكافأة ما نتصوره حاليا وليس الأداء الحقيقي، وعندما يكون الأجر مدفوعا بالتزام صارم بأهداف تم تحديدها قبل 12 شهرا، ينظر المسؤولون التنفيذيون إلى الوراء بدلا من التركيز على الحاضر وعلى ما يأتي، وينبغي للتعويض أن يعكس ما إذا كان المسؤول التنفيذي انتصر في كل المعارك ولكنه خسر الحرب.ولكن تجنب ما يمكن تسميته "مفارقة دودلي"، حيث يحصل الرئيس التنفيذي على مكافأة ضخمة لتحقيق الأهداف، حتى عندما تعاني الشركة خسائر كبيرة فإن ذلك يستلزم توقف مجالس الإدارات عن تفويض مناقشة الأجر بالكامل للجنة التعويضات وانتظار وصول القرارات، وهي مقيدة بحكم الأمر الواقع، وينبغي لمجلس الإدارة بالكامل أن يراجع عمليات الشركة واستراتيجيتها بكل دقة؛ وآنذاك فقط ينبغي للجنة التعويض أن تشرع في إنشاء برنامج لتحديد التعويضات.ومن المهم أن نستعين بمثل هذا البرنامج عند تعيين رئيس تنفيذي أو أحد كبار المسؤولين التنفيذيين، وفي وقت يتسم بقدر كبير من الأمل والرغبة في اجتذاب المرشح، قد يؤدي اليأس أو الحماس إلى إصدار أحكام هزيلة وحزم رديئة الصياغة، والتي بمجرد التفاوض عليها تصبح غير خاضعة لتصويت المساهمين، ومن الأمثلة المهمة على ذلك عندما فصلت شركة ياهو هنريك دي كاسترو عام 2014، وبعد 15 شهرا فقط من شغله منصب كبير مديري الشركة، رحل دي كاسترو وهو يحمل معه 109 ملايين دولار.وأخيرا، لابد أن يُظهِر المسؤولون التنفيذيون الزعامة الحقيقية في الكيفية التي يديرون بها المفاوضات حول تعويضاتهم، فإذا كانوا مسؤولين عن كل الجوانب في الشركة، فلا يجوز لهم أن يتخلوا عن المسؤولية باتخاذ موقف "أنا أستحق ذلك" عندما تصبح الأخبار عن تعويضاتهم الضخمة علنية، ومن الأهمية بمكان أن يدركوا أنه لا يوجد قانون يلزمهم بأخذ ما يمكنهم الحصول عليه، فيمكنهم أن يحققوا الأهداف ويكتسبوا الأجر، ولكن ينبغي لهم أن ينظروا إلى نتائج الشركة وأن يختاروا تعديل الإجمالي وفقاً لذلك، ويتعين على المسؤولين التنفيذيين أن يتحدثوا عن أعمال الشركة مع العاملين لديهم والمستثمرين والعالم الأوسع، لا أن يحصروا أنفسهم في الاجتماعات العامة السنوية للدفاع عن رواتب الفريق التنفيذي.لن تتوقف الثورة ضد حزم الأجور الكبيرة، وتشير كل الحالات الواردة في التقارير إلى أن الكثير لا يزال يختمر تحت سطح التدقيق العام، وما لم تعالج الشركات بشكل مباشر التعبير الصامت عن الضيق بين أعضاء مجالس الإدارة والتذمر في أوساط المستثمرين، فسوف تجد نفسها على الصفحات الأولى قريبا.لوسي ماركوس | Lucy P. Marcus* الرئيسة التنفيذية لشركة ماركوس للاستشارات الاستثمارية"بروجيكت سنديكيت" بالاتفاق مع "الجريدة".
مقالات
ماذا يعيب تعويضات المسؤولين التنفيذيين؟
20-05-2016