بعد نحو 24 ساعة من اختفاء طائرة "مصر للطيران"، من طراز إيرباص "320 أيه"، فور دخولها الأجواء المصرية، فجر الخميس الماضي، قادمة من باريس في طريقها إلى القاهرة، أعلن الجيش المصري، أمس الجمعة، العثور على بعض حطام الطائرة في مياه المتوسط شمال مدينة الإسكندرية الساحلية، ما يعني وفاة جميع ركابها الـ66.

الجيش المصري، قال في بيان، إن عناصر البحث والإنقاذ التابعة للقوات المسلحة نجحت في العثور على بعض المتعلقات الخاصة بركاب ضحايا الطائرة المنكوبة، كما تم العثور على أجزاء من حطام الطائرة في المياه الإقليمية على مسافة 290 كم شمال مدينة الإسكندرية، وأن عمليات البحث متواصلة للتمشيط وانتشال ما يتم العثور عليه في إطار الجهود المبذولة في البحث عن الطائرة المفقودة.

Ad

وقال مصدر مسؤول لـ"الجريدة"، أمس، إن عمليات البحث ستمتد لتشمل قاع البحر المتوسط بمنطقة اختفاء الطائرة، بالتعاون مع العناصر المشاركة من الدول الصديقة لكل من فرنسا واليونان وبريطانيا وقبرص وإيطاليا، وأن الهدف الأساسي هو العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة أو أحدهما للكشف عن غموض الحادث.

وكانت اليونان أعلنت العثور على بعض حطام الطائرة -التي اختفت فجر الخميس الماضي فور دخولها الأجواء المصرية- جنوب جزيرة كريت.

متابعة رئاسية

في السياق، قالت مؤسسة الرئاسة المصرية، في بيان رسمي، إنها تتابع الإجراءات والجهود المتواصلة للبحث عن الطائرة، حيث وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بقيام جميع أجهزة الدولة المعنية بما فيها وزارة الطيران المدني، ومركز البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة، بتكثيف عمليات البحث عنها، واتخاذ كل التدابير اللازمة للتوصل إلى حطام الطائرة، وانتشالها بالتعاون والتنسيق مع الدول الصديقة.

وفيما وجه الرئيس السيسي ببدء عمل لجنة التحقيق بشكل فوري للوقوف على ملابسات الحادث، أصدر وزير الطيران المدني، شريف فتحي، قراراً أمس، بتشكيل لجنة التحقيق في حادث سقوط الطائرة، برئاسة رئيس لجنة تحقيق الحوادث بوزارة الطيران، الطيار أيمن المقدم، وهو تحقيق ستشارك فيه فرنسا.

ووصل إلى القاهرة أمس 3 محققين من فرنسا، وخبير فني من شركة إيرباص المصنعة للطائرة المنكوبة، للمشاركة في التحقيقات الخاصة بالطائرة، وقال مصدر مصري لـ"الجريدة"، إن مشاركة الفرنسيين في التحقيقات تأتي باعتبار أن الطائرة صناعة فرنسية.

وقالت مصادر بوزارة الطيران، إن لجنة التحقيق توجهت إلى مدينة الإسكندرية لفحص الحطام، الذي عثرت عليه القوات المسلحة، ومتابعة الجهود المبذولة لانتشال الصندوقين الأسودين، فضلاً عن لقاء المحققين الفرنسيين لتنسيق الجهود لكشف غموض الحادث، ومعرفة أسبابه، فيما تتزايد المؤشرات حول عملية إرهابية تسببت في سقوط الطائرة.

غرفة عمليات

بدوره، أكد رئيس الشركة القابضة لمصر الطيران، صفوت مسلم،

لـ"الجريدة"، أن غرفة عمليات وزارة الطيران تعمل على مدار الساعة لمتابعة تطورات الموقف، وأشار إلى أن المعلومات المتاحة لا تسمح بتحديد سبب سقوط الطائرة بعد، مضيفاً: "من المبكر تحديد سبب السقوط والتكهنات لن تفيد، تحديد أن عملاً إرهابياً يقف خلف الحادث سابق لأوانه، نحتاج إلى مزيد من الوقت لدراسة وتحليل المعلومات التي تصل إلينا تباعاً".

المتحدث باسم وزارة الطيران المدني، إيهاب رسلان، ذهب في تصريحات لـ "الجريدة"، إلى أنه من المبكر التعرف على سبب سقوط الطائرة، وأن التحقيقات جارية، لكنه لم يستبعد أي فرضية، مضيفاً: "نعمل الآن على التواصل بشكل أكبر مع الجانب الفرنسي، لاستكمال نقاط التحقيق، وعندما يتم التوصل إلى حقائق واضحة سيتم الإعلان عنها بكل شفافية أمام الرأي العام المصري والعالمي".

لا أحياء

ومع نفي وزير الطيران العثور على أي أحياء من ركاب الطائرة، نعت مؤسسة الرئاسة المصرية في بيان لها قتلى الحادث، وأعربت عن عميق حزنها وتعازيها لأسر الضحايا، وتقدمت بخالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا المصريين وذويهم، كما تقدمت الرئاسة المصرية بخالص التعازي إلى أسر الضحايا من مختلف الدول الشقيقة والصديقة، الذين لقوا مصرعهم إثر الحادث الأليم.

وأعلنت شركة مصر للطيران، أن جنسيات ركاب الطائرة عائدة لـ 30 مصرياً، و15 فرنسياً، وبريطاني، وبلجيكي، وعراقيين اثنين، وكويتي، وسعودي، وسوداني، وتشادي، وبرتغالي، وجزائري، وكندي، بينهم طفل ورضيعان وطاقم من سبعة أشخاص وثلاثة من أفراد الأمن.

مجلس النواب المصري برئاسة علي عبدالعال، أصدر بياناً ظهر، أمس، ، تضمن تعزيته لأهالي الضحايا، في الحادث الذي "أدمى قلوب المصريين جميعا، وراح ضحيته عدد من أبناء مصر والدول الشقيقة، والصديقة، الذين نحسبهم عند الله من الشهداء".

أسر الضحايا

وفيما غيرت شركة مصر للطيران شعارها على موقعها الإلكتروني إلى اللون الأسود حداداً على ضحايا الطائرة المنكوبة، التقى رئيس مجلس إدارة الشركة صفوت مسلم، ورئيس شركة الخطوط الجوية هشام النحاس، بعدد من أسر ضحايا الطائرة، أمس، وأوضحت "مصر للطيران"، في بيان لها، أنه تم إخطار أسر الضحايا بكل المعلومات المتاحة والاستماع إليهم، والرد على استفساراتهم كافة.

بدوره، قال مساعد رئيس شركة مصر لطيران، أحمد عادل، لـ"الجريدة": "أبلغنا أهالي الضحايا أن عمليات البحث تتم على قدم وساق، وأن هناك تواصلاً بين وزارة الطيران والقوات المسلحة لمعرفة آخر مستجدات عمليات البحث"، وتابع:" نتمنى العثور على الصندوق الأسود سريعاً للكشف عن أسباب الحادث".

اتصالات تتوالى

في الأثناء، تلقى الرئيس السيسي عدة اتصالات هاتفية من زعماء دول العالم لتعزيته في الحادث، الذي راح ضحيته 66 شخصاً من بينهم 30 مصرياً، إذ هاتف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الرئيس المصري معرباً عن أسفه الشديد لاختفاء طائرة مصر للطيران فوق البحر المتوسط، معرباً عن تمنياته بنجاح السلطات المصرية في استجلاء أسباب سقوط الطائرة، معلناً تضامن المملكة الكامل مع مصر في هذا الحادث الأليم.

وفيما هاتف وزير الخارجية الأميركي جون كيري، السيسي، لتقديم أسفه والإعلان عن استعداد بلاده الكامل لتقديم كل أنواع المساعدة اللازمة لمصر من أجل كشف ملابسات الحادث، تلقى الرئيس المصري اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، الذي استعرض الموقف بالنسبة لعمليات البحث عن حطام الطائرة وانتشالها، وعبر عن حرص بلاده على تقديم كل أوجه الدعم والتعاون مع مصر بشكل كامل، من أجل التعرف على ملابسات الحادث وأسبابه، لاسيما في ضوء ما يربط البلدين من علاقات صداقة ومودة وثيقة.

تداعيات

حادث الطائرة الأخير، يأتي بعد نحو سبعة أشهر من سقوط طائرة روسية في سيناء، ما أسفر عن مقتل ركابها الـ224، فيما اختطف مواطن مصري طائرة وتوجه بها إلى قبرص، قبل أن يتم إنهاء الأزمة بالإفراج عن جميع الرهائن في مارس الماضي، وهي أحداث ضربت قطاع السياحة المصري في مقتل، بحسب الخبير السياحي جمال حسن، الذي أضاف قائلاً: "الحادث الأخير حطم آمال العاملين في قطاع السياحة لاستعادة نشاطها، ويشير إلى احتمالية استمرار تراجع الإقبال السياحي على مصر لسنوات مقبلة".

وفيما له علاقة بملف التعويضات لأهالي الطائرة المنكوبة، ذهب الخبير الأمني خالد عكاشة، إلى تحميل باريس مسؤولية الحادث، بينما أكد الأمين الأسبق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان محمد منيب، أن القانون الدولي حدد قواعد واضحة للتعامل مع مثل هذا الموقف، ولابد من انتظار نتائج التحقيقات لمعرفة من يتحمل المسؤولية سواء فرنسا أو شركة مصر للطيران المالكة للطائرة أو شركة إيرباص المصنعة لها.

وحول تداعيات الحادث سياسياً، قال الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، عادل عبد الصادق، لـ"الجريدة"، إن الرابط الأساسي بين تداعيات كل الحوادث الخارجية، التي تعرضت لها مصر خلال الأشهر الماضية، هو محاولة كسر التحالف المصري الإقليمي الجديد مع السعودية وروسيا وقبرص واليونان وإيطاليا وفرنسا.

بريطانيا تخلي مطار ليفربول

ذكرت تقارير إخبارية أن قوات الأمن البريطانية أخلت مطار جون لينون في ليفربول، وطالبت الركاب بالاتجاه إلى خارج المبنى. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، أن قوات الأمن أخلت المطار بسبب وجود تهديد أمني. لكنه لم يتم الإعلان بصورة رسمية عن سبب الإخلاء.

تحطم مروحية لشرطة فرنسا

أعلن الجيش الفرنسي أن مروحية كانت تقل أربعة من عناصر الشرطة شبه العسكرية تحطمت في منطقة جبلية في جنوب غرب فرنسا أمس، ما أدى إلى مقتل شخص على الأقل. وكان مصدر من الجيش أعلن سابقا أن أربعة أشخاص قتلوا في تحطم المروحية في كوتريه قبل أن تتم مراجعة الحصيلة إلى قتيل واحد.

نجت من السرطان فابتلعها البحر

نجت ريهام حسن (27 عاما) من مرض السرطان، بعد رحلة من المعاناة، عاضدها فيها زوجها الصيدلي أحمد العشري في مستشفيات باريس، وبعدما حدثت المعجزة وكُتِب الشفاء لها من المرض الخبيث، كان الموت في انتظارهما في الرحلة رقم (أم أس 804)، والتي سقطت في مياه البحر المتوسط.

القصة المفجعة بدأت منذ نحو عامين عندما أصيبت ريهام بمرض السرطان، ليقرر زوجها أحمد بيع كل ما يملك لتوفير نفقات العلاج لزوجته وأم أولاده الثلاثة، وتقرر سفرها إلى باريس لتلقي العلاج وإجراء عملية جراحية لاستئصال الورم الخبيث، وهي العملية التي تكللت بالنجاح، ليقرر الزوجان العودة إلى مصر بعد التأكد من شفاء الزوجة بشكل كامل.

واستقل الزوجان طائرة مصر للطيران من طراز إيرباص «320 أيه»، والسعادة تملأهما والأمل يداعبهما في استعادة حياتهما الطبيعية، لكن الموت كان لهما بالمرصاد، بعدما سقطت الطائرة فور دخولها الأجواء المصرية فجر أمس الأول، لتنهي رحلتهما في أعماق مياه البحر المتوسط الباردة. وسيطرت حالة من الحزن العميق على أسرتي الزوجين في مدينة المحلة الكبرى شمال غربي القاهرة، حيث يقطن ذوو الزوجين، خصوصا أنهما تركا خلفهما ثلاثة أبناء (ولد وبنتان) يعانون اليتم.