واشنطن تصفي زعيم «طالبان»
خلافات الحركة تعود إلى الضوء
رجحت واشنطن وأجهزة الاستخبارات الأفغانية، أمس، مقتل زعيم حركة "طالبان" في أفغانستان الملا أختر منصور، في غارة بطائرة أميركية من دون طيار، استهدفته مع أحد مساعديه في سيارة بمنطقة بلوشستان جنوب غرب باكستان.وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، أن الملا منصور استهدف بضربة جوية أميركية. وأوضح مسؤول أميركي طلب عدم كشف اسمه بعد ذلك أن زعيم "طالبان" قتل "على الأرجح" في ضربة سمح بها الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصيا.وأضاف أن عددا من الطائرات المسيرة التابعة للقوات الخاصة الأميركية شنت العملية في منطقة نائية على طول الحدود بين باكستان وافغانستان "جنوب غرب مدينة أحمد وال"، مشيرا إلى أن منصور كان على متن سيارة مع رجل آخر قتل هو الآخر "على الأرجح". وذكر مسؤول كبير في البيت الأبيض أن الولايات المتحدة أبلغت باكستان وأفغانستان بالضربة بعيد تنفيذها.
ووفق وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فإن الولايات المتحدة استهدفت زعيم "طالبان"، لأنه كان يشكل "تهديدا وشيكا للطاقم الأميركي والمدنيين الأفغان والقوات الأمنية الأفغانية".وكان كوك أوضح أن منصور "عقبة في طريق السلام والمصالحة بين حكومة أفغانستان وحركة طالبان، وكان يمنع قادة طالبان من المشاركة في مفاوضات سلاح مع الحكومة الأفغانية".وأضاف أنه "متورط في التحضير لهجمات على منشآت في كابول وأفغانستان، وكان يشكل تهديدا للمدنيين وقوات الأمن الافغانية ولقواتنا وشركائنا".وعين منصور زعيما لحركة طالبان في يوليو 2015، بعد الكشف عن أن مؤسس الجماعة الملا توفي قبل عامين. وأثار تعيينه خلافات داخلية كبيرة، فظهرت حركات انشقاق عن الحركة من الذين يعارضون قيادته، وانضم آخرون إلى تنظيم "داعش" الموجود في شرق أفغانستان. وقتل الملا داد الله، القائد المنشق البارز في العام الماضي في تبادل لإطلاق النار مع موالين لمنصور. ووردت تقارير عن أن الملا رسول الذي شكل فصيلا منشقا عن طالبان، قد اعتقله الجيش الباكستاني رغم أن أتباعه يواصلون القتال باسمه. وإذا كان منصور قد قتل بالفعل، يعتقد المحللون أن الاختلافات ستطفو مجددا إلى السطح بين عناصر الحركة.لائحة خلفائه وقال المحلل والصحافي الباكستاني أحمد رشيد إن مسألة خلافته قد تؤدي إلى "صراع على السلطة، وسيكون هناك عدد من المرشحين". أما المحلل الأفغاني ميا غول واثق، فرأى أن مقتله "سيزيد من تشرذم حركة طالبان". وستشمل لائحة المرشحين لخلافته أسماء شخصيات كثيرة خاضت المعركة الانتخابية العام الماضي.ومن بين هؤلاء، نجل محمد عمر الملا يعقوب الذي اختاره بعض القادة زعيما جديدا، لكنه اعتبر في ذلك الوقت صغير السن وعديم الخبرة، إضافة إلى شقيق عمر الملا عبدالمنان اخوند. وكان منصور أعطاهما مناصب عليا في مجلس قيادة الحركة، وينظر إليهما على أنهما المرشحان المفضلان لتولي المسؤولية.أما الشخصان الآخران المحتملان لخلافة منصور، فهما نائباه الزعيم الديني المؤثر اخوندزاده، وسراج الدين حقاني زعيم شبكة حقاني المتحالفة مع طالبان والمسؤولة عن بعض أسوأ الهجمات على أهداف أفغانية وأميركية. وقال المحلل الأمني الباكستاني أمير رانا "هذا هو الوقت الذي سيحاول فيه حقاني السيطرة على الحركة بكاملها".عملية السلاممن جانبه، قال أحمد راشد مؤلف كتاب النزول الى الفوضى إن "ذلك قد يساعد عملية السلام، إذا سمح للفصيل المعتدل بأن يطفو على السطح". ويمكن أن يشكل الاقتتال الداخلي متنفسا للقوات الأفغانية المحاصرة لكن استراتيجية فرق تسد قد تأتي أيضا بنتائج عكسية.وقال مدير مركز الدراسات الأمنية امتياز غول من إسلام اباد "أولا الملا عمر، والآن منصور بمجرد انتزاع الأعضاء الأساسيين في اي حركة، فإنها قد تبدأ بالانهيار".وأضاف: "من ناحية أخرى، ستصبح عملية السلام أكثر صعوبة اذا كنت تتعامل مع العديد من القادة. هذه كانت الاستراتيجية على مدى سنوات عدة دفعهم الى الانقسام وعقد الصفقات معهم، لكننا لا نعلم ما اذا كان ذلك سينجح".واعتبر رانا أن مقتل منصور قد يمهد الطريق ايضا لجماعات مثل تنظيم داعش وحركة أوزبكستان الإسلامية التي كانت تعمل منذ فترة طويلة في ظل حركة طالبان، للظهور بشكل أقوى من ذي قبل.وكانت باكستان من حلفاء طالبان الرئيسيين اثناء حكمهم افغانستان بين 1996 و2001، واستمرت في ممارسة ضغط على تمردهم.