تشير أكثر من دراسة للأسواق إلى أن أسعار النفط ستعود إلى الارتفاع وستبقى متصاعدة حتى العام المقبل، ويعيد تقرير وكالة معلومات الطاقة الأميركية سبب ذلك إلى تزايد احتياجات السوق وتراجع إنتاج النفط الأميركي.

Ad

 تراجعت أسعار النفط في العقود الآجلة أمس لتنزل من أعلى مستوياتها منذ بداية العام الذي سجلته في الجلسة السابقة مع انحسار تأثير حالات تعطل الإمدادات من نيجيريا وكندا بفعل ارتفاع المعروض من مناطق أخرى.

وبحلول الساعة 0858 بتوقيت غرينتش جرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة عند 49.05 دولارا للبرميل بانخفاض 23 سنتا عن التسوية السابقة.

وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة 16 سنتا إلى 48.15 دولارا للبرميل.

وبلغت عقود برنت والخام الأميركي أعلى مستوياتها منذ بداية عام 2016 لتصل إلى 49.75 و48.76 دولارا للبرميل على الترتيب خلال التداولات في الجلسة السابقة.

وفي الأسابيع الماضية وجدت أسعار النفط دعما في التوقف غير المتوقع لنحو مليوني برميل يوميا من الإنتاج في نيجيريا وكندا.

لكن محللين حذروا من أن زيادة الإمدادات من دول أخرى قد تؤثر سلبا على الأسعار فور انحسار حالات تعطل الإنتاج.

وأظهرت بيانات من إيران أن الصادرات الإيرانية تتعافى بوتيرة أسرع مما توقع المحللون.

وقال مصدر مطلع على خطط البلاد لرفع صادرات الخام، إن صادرات النفط الإيرانية تتجه للارتفاع في مايو إلى 2.1 مليون برميل يوميا أي أعلى نحو 60 في المئة عما كانت عليه قبل عام مع عودة الشحنات الأوروبية إلى نصف مستواها تقريبا قبل فرض العقوبات.

لكن بيانات رسمية أظهرت أن صادرات النفط الخام السعودية تراجعت قليلا إلى 7.541 ملايين برميل يوميا في مارس من 7.553 ملايين في فبراير.

وأظهرت بيانات من معهد البترول الأميركي أمس الأول أن مخزونات النفط الخام في الأسبوع المنتهي في 13 الجاري انخفضت بمقدار 1.1 مليون برميل إلى 541.9 مليون برميل، في حين توقع محللون انخفاضها بمقدار 2.8 مليون برميل.

وذكر المعهد أن مخزونات الخام في نقطة تسليم العقود الآجلة في كاشينج بولاية أوكلاهوما زادت 508 آلاف برميل.  

وتشير أكثر من دراسة للأسواق أن أسعار النفط تعود للارتفاع وستبقى متصاعدة حتى العام المقبل، ويعيد تقرير وكالة معلومات الطاقة الأميركية السبب إلى تزايد احتياجات السوق في حين يتراجع إنتاج النفط الأميركي.

وتوقّع التقرير خلال الأسبوع الماضي أن يتراوح سعر برنت حول 41 دولاراً في عام 2016، وأن يصعد إلى 51 دولاراً للبرميل في عام 2017 وهذه الأرقام أعلى ما بين 6 إلى 10 دولارات للبرميل، مقارنة مع تقدير الوكالة قبل شهرين.

وهناك أسباب مباشرة للصعود المتسارع، ومنها تراجع الانتاج في كندا وليبيا وخروج كميات من السوق خلال الأسابيع الماضية ما دفع سعر البرميل إلى ما فوق 46 دولاراً، لكن الأسباب العميقة للارتفاع هي الأكثر أهمية، وهي التي تثبّت أسعار النفط الجديدة ما بين 40 و 55 دولاراً.

النفط الصخري مكلف

وتسبب ارتفاع أسعار النفط منذ سنوات في تكثيف جهود الشركات الأميركية لإنتاج النفط الصخري، واثبتت السوق ان هذا الارتفاع مربح للمنتجين وارتفع الانتاج الأميركي إلى اكثر من 9.4 ملايين برميل يومياً وتخطت نسبة الانتاج الأميركي نسبة الاستيراد من السوق الدولي.

مع انهيار الأسعار منذ العام الماضي، تراجع الانتاج الأميركي، ومن المنتظر أن ينخفض إلى 8.6 ملايين برميل يومياً خلال هذا العام على أن يتراجع مجدداً إلى 8.2 ملايين برميل يومياً في عام 2017، والسبب هو تراجع ارباح هذه الشركات.

وتشير احصاءات أميركية إلى أن تكلفة البرميل من حقول النفط الأميركية تصل إلى 21 دولارا في حين تصل تكلفة البرميل من النفط الصخري إلى أكثر من 23 دولارا أميركيا، ومع تراجع أسعار النفط الدولية إلى ما دون الـ30 دولاراً منذ أشهر صار من الصعب على هذه الشركات متابعة المنافسة والاستكشاف، فاضطرت شركات كثيرة الى تعليق العمل بمشاريع لاستخراج النفط الصخري أو من المحيطات، كما أوقفت العمل في منصات للنفط وتراجع عدد المنصات من 888 العام الماضي الى 406 منصات في الأسبوع الأول من الشهر الجاري.

الربح السعودي

المستفيد الأكبر من هذه الصدمة هو الانتاج السعودي، وتقدّر افضل الاحصاءات الاميركية تكلفة البرميل السعودي بأقل من 9 دولارات، وبالتالي يبقى هامش الربح جيداً للانتاج السعودي، خصوصاً مع انتاج كميات ضخمة يومياً، في حين تضطر الشركات الأميركية والأوروبية للخروج من السوق أو أن توقف الانتاج بانتظار فرصة افضل.

هذه الفرصة بدأت تعود الآن وستكون افضل لو وصل سعر البرميل إلى ما فوق 70 دولاراً، لكن عدد المنصات تراجع الآن، وليس من السهل اعادتها للعمل، وليس من السهل اعادة العمال الى وظائفهم بسرعة، كما أن السوق يبقى عرضة لعودة الانتاج الكندي ولزيادة الانتاج السعودي والمخاطرة بالعودة إلى الانتاج تبقى عالية جداً والانتظار افضل من المخاطرة.

أثبتت الأشهر الماضية أن السياسة السعودية بعدم خفض الانتاج حققت مصالح قطاع الانتاج السعودي، بحيث احتفظت السعودية بحصتها من الأسواق، في حين اضطرت الشركات الأميركية للتراجع عن نسب الانتاج التي شهدتها في عامي 2013 و2014.

وأثبتت السعودية أيضاً أنها قادرة على السيطرة على السوق، ليس فقط في الأسابيع أو الأشهر التي تشهد انقطاع أحد المصادر، وتتمكن من تغطية العجز في السوق، بل ايضاً بالتخلّص من منتجين طارئين يهتمون فقط بالسوق عندما تكون الأسعار عالية ولا يتحمّلون انخفاض الأسعار.

السنوات المقبلة أفضل

من عوامل انخفاض الأسعار خلال الفترة الماضية تراجع الاستهلاك الصيني، وتباطؤ الاقتصاد في ثاني أكبر دولة اقتصادية في العالم، لكن مؤشرات عودة النشاط الى السوق والانتاج وبالتالي الاستهلاك الصيني بدأت بالعودة.