نقطة: الهروب إلى القمر
يطفو على السطح بين الفينة والأخرى خبر عن نية الحكومة تسهيل منح "البدون" جنسية جمهورية جزر القمر، الفكرة حسب المتوافر من معلومات أساسها منحهم الجنسية "القمرية"، وتعديل وضع مَن يريد البقاء منهم في الكويت مع إعطائهم تسهيلات صحية وتعليمية، وبدلاً من تسميتهم "بدون"، سنسميهم "قمريون"، لكننا نعلم أنهم "بدون" وهم يعلمون كذلك، وسيتغير مع الوقت شعار التهديد الكويتي المأثور "أوديك ورا الشمس" إلى "أوديك جزر القمر"، وهذا تطور جيد، بحد ذاته، حيث سيسهل فهم مغزاه الآن.وكلما تجدد الحديث قفز معه "الإنسانيون عالمزاج" رافضين للفكرة مطالبين ببقاء الحال كما هو عليه بادعاءات الحفاظ على "بدون" الكويت في الكويت، كأنهم أصبحوا ثروة قومية أو جزءاً من التراث الوطني الذي لا يمكن التنازل والاستغناء عنه، وكأنهم ليسوا بشراً لهم آمال وطموحات وأحلام طالت السنوات عليها.
الغريب في الأمر أن الكثير من الإخوة "البدون" يرفضون أيضاً الفكرة "القمرية"، ويفضلون الكويت "الشمسية"، على أمل أن الحكومة والنواب سيجدون لهم حلاً يوماً ما، أهنئكم على ثقتكم بهم، لكن العمر يتسرب هنا وهناك، وما لم يحله السابقون لا أظن أن اللاحقين سيحلونه، فمَن يده بالجنسية ليس كمن يده بالصليبية، ومن ينصحكم بإبقاء الحال على ما هو عليه غالباً لا تعنون له شيئاً أكثر من ورقة مساومة سياسية وأصوات محتملة.لعله كان الأولى بالحكومة، من باب المساواة ولجعل الفكرة أكثر جاذبية، أن تسأل الكويتيين أيضاً عن رغبتهم في الانتقال إلى جزر القمر الاستوائية مع تحويل رواتبهم، وترك حرية الاختيار لهم، فربما بعد أن يعرفوا أن درجة الحرارة أخف والنهار أقصر واللصوص أقل والازدحام المروري منعدم واللغة الرسمية فرنسية والشواطئ فيروزية، وأن منافذهم الحدودية ستكون مع موريشيوس وسيشل ومدغشقر عوضاً عن سفوان والحفر والخفجي، فمن يدري فقد تضرب الحكومة الموقرة عصفورين بقمر وترتاح بعدها من صداع البدون والكويتيين معاً... طقة وحدة.