التنمية والقطاع الخاص... عن أي قطاع خاص يتحدثون؟
إن تركيز خطط الحكومة ووثيقتها الاقتصادية على تسليم «الخيط والمخيط»، مثلما يقول المثل الشعبي، للقطاع الخاص تحت شعار «الخصخصة هي الحل»! من دون الأخذ في الاعتبار طبيعته، وتركيبته، وحجمه، وظروفه، هو كلام نظري يستنسخ نموذج مدرسة اقتصادية نيوليبرالية لا تتناسب مع واقعنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
بكلمات أخرى فإن للقطاع الخاص دوراً في عملية التنمية الإنسانية المستدامة، ولكنه يختلف من بلد إلى آخر، وبالتالي فدوره مختلف أيضاً تُحدّده الدولة بحسب طبيعته، ودرجة نموه، ومدى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وقدرته على خلق فرص عمل جديدة، وعدم الإضرار بالبيئة.أما الحديث المبالغ فيه وغير الواقعي عن القطاع الخاص لدينا، ودوره المحوري في عملية التنمية، فهو حديث عاطفي لا يخلو من مصلحة خاصة وانحياز اجتماعي واضح، فالقطاع الخاص في الكويت أو دول مجلس التعاون، على سبيل المثال يختلف اختلافاً كلياً عن القطاع الخاص في أميركا أو دول الاتحاد الأوروبي أو اليابان، وذلك بسبب اختلاف طبيعة كل منها وحجمه من جهة، واختلاف التشكيلة الاجتماعية- الاقتصادية -السياسية التي يعمل كل منها من خلاله من جهة أخرى. من هذا المنطلق فإن تركيز خطط الحكومة ووثيقتها الاقتصادية على تسليم "الخيط والمخيط" مثلما يقول المثل الشعبي للقطاع الخاص تحت شعار "الخصخصة هي الحل"! من دون الأخذ في الاعتبار طبيعته، وتركيبته، وحجمه، وظروفه، هو كلام نظري يستنسخ نموذج مدرسة اقتصادية نيوليبرالية لا تتناسب مع واقعنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، إذ من غير الممكن مقارنة قطاع خاص ريعي وضعيف في دولة ريعية ومعظمه قطاع عائلي تتركز جل أعماله في المضاربات المالية والمصرفية والعقارية، والاستيراد الخارجي والوكالات التجارية، والأنشطة الخدمية والاستهلاكية، ويعتمد على الإنفاق العام والدعم الحكومي السّخي، في حين لا يدفع ضرائب على الدخل والأرباح والثروة ولا يخلق فرصاً وظيفية للعمالة الوطنية، أي أنه يأخذ من الدولة أكثر بكثير جداً مما يضيف لها، بقطاع خاص إنتاجي في دول رأسمالية صناعية وديمقراطية متطورة، يعتمد على نفسه ويخلق فرص عمل ويدفع ضرائب تصاعدية.