شهر على استفتاء مصيري لبريطانيا وأوروبا

● احتمال «الخروج» يتراجع
● عدد المترددين مرتفع ونسبة المشاركة ستكون حاسمة

نشر في 23-05-2016
آخر تحديث 23-05-2016 | 00:01
No Image Caption
قبل شهر من الاستفتاء المقرر في 23 يونيو، يبدو أن احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي يتراجع بعد سلسلة من التقارير التي حذرت من مخاطر هذا السيناريو.

واشتدت نبرة التحذيرات مع انضمام عدد متزايد من الشخصيات الى الحملة وفي طليعتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه، إضافة الى العديد من المؤسسات الدولية التي تتابع عن كثب وقلق المناقشات المحتدمة في بريطانيا.

وعلى خلفية خصومة حادة داخل الحزب المحافظ، شبه رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون الذي يتزعم المشككين في جدوى الاتحاد، المشاريع الاوروبية بخطط الزعيم النازي ادولف هتلر. اما رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الذي يتصدر دعاة البقاء في الاتحاد، فلوح بمخاطر نشوب حرب عالمية ثالثة، مؤكداً أن خروج بلاده سيصب في مصلحة تنظيم "داعش".

تهويل

ورأى استاذ العلوم السياسية في جامعة "ساسكس" بول تاغارت أن اطلاق مثل هذه الشعارات المثيرة للصدمة، يهدف الى إخفاء مدى تشعب الجدل وتعقيده، وقال: "المطلوب إيجاد صيغة تفي بالغرض".

في هذه الأثناء، أعلنت المؤسسات الوطنية والدولية الكبرى التأهب وضاعفت التحذيرات من خروج بريطانيا. ولوح "بنك انكلترا" باحتمال أن تشهد البلاد "انكماشا"، فيما حذر صندوق النقد الدولي من "خطر كبير على الاقتصاد العالمي". وأبدى كبار المسؤولين الماليين في دول مجموعة السبع مخاوفهم من حصول "صدمة" على الاقتصاد العالمي.

ومهما ندد أنصار الخروج من البناء الاوروبي بـ"مشروع الخوف"، فإن استطلاعات الرأي تشير الى أن هذه التحذيرات كان لها تأثير على الناخبين البريطانيين.

وبحسب موقع "وات يو كاي ثينكس" (ما هو رأي المملكة المتحدة) الذي يورد متوسط آخر ستة استطلاعات للرأي، فإن أنصار البقاء في الاتحاد سيفوزون بنسبة 55%، مقابل 45% لانصار الخروج. كما أن مكاتب المراهنات تشهد اقبالاً من المراهنين على مواصلة المغامرة الاوروبية التي تعود الى 43 عاما. وقدر مكتب المراهنات "ويليام هيل" هذا الاحتمال السبت بـ86%. غير أن الخبراء في الرأي العام يدعون الى الحذر. فما زال عدد المترددين مرتفعاً، ونسبة المشاركة ستكون حاسمة، خصوصاً إن الذين يميلون الى التصويت للبقاء في الاتحاد، كالشبان والأقليات الاتنية، هم الذين يبدون أقل قدر من الاستعداد للتوجه يوم الاستفتاء الى مراكز التصويت.

النزعة الاستقلالية

وستكون انعكاسات نتيجة الاستفتاء هائلة. فبمعزل عن تبعاته على الاتحاد الاوروبي والاقتصاد والعلاقات الدولية، قد يشجع خروج بريطانيا من الاتحاد النزعة الاستقلالية في اسكتلندا المؤيدة لاوروبا، وقد يقود الى استقالة كاميرون الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ 2010.

واعلن رئيس الوزراء قبل 3 سنوات تنظيم هذا الاستفتاء سعيا منه لمهادنة المشككين في اوروبا داخل حزبه، وفي مواجهة بروز "حزب الاستقلال" (يوكيب) المعادي لاوروبا. غير أن مبادرته شرعت الابواب على صراعات داخلية، وباتت الخلافات بين المحافظين علنية. وتهدد هذه المسألة بترك جراح عميقة، نظرا الى النبرة التي تطغى على الجدل احيانا. وقد وصل الامر على سبيل المثال بوزير المالية جورج اوزبورن باتهام المؤيدين للخروج من اوروبا بأنهم "جهلة اقتصاديا".

جونسون واستعادة السيطرة

ويخوض العديد من وزراء حكومة كاميرون ومسؤولون بارزون في الحزب المحافظ حملة من أجل الخروج، واكثرهم صخبا هو رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون، الذي يجوب البلاد في حافلة لحض البريطانيين على "استعادة السيطرة" على بلادهم، وهو لم يعد يخفي طموحاته في خلافة كاميرون.

ويطلق جونسون الذي يحظى بتغطية إعلامية واسعة، الشعارات المثيرة للصدمة، بدون ان يخشى المغالاة، كما حين يتهم بروكسل بالتدخل حتى في تحديد شكل الموز.

اما زعيم "يوكيب" نايجل فرج الذي اعتبر "مضرا" اكثر من ان يشارك في الحملة الرسمية لدعاة الخروج من اوروبا، فيقوم بحملة على حسابه في الشوارع، ويجوب البلاد هو ايضا في حافلة تحمل صورته. ويحذر بأن "العنف قد يكون المرحلة المقبلة" في حال لم يحصل تغيير، مجازفا بصب الزيت على النار. وسيشارك الى جانب كاميرون في اول برنامج تلفزيوني مهم يخصص للاستفتاء في 7 يونيو، وهما سيجيبان عن أسئلة المشاهدين مباشرة على الهواء، بدون حصول نقاش مباشر بينهما.

8 محطات قد تلي «خروج» بريطانيا

سيشكل خروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد الاوروبي بعد الاستفتاء في 23 يونيو، زلزالا حقيقيا لهذا البلد كما للاتحاد. فيما يلي تبعات محتملة لمثل هذا السيناريو:

1 - رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون يستقيل بعدما راهن بمصداقيته باطلاقه الاستفتاء وشنه بعد ذلك حملة للبقاء في الاتحاد الاوروبي. ويحل محله خصمه بوريس جونسون التي يتزعم دعاة الخروج من الاتحاد.

2 - رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورغون المتمسكة بالبقاء في الاتحاد، تقرر تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال عن المملكة المتحدة. وتنشق اسكتلندا هذه المرة، مبتعدة عن بلد اختار الخروج من البناء الاوروبي.

3 - في ايرلندا، يعاد ترسيم حدود جديدة تعزل ايرلندا الشمالية عن جارتها العضوة في الاتحاد، ما يضعف الحركة التجارية بين طرفي الحدود.

4 - تباشر البلاد مفاوضات معقدة مع الاتحاد الاوروبي تستمر سنتين كحد اقصى، ستقرر شروط الوصول الى السوق المشتركة. وحذر رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر منذ الان بان "المملكة المتحدة ستكون دولة ثالثة لن نراعيها".

5 - الصدمة في الاسواق والغموض والبلبلة في حي المال والاعمال في لندن، كل ذلك سيؤدي الى هبوط سعر الجنيه الاسترليني بنسبة 15 الى 20%، والى تضخم بنسبة 5%، وزيادة في كلفة العمل، فيما سيتراجع النمو 1 الى 1.5% (المصدر: مصرف اتش اس بي سي). وسيتم نقل الاف الوظائف من حي المال والاعمال الى مركزي فرانكفورت وباريس الماليين.

6 - عدد المهاجرين القادمين من الاتحاد الاوروبي سيتراجع بشكل حاد، ما سيؤدي الى نقص في اليد العاملة في قطاعي البناء والخدمات.

7 - دول الاتحاد الاوروبي الاخرى تتهافت الى بروكسل للتفاوض في ترتيبات، مهددة في حال عدم تحقيق ذلك بالخروج من نادي الدول الـ27 المتبقية.

8 - بعد انقضاء المرحلة الانتقالية، ومهما كانت أليمة، ستبقى المملكة المتحدة قوة اقتصادية تتمتع بالمرونة والديناميكية، تستند الى شراكات اقتصادية جديدة وهجرة انتقائية.

back to top