قتل ١٤٨ شخصاً أمس في سبعة تفجيرات "غير مسبوقة" استهدفت مدينتي طرطوس وجبلة الساحليتين في غرب سورية، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، الذي أوضح أن "ثلاثة تفجيرات أسفرت عن مقتل 48 شخصاً في طرطوس (في محافظة طرطوس) وأربعة أخرى قتلت ١٠٠ في جبلة (جنوب اللاذقية)".

وأشار المرصد إلى أن "اثنين من الانفجارات التي هزَّت مدينة جبلة نجما عن تفجير عربة مفخخة بالقرب من موقف للسيارات في المدينة تبعه تفجير رجل نفسه بحزام ناسف داخل الموقف".

Ad

وحدث التفجيران، حسب المرصد، "بالتزامن مع تفجير رجلين نفسيهما عند مديرية الكهرباء في المدينة وقرب مدخل الإسعاف بأحد مشافي مدينة حلب".

أما التفجيرات التي هزَّت مدينة طرطوس التي تستضيق القاعدة الروسية البحرية الوحيدة في المتوسط فناجمة، وفق المرصد "عن تفجير عربة مفخخة في موقف المدينة، وتفجير رجلين لنفسيهما بأحزمة ناسفة بعد تجمع أشخاص في مكان الانفجار".

وأكد عبدالرحمن أن التفجيرات هذه "غير مسبوقة" في كل من جبلة وطرطوس، موضحاً أن "المدينتين لم تشهدا انفجارات بهذا الشكل منذ ثمانينيات" القرن الماضي.

«داعش» والأمن

وتبنى "داعش" الاعتداءات، التي تتغير حصيلتها سريعاً نتيجة عددها وقوتها واستهدافها لمناطق سكنية. وأوردت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم أن "الهجمات ضربت تجمعات للعلوية في مدينتي طرطوس وجبلة باللاذقية".

ونشر ناشطون فيديو لشخص قالت قوات الأمن إنه انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً، وكان يحاول تفجير نفسه بالقرب من مستشفى جبلة الوطني، مستغلاً حالة الارتباك والازدحام من جراء سلسلة التفجيرات الأولى، موضحة أنه "تابع لحركة أحرار الشام".

توتر أهلي

وترأس وزير الداخلية اللواء محمد الشعار اجتماع اللجنة الأمنية في اللاذقية، وشكل لجنة جنائية وفنية للتحقيق في ملابسات التفجيرات بجبلة وطرطوس.

ومع قيام عدد من المسلحين بحرق خيام للنازحين في منطقة الكرنك بطرطوس وإطلاق النار بالهواء لإبعادهم عن المنطقة، دعا محافظ طرطوس صفوان أبوسعدى الأهالي إلى عدم التعرض للسوريين الوافدين من المحافظات، مؤكداً أن الإرهابين ليسوا منهم.

وأكد أبوسعدى، في بيان، أن "هدف التفجيرات في طرطوس هو خلق شرخ بين الأهالي وزرع الفتنة بين السوريين، بالإضافة إلى خلق بلبلة وإحداث خرق أمني هو الأول من نوعه، وسيكون الأخير في طرطوس".

وإذ شدد على أن الأمور كلها تحت السيطرة، أهاب بالمواطنين شد عزيمتهم ومتابعة عملهم بشكل طبيعي.

مسار المفاوضات

وعلى الفور، أعرب الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف عن قلق روسيا من تداعيات هذه التفجيرات. وقال: "من غير الممكن ألا تثير زيادة التوتر والنشاط الإرهابي قلقاً شديداً، ومرة أخرى يظهر ذلك هشاشة الوضع في سورية، ويؤكد مرة أخرى ضرورة مواصلة مسار المفاوضات بخطوات حثيثة".

ودان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي الهجمات الإرهابية، داعيا المجتمع الدولي للتدخل والضغط على الدول الداعمة والممولة للإرهاب.

وقال الحلقي، في بيان، إن "تصعيد الأعمال الإرهابية في العديد من المناطق يأتي بإيعاز من الدول الداعمة والممولة للتنظيمات المسلحة، وعلى رأسها قطر، والسعودية، وتركيا"، وذلك "للتعتيم على الانتصارات التي يحققها الجيش على جميع الجبهات، ورفع معنويات الإرهابيين المنهارة، وتحقيق انتصار وهمي على الأرض".

استقرار ووعيد

وأكد رئيس الحكومة أن "الأعمال الجبانة التي تستهدف زعزعة حالة الأمن والاستقرار بمعظم المناطق لن تثني الشعب عن مواصلة حياته اليومية، والمساهمة في بناء وإعمار وتعزيز قدرات دولته ومواجهة التحديات".

واعتبر وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أن "هناك دوراً تركياً وخليجياً خلف كل هذه الأحداث"، مشدداً على أن النظام "لن يسامح عن كل نقطة دم هدرت على يد المجموعات المسلحة"، لافتاً إلى أن "المجموعات المسلحة فشلت في الميدان وجاءت تستهدف المدنيين اليوم".

حمص ودرعا

في هذه الأثناء، تصدت فصائل ريف اللاذقية أمس لمحاولة قوات الأسد التقدم على عدة محاور في جبل التركمان أبرزها عين عيسى، وسط قصف عنيف من قبل مدفعية النظام المتمركزة في برج زاهية، وجبل ربيعة، وبرج البيضاء.

وفي حمص، أعلن النظام "سيطرته على 3 نقاط في محور جبل المزار شمال شرق مدينة تدمر الأثرية، ومقتل العديد من عناصر "داعش".

وفي درعا، أفرجت "جبهة النصرة" عن عدد من المعتقلين لديها، في حين سلّمت آخرين لمحكمة دار العدل في حوران، وذلك ضمن اتفاق أبرم مع هيئة الإصلاح في المحافظة على تبييض سجونها من المعتقلين على مراحل.

داريا: الخضوع أو التجويع

داريا مدينة تقع عند المدخل الجنوبي لدمشق، ومحاصرة من قبل النظام كما غيرها، ولكن ما يميزها أنها دائما الاستثناء بل الخط الأحمر أمام أي مساعدات، فلا طعام أو دواء أو حتى حليب أطفال يسمح بدخوله إليها.

ولداريا رمزية خاصة لدى المعارضة، فهي كانت على رأس حركة الاحتجاج ضد نظام بشار الأسد في مارس 2011، كما أنها خارجة عن سلطته منذ أربع سنوات ومحاصرة منذ عام 2012.

وفي إطار سياسة الخضوع أو التجويع، بحسب المتحدثة باسم حملة "من أجل سورية"، بيسان فقيه، لم يرفض الأسد دخول أي نوع من المساعدات لداريا برغم تمكن المنظمات الدولية من الوصول إلى عدة مدن محاصرة، تحت ضغط من المجتمع الدولي.

وبعد طول انتظار، ظنّ سكان داريا في 12 مايو أنهم سيتلقون أول دفعة من المساعدات، فبعد الحصول على موافقة من الأطراف المعنية وصلت قافلة دولية محملة بالأدوية والحليب إلى مداخل المدينة، لكنها عادت أدراجها من دون إفراغ حمولتها عند آخر نقطة تفتيش للنظام.

تقع داريا جنوب دمشق ولا يحتاج الطريق بينها وبين وسط العاصمة سوى 15 دقيقة بالسيارة، وهي أيضا ملاصقة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية.