تحدّث رجل مسنّ إلى حفيده قائلاً: {في كلّ شخص منّا ذئبان في حالة حرب دائمة. أحدهما صالح، يمثّل العطف والشجاعة والحب. أما الآخر فسيئ جداً ويمثّل الجشع والكراهية والخوف}.

أخذ الحفيد يفكّر بكلام جدّه لبعض الوقت، ثم سأله: {أيّهما يربح يا جدّي؟}.

Ad

فأجابه جدّه بهدوء: {الذئب الذي تغذّيه}.

اعتُمدت هذه النسخة من نشرة اسمها {الذي تغذّيه}.

لدى كلّ شخص منّا أمر يتمنّى لو لم يكن موجوداً. لا أعني بذلك المرّة التي تعثّرت فيها أمام الفتاة التي كنت معجباً بها أيام المرحلة الثانوية في المدرسة. بل أعني صفات وسلوكيات تؤذيك وتؤذي غيرك من الناس، مثل العصبيّة والكبرياء والغيرة والسخرية والانتقام والاستياء والعنف ونفاد الصبر والأنانية... إلخ.

قد تتجسّد هذه الرذائل بطرائق عدة، ولكن في حين أن الأعذار لا تُعدّ ولا تُحصى، ما من عذر يبرر معاملتنا السيئة للأشخاص الذين نحبّهم. نحاول أن نكون أفضل، ولكن يصعب التخلّص من العادات السيئة.

لعلّ أفضل طريقة للتخلّص من هذه الرذائل هي التوقّف عن تغذيتها.

تحصد ما تزرع

هل سبق وسمعت عبارة {تحصد ما تزرع}؟ غالباً ما يعود إليك الموقف الذي تطلقه إلى العالم. هذه هي إحدى طرائق تغذية السلبية.

تتصرّف بكبرياء وعصبيّة مثلاً وتؤذي شخصاً آخر، فيعيد إليك رد فعل غالباً ما يكون سيئاً أيضاً: الدفاع أو خيبة الأمل أو الفزع... إلخ. بالتالي، يستمرّ تسلسل الأمور السلبية، ويشكّل حولك جوّاً سيئاً للغاية. أما أنت فتعتاد على هذا الجو وتنسى أن هذه ليست الطريقة الوحيدة للعيش. ثمة أشخاص يعيشون حياة سعيدة بعيدة عن اليأس.

الطاقة الإيجابية

كيف تحيط نفسك بالطاقة الإيجابيّة؟ لا بدّ من أنك تشعر بالامتنان تجاه شخص أو أمر أو شيء ما، حتى لو كان وبكل بساطة شروق الشمس. تمسّك بهذا الحسّ بالامتنان وشاركه مع كلّ من حولك. فقد تكون بمثابة مثال حيّ بالنسبة إليهم ويساعدهم ذلك في إيجاد التقدير نفسه في حياتهم الخاصة.

التفاؤل ليس بالأمر السهل. يدفع بنا التوتّر إلى حالة اليأس وبالتالي لا نتصرّف على طبيعتنا المثالية، كلّ ما نحاول فعله هو تخطّي هذا اليوم العصيب.

أما وجهة النظر فليست بالأمر الصعب. لا يجب أن نفكّر بأن من الممكن أن تصبح الحياة أسوأ، بل علينا أن نفكّر أنه كان من الممكن أن نُحرم من هذه الحياة.

الإنسان كائن غريب. بعد مرور 4.5 مليار سنة، أصبح كوكب صخري رطب مسكوناً من مجموعة من أشخاص دائمي الانشغال. الكون نفسه لم يلحظ ذلك، ويستمرّ بصناعة النجوم من خلال سحب من الغبار والغازات. تموت هذه النجوم باستمرار. أما الكواكب والأقمار الاصطناعية الأخرى فتستمر بالدوران. ويستمرّ الفضاء بالتوسّع أكثر فأكثر من دون سبب، بحسب معلومات الإنسان. في الواقع، ذلك غير مهم فأطول عمر ممكن للإنسان ليس سوى نقط في بحر عمر الكون الذي يقارب 13.8 مليار سنة.

مع هذه المعلومات كافة، هل ترى أن أخطاءك هائلة فعلاً؟ هل الطرائق التي ظُلمت فيها في هذه الحياة جديرة بالذكر؟

احتسيت اليوم فنجان قهوة لذيذاً وأضحكت أصدقاءك واتّصلت بأمك ولعبت مع كلبك بطابة كرة المضرب. لا يمكنك أن تحرّك الجبال إنما يمكنك أن تغيّر حياة أشخاص آخرين.

يساعدك تقدير قوّتك واستعمالها في الحفاظ على الجو الإيجابي. كذلك يغذّي الذئب الصالح.

أي ذئب تغذّي؟

* سارة نيومان