منظور آخر: حلب تحترق

نشر في 05-05-2016
آخر تحديث 05-05-2016 | 00:00
 أروى الوقيان إن كنت آثرت الصمت والبلادة عن المشاركة بأي مبادرة لأخيك الإنسان الذي يعاني، سواء كان من غير دينك أو عرقك أو لونك، فتجرد من هذا الهراء وارجع لأصلك إنساناً نقياً لم تشوهه الحياة، فستجد في قلبك قليلاً من الرحمة التي قد تنقذ حياة، وابحث معي عن إنسانيتك فستجدها حتما في مكان ما.

لربما مر عليك «هاشتاق #حلب_تحترق» كأي حدث عابر، وربما شاهدت هذا الشيخ العجوز وهو يدعو الله ويستغيث به لأنهم كانوا وحدهم وسيظلون وحدهم، وربما شاهدت ذلك الطفل الرضيع الذي وجد تحت أنقاض عمارة تم تفجيرها ولحسن الحظ عثر عليه حياً رغم المأساة، ولربما شاهدت الأب الذي كان ينتحب إلى جانب طفلته التي سرقت حياتها قنبلة، وكان يضمها أملا في أن يموت معها ولم يمت! وبعد كل تلك المشاهدات نفضت يدك وتعوذت من الشيطان، وأكملت يومك وكأن شيئا لم يكن.

كثرة المآسي ومشاهد الدم لم تفعل شيئا سوى أنها قتلت إنسانيتنا ببطء إلى أن بات إحياؤها مهمة يجب أن نذكر أنفسنا بها، وكثرة الأخبار السيئة جعلتنا لا نتأثر بشيء مهما كان صادماً، لا أعرف إن كان السبب هو استمرار الأحداث السيئة التي علمتنا ثم عودتنا على عدم الاستنكار أم غير ذلك، فقد قتلوا إنسانيتنا بوحشيتهم وجعلونا نختصر الألم في دقائق معدودة، ونعود بعدها لنمارس حياتنا بشكل اعتيادي جدا لدرجة الغثيان أحيانا.

في رحلة التمسك بإنسانيتي التي أخاف أن أفقدها وجدت أن البشر يتعاونون دوما على أن يشعروك بأن الآخر لا يستحق هذا الكم من التعاطف المفرط، وأن العذاب قدر ونصيب، وأن الله قد يعاقب شعوباً دون أخرى متناسين أن الظلم لا أسباب له، وما مرت به الكويت من غزو صدامي عراقي سنة 1990 جعلنا نذوق ألم الغدر على حين غرة، وزهق الأرواح دون أدنى حق، هل لك بعد كل ذلك أن تتشمت بمظلوم؟

حاول أن تتخيل فقط ماذا لو كان مشهد حلب وهي تحترق متمثلاً ببيتك وبلدك، تخيل معي لدقيقة ما هو شعورك وأنت تجد النيران من حولك تستشري بمن تحب قبل أن تطاولك! تخيلت قسوة المنظر، تخيل معي الآن أن هناك من شاهدك وأنت تموت وتحترق، وقرر أن يقول هذا قضاء وقدر، ومضى في يومه يتناول المثلجات مع صغاره ويذهب لمشاهدة فيلم في السينما بكل برود.

إن كنت آثرت الصمت والبلادة عن المشاركة بأي مبادرة لأخيك الإنسان الذي يعاني، سواء كان من غير دينك أو عرقك أو لونك، فتجرد من هذا الهراء وارجع لأصلك إنساناً نقياً لم تشوهه الحياة، فستجد في قلبك قليلاً من الرحمة التي قد تنقذ حياة، وابحث معي عن إنسانيتك فستجدها حتما في مكان ما.

قفلة:

غانم المفتاح الطفل القطري الذي وهبه الله ربع جسد، وعقل حكيم وقلب مؤمن وإيجابية تشع منه أينما وجد، يعلمك هذا الصغير المبتلى بالمرض والإعاقة الكثير عن الأمل والتحدي والحياة، تحياتي لك أيها البطل!

back to top