تسويف
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
في تاريخنا المتكاسل كانت بالعادة أسعار برميل النفط المرتفعة، تغطي عورات "التسويف" بالدولة، فالوزراء أو المسؤولون الكبار الذين يديرون الدولة يعرفون ويدركون قضايا الإصلاح وماذا يتطلب، ولكن كانت عوائد النفط المجزية تؤخر وتسوف في الحلول المطلوبة، كان ذلك السعر المرتفع للنفط بمثابة إبر مورفين شل العقل السياسي - الاقتصادي لأصحاب القرار، واستطال شلل "التسويف" واللامبالاة للقاعدة الشعبية، أي للناس الذين هم على نهج إدارتهم السياسية، فظلت تنمو الأمراض الإدارية وتمتد لكل إدارات الدولة ولا تستثني أحداً، فالعبارة التي تحبطك حين تريد إنجاز معاملة رسمية ما بجواب "تعال غداً المدير غائب، أو جهاز الكمبيوتر عطلان..." هي صورة بشعة ومصغرة لوعد حكومي بتنويع مصادر الدخل، أو محاربة الفساد المالي والإداري، وإلى آخر الكلام الممل عن وعود الإصلاح وضروراته.مضى عامان تقريباً، على انهيار أسعار النفط، ونطالع كل يوم بالإعلام الأجنبي والداخلي عشرات المقالات والدراسات عن كرة الثلج التي تكبر يوماً بعد يوم، والإدارة الحكومية على "حطة إيدكم"، هي تعلم وتدرك مدى الضرر الذي سيصيب الدولة في كل لحظة تمر دون إقرار حلول سريعة، لكن أعذار "التسويف" موجودة دائماً تحت بند "لمزيد من الدراسات أو نقاش توصيات مجلس الأمة"، وهكذا يمضي الوقت سريعاً، والحكومة هي الحكومة والسلطة هي السلطة، مشغولة بمشاريع تطوير القضاء أي "تطويقه"، أو متابعة أسود البلدية بقطع التيار الكهربائي عن بنايات العزاب الأجانب، أما نواب "مجلس توصياتها" فهو أيضاً مهموم بالجامعة المختلطة وممرضات مسلمات لمستشفيات الدولة ولا مساس بجيب المواطن... أين نمضي؟ وأين سننتهي مع إدارة التسويف، وإرجاء الحلول والمصيبة الاقتصادية الآن على الأبواب... الله العالم؟!