مشاركة مصر في «كان»... بالجهود الذاتية
شارك فيلم {بعد الموقعة} للمخرج يسري نصر الله في المسابقة الرسمية لمهرجان {كان} بدورته الخامسة والستين، أحد أهم المهرجانات السينمائية العالمية. وبعد أربع سنوات، وقع الاختيار للدورة التاسعة والستين على الفيلم المصري {اشتباك} مع المخرج محمد دياب والنجمة نيللي كريم لتمثيل مصر في المسابقة الرسمية بقسم {نظرة ما}.
يتناول {اشتباك} الفترة السياسية التي سبقت تولي رئيس مصر عبد الفتاح السيسي الحكم، مستعرضاً التيارات المختلفة التي تنافست آنذاك. ويظهر ذلك في أحداث تدور في سيارة ترحيلات تضم ممثلين عن التيارات السياسية المختلفة: الليبرالي والعلماني والمتدين من إخوان وسلفيين ومواطنين عاديين لا تشغلهم السياسة، تنشب بينهم مشادات ومشاحنات بسبب تمسك كل فصيل برأيه إلى أن تنحرف السيارة عن طريقها، فتتحد الفصائل مع بعضها بعضاً في محاولة للنجاة من الموت المحقق.صوّرت المشاهد في مساحة لا تزيد على ثمانية أمتار، ويتولى البطولة: نيللي كريم، وهاني عادل، وطارق عبد العزيز، وأحمد مالك، فيما اهتم بالسيناريو والحوار خالد دياب ومحمد دياب، وبالإخراج محمد دياب في ثاني تجاربه الإخراجية بعد فيلمه {678}.
سينما مصرية شابةفيما يتعلّق باختيار {اشتباك} للمشاركة في قسم {نظرة ما} بمهرجان {كان}، يرى الناقد السينمائي محمود عبد الشكور أن الفيلم يمثل سينما مصرية شابة ومختلفة، ولا بد من أن يقابل بالحفاوة والاعتبار. و}رغم أننا لم نشاهده بعد للحكم عليه بشكل فني، فإن اختياره في مهرجان {كان} ليمثل السينما المصرية حكم مسبق بجودته}، مشيراً إلى أن {نظرة ما} لا يقل أهمية عن المسابقة الرسمية، بل أحياناً يتم التركيز على الأقسام الأخرى بسبب تميزها، بالإضافة إلى أن كل أقسام {كان} تتضمن تجارب سينمائية مميزة سواء اتفقنا معها أو اختلفنا.وأضاف أن اختيار الفيلم يؤكد أن الجيل الجديد في السينما المصرية ربما يستطيع أن يحقق تواجداً أكبر للفيلم المصري في المهرجانات العالمية لما يملك من أفكار وتجارب سينمائية مختلفة، وهو ما حدث مع أفلام إبراهيم البطوط في قسم {آفاق} في مهرجان فنيسيا، و}ميكروفون} و}فرش وغطا} للمخرج أحمد عبد الله السيد في مهرجانات كبرى. دعم الدولة عن الدعم الحكومي من الدولة لصانعي الأعمال السينمائية المصرية كي تليق بمستوى الأفلام المنافسة من الجنسيات المختلفة، تؤكد الناقدة السينمائية ماجدة خير الله أنه غائب تماماً حتى المعنوي منه، فقد نفضت الدولة يديها من شؤون السينما والأنشطة الثقافية وهذا لا يرجع إلى الميزانية المتواضعة التي تقع تحت تصرف المؤسسات المعنية، بل إلى قلة الاهتمام بالفنون، لا سيما السينما، فيما يتم الإنفاق على مشروعات بلا قيمة تذكر وليست ذات شأن عظيم. حتى ميزانية الصحة والتعليم لا تكفي حياة كريمة لراغبي الدعم في المجالين، فكيف نطالبها بدعم السينما التي تعتبرها الدولة بالمفهوم الخاطئ والشائع أنشطة ترفيهية، في ظل ازدياد الضرائب على التذاكر وخسارة المنتجين الذين لا يحصلون على المكاسب المتوقعة من إنتاج أفلامهم لينتجوا فيلمهم التالي!وعن دعم مثل هذه الأفلام يؤكد أيضاً الناقد السينمائي إيهاب التركي أن السينما ليست من أولويات الدولة عموماً، وذلك بدأ منذ فترة طويلة. حتى الجهات المتخصصة في شؤون الثقافة والسينما لا تملك رؤية لدعم الصناعة ويتوقف دورها عند إقامة مهرجانات دورية كنوع من النشاط السنوي والروتيني. أما عن دعم الفيلم السينمائي في حد ذاته فليس قضية مطروحة على مائدة مؤسسات أصابها الترهل واللامبالاة، بل وتترك الأمر بيد منتجين يبحثون طوال الوقت عن شركات إنتاج أجنبية لدعم مشاريعهم التي لا تتكلف القليل مثل الحال في {اشتباك}.