النفط والطاقة : «إضراب النفط» كشف قصور خطة الطوارئ في «المؤسسة»
التعامل معه كان فاشلاً... وعلى القطاع الاستعداد لأي تحرك مشابه في المستقبل
إضراب النفط الأخير كشف أن مؤسسة البترول لا تملك خطة للطوارئ تسيطر بها على زمام الأمور، وبات من الضروري الاستعداد لوضع خطط لأي تحرك أو إضراب لاحقاً.
"يبدو الوضع وكأن المسؤولين عن القطاع النفطي يدفعون العمال ونقاباتهم دفعا نحو تنفيذ الإضراب، في حين أننا ندرك جميعا أن الاضراب ليس إلا الخطوة الأخيرة التي يلجأ اليها العمال لنيل مطالبهم، بعد فشل الأساليب كافة".هذه الكلمات كانت لأحد النقابيين في الدعوة إلى أحد الإضرابات السابقة للقطاع النفطي، وكأنه يشير الى شيء ما برز في الإضراب الأخير الذي تم تنفيذه، وهو: لماذا لم يتم تطبيق خطة الطوارئ لمؤسسة البترول والشركات التابعة في الدعوة للإضرابات السابقة؟ فهل القيادات النفطية كانت تنسق مع النقابات "لابتزاز الحكومة" لكي يتمتع القطاع النفطي بالمزايا وبالأخص القيادات النفطية؟!وما نراه اليوم في القطاع النفطي وما تدعو اليه النقابات من إضراب خلق بلا شك عرفا في مجتمع الكويت، وهو "إضرب حتى تكسب"، فالإضراب إن كان لمكتسبات العمال الحقيقية فنحن مع هذا النهج، لكن أن يتم استخدام هذه الكلمة لمكاسب شخصية كما يراها أحد القياديين فهذا مرفوض.ففي سبتمبر 2011 دعت النقابات الى إضراب شامل للقطاع النفطي لزيادة رواتبهم، وتمت الاستجابة لهم. كما هددت النقابات أيضا في فبراير 2014 بإضراب شامل، حيث طالبت بالضغط على مؤسسة البترول لإلغاء القرار رقم 72/ 2013، الذي يقضي بخفض الحوافز وتعديل مكافأة المشاركة بالنجاح. إذاً فقد حصلت النقابات على مبتغاها من سياسة "لي الذراع" في زيادة رواتبهم، فهذا الأمر أسس عرفا جديدا في المجتمع من خلال التهديد بالإضراب، دون اللجوء الى الطرق القانونية، وهو ما يفتح باب التساؤل: لماذا لم تلجأ مؤسسة البترول حينها الى القوانين أو حتى لغة التهديد للعاملين، كما حدث في الإضراب الأخير؟ علما بأن قانون العمل الأهلي وضع آلية معينة لتفادي الإضراب من خلال منازعات العمل الجماعية في المادتين 123- 132، وتبدأ من خلال التفاوض المباشر، وإذا لم يكن هناك حل، يحق لأي من طرفي النزاع اللجوء إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووضع لجنة التوفيق، وإذا لم يتم الاتفاق خلال شهر واحد من تاريخ ورود طلب النزاع يحال الموضوع الى التحكيم، ويصدر حكم خلال فترة لا تتجاوز 20 يوما.والأمر الأهم ما تضمنته المادة 132 التي تشير الى أنه في حال وجود تفاوض يحظر على طرفي المنازعة وقف العمل كليا أو جزئيا أثناء إجراء المفاوضات. لنفرض أن هذا القانون غائب عن النقابات، فهل هو غائب عمن وضعه؟ ولماذا لم يستخدم في الإضرابات السابقة؟أسئلة مشروعة وقد وجه أحد القيادات السابقة في النفط العديد من الأسئلة، وقال: هل سيقوم مجلس إدارة مؤسسة البترول أو مجلس الوزراء بمراجعة نتيجة إضراب عمال النفط الذي استمر 3 أيام، وتحديد الخسائر ماليا وماديا ومعنويا، والأضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني وسمعة الكويت. وكيفية تفادي الإضرابات النفطية مستقبلا؟!وهل نجحت خطة الطوارئ في القطاع النفطي؟ وما مدى نجاحها؟ وهل ستؤمن مستقبلا النجاح الكامل في التصدير الكامل للنفط الخام والمشتقات البترولية؟ وهل وضعت المؤسسة تصورا للخسائر المالية وتقديراتها؟ وهل توقعت المؤسسة التوقف عن العمل لـ3 أيام وهبوط معدل إنتاج النفط الخام الى 1.1 مليون؟ وهل ستشكل لجنة محايدة لمعرفة نتيجة الإضراب من خارج القطاع النفطي؟! ومن المسؤول؟فشل خطة الطوارئوهذه الأسئلة لم تأت من فراغ، فالمتابع لاستعداد المؤسسة للإضراب يلاحظ أنه لم يكن بالشكل المطلوب، فقد أوهم بعض القيادات النفطية الحكومة بأن هناك خطة للطوارئ, وفوجئ الجميع بأن الخطة عبارة عن ظهور قيادية في مؤسسة في لقاء قبل الإضراب بيوم واحد لتقول "سوف نجلب العمالة من الهند ومصر" علما بأن المضربين أبلغوا المؤسسة بموعد الإضراب قبل 7 أيام، ومع هذا المؤسسة تقول "سوف"، أي لم تتحرك أو تضع الاحتمال الأسوأ. كما استخدم أسلوب التهديد للعاملين قبل وأثناء الإضراب. إضافة الى ذلك، وفي يوم الإضراب طلب وزير النفط في اجتماع الدوحة المساعدة من دول الخليج! كما تم اللجوء لأول مرة للهيئة العامة للقوى العاملة التي صرحت بأنه لم تعد هناك ذريعة للاستمرار في الإضراب، محذرين من أنه في حال الإصرار على الاضراب، فسيتم لأول مرة في تاريخ الكويت، تفعيل المادة 108 من القانون رقم 6 لسنة 2010. ونعيد التساؤل مرة أخرى: لماذا لم ترجع المؤسسة في الإضرابات السابقة لهذه القوانين؟ ولماذا لم يهدد الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول نزار العدساني جميع الموظفين بأن التحريض على الإضراب أثناء العمل يعرض المحرض للمسؤولية القانونية؟وبدا واضحا للجميع أن التعامل مع الإضراب كان فاشلا، حيث تكبدت الكويت كثيرا من الخسائر، ومن ثم فالمطلوب من القطاع النفطي الاستعداد فورا لوضع الخطط لأي تحرك أو إضراب قد يلوح به لاحقا، لأن آلية التعامل مع الإضرابات بالتراجع أو الخضوع الى التهديد تشير الى أنه لا توجد خطط للطوارئ، وأن على المسؤولين اتخاذ الإجراءات من خلال تطبيق القانون وقطع الطريق على كل من يريد أن يشل البلد من خلال التأثير على اقتصاده. لكي لا تكون هناك سياسة للي ذراع البلد من خلال هذا الإضراب، بل يجب أن يسود الحوار، وعلى الحكومة أن تعمل بشكل صحيح وتعطي كل ذي حق حقه، والأهم أن تحاسب من أخفق وكبد الكويت خسائر بإيهامها بأن هناك خطة للطوارئ.