أخطأ المندوب الدولي ستيفان ديميستورا عندما وصف تعليق المعارضة السورية مشاركتها في المفاوضات، التي لم تبدأ بعد وقد لا تبدأ أبداً إذا ظلت الأمور تسير بهذه الطريقة وعلى هذا النحو، بأنها مجرد "استعراض دبلوماسي"، فهذا لا يجوز أن يصدر عن وسيط دولي يفرض عليه الدور الذي انتدب للقيام به بالنسبة إلى أزمة معقدة كهذه الأزمة التي لا تلوح لها في الأفق نهاية قريبة، ألا يكون فجاً على هذا النحو، وألا يصفع أناساً نذروا أنفسهم للدفاع عن شعبهم والحفاظ على استقرار بلدهم ووحدته، ووضعه على بداية طريق غير الطريق الذي أرغم على السير عليه منذ 46 عاماً وأكثر.
وأخطأ ديميستورا عندما عقد جلسة حوار "بمن حضر"... ومن حضر هو بشار الجعفري وفريقه الذي لا دور لأعضائه إلا هز الرؤوس، وبعض أصدقاء روسيا الاتحادية الذين كان بعضهم صديقاً وليس "رفيقاً" للاتحاد السوفياتي، والذين كانت عناوينهم الدائمة ومازالت في موسكو، ومع هؤلاء بعض مناضلي القاعدة الروسية الجديدة في "حميميم" التي تنطلق منها القاصفات الاستراتيجية الروسية لتضرب المدن والقرى السورية يومياً، بحجة أنها معسكرات لـ"داعش" وللإرهابيين!لم تقبل المعارضة السورية (الهيئة العامة) التي ليس هناك غيرها معارضة، اللهم إلا إذا تفاهم الروس والإيرانيون، وأيضاً نظام الأسد مع "داعش" و"النصرة" وإعطائهما صفة "الاعتدال" والاستعانة بهما للقضاء على هذه المعارضة التي علقت مشاركتها في اجتماعات ديميستورا إلى أن تتحقق مطالب شعبها الإنسانية، وإلى أن تصبح الاجتماعات جدية ومثمرة وفي الاتجاه الصحيح، والتي رفضت اجتماع "بمن حضر"!كان على ديميستورا قبل أن يتحول إلى "أسد هصور"، ويقصف" الهيئة العليا" بكلام لا يقل إيلاماً ودماراً وتدميراً عن القنابل الروسية وقنابل بشار التي طال انتظار هضبة الجولان السورية المحتلة لها، أن يتذكر أولاً أن هناك قراراً دولياً بالاعتراف بهذه المعارضة "المعتدلة"، وأنها وحدها التي تمثل المعارضة السورية بكل فصائلها وتشكيلاتها، وثانياً أنها، أي المعارضة، هي الجهة الوحيدة القادرة على الالتزام وإلزام الآخرين بأي وقف لإطلاق النار، أما ثالثاً فهو أن هناك "جنيف 1" وملحقاتها، التي من بينها القرار 2254 الذي حدد جدول أعمال هذه المفاوضات التي لم تبدأ بعد، والذي اتخذ قرار المرحلة الانتقالية وهيئة الحكم الانتقالي التي تتولى إدارة شؤون البلاد، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، ووضع الأمور على الطريق المنشود.والسؤال الذي يجب أن يوجه إلى ديميستورا، بكل احترام وتقدير، هو: لقد عقدت جلسة "بمن حضر" التي غابت عنها "الهيئة العليا"، فماذا سمعت من معارضي قاعدة "حميميم" الجوية ومن معارضي الإقامة الدائمة في موسكو؟ هل رأيت غير طأطأة الرؤوس عندما كرر الجعفري الاستفزازات التي لم يأت بغيرها؟ وبأن: الأسد للأبد، وأنه لا حل إلا حل الأسد طبعاً الذي لم يَجُد الزمان بمثله لا سابقاً ولا لاحقاً، لا في سورية ولا أي مكان آخر، حتى في ألمانيا خلال العهد النازي، وفي إيطاليا في عهد موسيليني، وفي الجماهيرية العظمى في عهد القذافي.
أخر كلام
ديميستورا... وبمن حضر!
27-04-2016