بينما يستمر تنظيم «داعش» في خسارة مناطق مهمة بالأنبار متجنباً خوض مواجهات كبيرة مع الجيش العراقي والتحالف الدولي، عادت التفجيرات شبه اليومية لتضرب بغداد وتثير نوعاً من الهلع حتى في البصرة شمال الخليج، ما أثار تساؤلات كثيرة بهذا الشأن، إذ إن انشغال «داعش» طوال العامين الماضيين بالمعارك غرباً وشمالاً، قلّص معدل الهجمات داخل المدن إلى نحو كبير، وحين يتعرض التنظيم لهزائم كبيرة يفترض أن تتراجع قدرته على تنفيذ سلسلة ضربات موجعة للعاصمة ومحافظات أخرى، كما حصل هذا الأسبوع، والذي قبله.وحيث تأتي هذه الانهيارات الأمنية في ظل توتر سياسي نادر بين التيار الصدري والطبقة السياسية، تسري شائعات يبرع العراقيون في صياغتها، منها ما يزعم أن الحكومة تريد معاقبة التيار الصدري بسبب اقتحامه للبرلمان في 30 أبريل المنصرم، ولذلك تقع أكبر التفجيرات في معاقل الصدريين، رغم أن مناطق أخرى بينها ذات غالبية سنية تعرضت لأعمال تفجير كبيرة. وهناك من يقول إن «داعش» نفسه يحاول أن يضرب الجمهور الصدري لتحريضه على اقتحام مقرات الحكومة وإشعال الفوضى.
ولم يعد مهماً مبررات تصديق هذه الشائعات أو تكذيبها، فقد انشغل الجميع بمؤشرات أكثر خطورة حول ما يريد الصدر فعله في الأيام القريبة.وظهرت مؤشرات غاضبة من أتباع زعيم التيار الصدري أو المقربين إليه حتى من الأطراف العلمانية التي شاركته الاحتجاج، وكان هؤلاء يتساءلون: «متى سنقتحم المنطقة الخضراء الحكومية مرة أخرى؟، ولماذا لا نقوم بتشييع جثث الضحايا، الذين فاق عددهم المئتين في الهجمات الأخيرة، داخل المنطقة الحكومية شديدة التحصين التي احتكرت الأمن لها وتركت الشعب يواجه قدره أمام انتحاريي الأطراف المتشددة؟».وبسبب الهجمات المؤلمة التي تعرضت لها مناطق جمهوره، خرج الصدر عن صمته جزئياً رغم أنه حاول أن يتوارى تماماً بذريعة الاعتكاف، فبدأ يجيب يوم الأربعاء عن أسئلة يوجهها أتباعه، مثل سؤال حول التدهور الأمني وحماية مدينة الصدر من الاستهداف، فيجيب الصدر: «سنعمل على ذلك فانتظروا». أما قبل ذلك بيوم فقد أصدر بياناً مقتضباً جاء فيه: «أن التفجيرات التي أصابت مدنكم أوضح دليل على أن الحكومة باتت عاجزة عن حمايتكم... النصر والثبات لكل ثائر منتفض ضد الظلم والفساد. وأنا احتفظ بالرد لنفسي».ومنذ سنوات لم يستخدم الصدر تعبير «أحتفظ بالرد لنفسي» كما اعتاد أن يشجع القوات الأمنية والجيش، لكن خطابه المقتضب هذا امتلأ بمهاجمة كل أطراف الحكومة، ما شجع نوابه على تصعيد اللهجة في كثير من الأحيان.وتقول التسريبات السياسية التي صارت شحيحة وعرضة للتغير المتسارع، إن كثيراً من الأطراف مع تقديم تنازلات أشد للتيار الصدري بغية تهدئته، لكن هذا يتطلب «أغلى الأثمان» التي يطلبها الصدر، حسب بعض الأوساط التي تعتقد أن زعيم التيار بات يعتقد أنه أقوى الأطراف في الشارع ولا مبرر لأن يتقاسم السلطة وفق معايير النظام النيابي، مع الأطراف التي ترفض «ثوريته وشعبيته»، ولذلك يسود قلق شديد من انتقال تظاهرات قد تكون وشيكة، إلى مرحلة عصيان مدني أو مسار أكثر تشدداً، هدفه إرغام الأحزاب على تمرير النصف المتبقي من حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي المعدلة.
أخبار الأولى
هجمات بغداد تدفع نحو «عناد مقلق» وتوجس من تصاعد مسار الاحتجاجات
21-05-2016