عادت الأنظار لتتجه إلى مدينة عرسال البقاعية أمس، وهذه المرّة من خلال سيناريو أشبه بفيلم هوليودي جراء مقتل الشاب حسين الحجيري، ابن شقيق مصطفى الحجيري الملقّب بـ»أبوطاقية». وجاءت عملية القتل بدافع الثأر للعسكري محمد حمية، الذي أعدمته «جبهة النصرة» في 20 سبتمبر 2014، وتبناها والده معروف حمية الذي أطلق تهديدات تشمل بالثأر أيضاً من رئيس البلدية السابق علي الحجيري «أبوعجينة» و»أبوطاقية». ووضعت جريمة أمس منطقة البقاع على فوهة البركان نتيجة البعد الطائفي الذي بدأ يُستثمر من الجهتين، في وقت يعمل الوجهاء في منطقة البقاع لضبط الأوضاع وعدم التدحرج نحو الفتنة.

وعثر على جثة الحجيري قرب قبر الجندي حمية في جبانة طاريافي بعلبك. وما كانت إلا دقائق معدودة حتى أطل والده على الإعلام متبنياً الجريمة بكل رباطة جأش قائلاً: «أخذت ثأر ابني من ابن شقيق أبوطاقية»، مضيفاً: «وضعت الجثة أمام قبر ابني وأنا في مكان آمن، ولن أسلّم نفسي، وأنا مرتاح ومسرور».

Ad

وشدد على أن «الدور سيأتي على أبوطاقية وأبوعجينة وأبوعلي العصفور»، لافتا الى أنه «إذا كان هناك من ردة فعل من آل حجيري فالنار مفتوحة على الجميع». وتابع: «لن يهدأ لي بال إلا اذا وصلت الى ابوطاقية» وفي عبارة تختصر نسبة السوريالية في الحدث قال القاتل: «أنا تحت القانون إلا أن دم ابني لن يذهب هدراً».

وقال: «ما قمت به من ذبح شخص من آل الحجيري هو ثأر لكرامة وشجاعة ودماء ابني بعد عجز وتقصير الدولة»، مضيفا أنه أثناء تنفيذ عملية قتل الحجيري قال له: «إذا رديتلي روح ابني وجعلته ينطق في قبره فسأطلق سراحك. وهو ما لم يحصل فأرديته قتيلا مفتخرا بما قمت به متوعدا بالمزيد». من جانبه، لفت عم الجندي إلى أننا «وعدنا ووفينا بالوعد».

أما المختار السابق في بلدة عرسال علي الحجيري فعلق على مقتل نجله، معتبراً أنّ القتلة «ناس جهلة يعودون إلى القرون الوسطى وهم بلا كرامة وبلا حمية». وشدد الحجيري على أن نجله لا علاقة له بالسياسة، بل كان مشاركاً في اجتماع لمنظمة تابعة للأمم المتحدة، لافتاً إلى أنه مختار على مدى 18 عاماً والجميع يعرف أنه معتدل لا يتعاطى بالشأن السياسي.

ورداً على سؤال عما إذا كانت هذه رسالة إلى شقيقه الشيخ مصطفى الحجيري، قال: «لا دخل للشيخ مصطفى به، الشيخ مصطفى له أولاده وبيته»، متسائلاً: «من يريد توجيه رسائل يقتل شخصاً لا علاقة له بأحد؟».

أما بالنسبة إلى الخطوات المستقبلية، أشار الحجيري إلى أنه «لو كان هناك دولة ما كان حصل ما حصل، وفي حال كانت هناك الدولة القاتل معروف وهو أعلن عن نفسه».

وشدد الحجيري على أنه كان أول من استنكر جريمة قتل العسكري حمية، وقال إنه مظلوم، متسائلاً: «هل هكذا يرد لنا الجميل؟... لنا الله».

وفور انتشار الخبر استنفر مسلحون في عرسال من أنصار مصطفى الحجيري كما سمع إطلاق نار كثيف في حي الشراونة في بعلبك احتفالاً بأخذ آل حمية بالثأر. وأشارت مصادر أمنية الى أن «الجيش طوق منزل معروف حمية وعزز انتشاره شمال بعلبك وأقام الحواجز الثابتة والمتحركة في بلدة طليا وطاريا وسيّر دوريات في المنطقة منفذا مداهمات عدة».

وأضافت المصادر أن «الحجيري يعمل مع الأمم المتحدة في مجال الإغاثة الخاصة بموضوع النازحين السوريين، حيث يمتلك سوبر ماركت في بلدته»، مشيرةً إلى أنه «توجّه صباحاً إلى رأس العين في بعلبك من أجل حضور ندوة بمكتب تابع للأمم المتحدة، وعند مغادرته، قامت سيارة رباعية الدفع باختطافه والتوجه به إلى جهة مجهولة، ما لبث أن قُتل لاحقاً ونشرت صور لجثته في جبانة البلدة بالقرب من قبر حمية».

وتابعت: «يسود اعتقاد أن طرفاً في البلدة عمل على مراقبة المغدور وتقديم معلومات عنه للجهة الخاطفة التي، على ما يبدو، كانت تمتلك صورة واضحة عن تحركات الحجيري ووقت وصوله إلى المبنى في رأس بعلبك ووقت مغادرته له ونوع السيارة التي كان يقودها، وهي عوامل تؤكد تتبعه». وأكدت المصادر «عدم علاقة الضحية بمقتل حمية»، مستغربة كيفية «قتله بهذه الطريقة خاصة أن آثار تعذيب ظاهرة على جسده».