علّقت الحكومة الأميركية قسماً من التمويل المخصص لمنظمات غير حكومية ناشطة في سورية بعد أن تبيّن لها أن هذه الأخيرة تدفع بشكل منهجي مبالغ طائلة غير مبررة إلى شركات تركية لقاء مواد أساسية مخصصة للاجئين السوريين.

Ad

وأعلنت وكالة «يو اس ايد» الأميركية للمساعدات في بيان أن لديها «أسباباً لتعليق نشاط 14 هيئة وفرداً في تركيا يعملون في برامج مساعدات».

وأشار البيان إلى «شبكة من التجار والموظفين في منظمات غير حكومية وغير حكومية تواطأوا للتلاعب في مناقصات، وإلى العديد من حالات دفع رشاوى مرتبطة بعقود لتسليم مساعدات انسانية إلى سورية».

لم تحدد «يو اس ايد» المنظمات المعنية بالقضية لكن مصادر انسانية أفادت لوكالة فرانس برس أن بينها المنظمات غير الحكومية الأميركية «انترناشيونال مديكال كورب» (آي ام سي) والايرلندية «غول» و«انترناشيونال رسكيو كوميتي» (آي ار سي) التي يديرها وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند.

وتشمل الاتهامات كلها عمليات شراء تمت في تركيا قامت خلالها مؤسسات تركية تبيع منتجات باستغلال المنظمات غير الحكومية بشكل منهجي.

وصرّح مسؤول كبير في «يو اس ايد» رفض الكشف عن هويته أن القضية تشمل خصوصاً استبدال بضائع ببضائع أخرى.

وأوضح المسؤول أن الشركات التركية الخاصة كانت تبالغ في تسعير بضائع متدنية الجودة لتبيعها إلى المنظمات غير الحكومية وتختلس المبلغ الفائض، والأمر يتعلق خصوصاً ببطانيات ومواد أساسية أخرى مخصصة لآلاف السوريين الهاربين من النزاع الذي أوقع أكثر من 270 ألف قتيل وآلاف النازحين واللاجئين منذ العام 2011.

وتتهم المنظمات غير الحكومية بعدم مراقبة عمليات الشراء، كما يتهم بعض الموظفين بالتواطؤ في القضية.

وأعلنت منظمة «آي ام سي» لوكالة فرانس برس إنها قامت بفصل العديد من موظفيها بعد الكشف عن هذه المعلومات.

وتابع المسؤول في «يو اس ايد» «من الواضح بعد التحقيق أن الأمر يتعلق بعملية معقدة».

في العام 2015، قدمت الولايات المتحدة هبة بقيمة 397 مليون دولار إلى منظمات غير حكومية ناشطة في سورية، بحسب هيئة المراقبة المالية التابعة للأمم المتحدة.

ولم تحدد «يو اس ايد» قيمة المساعدة التي تم تعليقها لكن مصادر انسانية أشارت إلى أن الأمر يمكن أن يتعلق بعشرات ملايين الدولارات.

تورط

وتعتبر منظمة «آي ام سي» من أبرز الهيئات التي تقدم مساعدات طبية إلى سوريين في بلدهم وفي دول مجاورة، وتقول الأمم المتحدة أن أكثر من ستة ملايين مريض تلقوا العلاج في السنوات الخمس الأخيرة داخل 430 مركزاً تشرف عليها المنظمة.

وأكد وليام غريفلينك المكلف تطابق العمل مع القوانين داخل هذه المنظمة غير الحكومية، أن «+آي ام سي+ تعاونت بشكل كبير مع المفتش العام ل+يو اس ايد+ وفتحت تحقيقها الخاص».

وتابع غيرفلينك «سياستنا لا تتسامح أبداً مع الاختلاس والفساد ولقد قمنا بطرد موظفين يشتبه في تورطهم».

ونتيجة تعليق المساعدات، باتت «آي ام سي» تعاني من نقص كبير في التمويل مما أرغمها على صرف نحو ثلث موظفيها البالغ عددهم ألفي شخص يعملون لمساعدة سوريين.

من جهتها، علقت أيضاً منظمة «آي ار سي» عدداً من برامجها ورفضت التعليق على الموضوع عند الاتصال بها من قبل وكالة فرانس برس.

وأكدت منظمة «غول» لصحيفة «ذي جورنال» الايرلندية الشهر الماضي تعليق قسم من برنامجها.

وتأثير تعليق المساعدات كبير جداً على السوريين، فقد أكد متحدث باسم منظمة غير حكومية سورية كبيرة كانت تتلقى القسم الأكبر من تمويلها من «آي ام سي» و«آي ار سي» لوكالة فرانس برس أن المنظمة لم تتمكن منذ يناير من شراء أدوية ومواد أساسية أخرى.

وأوضح المتحدث أن «تعليق المساعدات أدى إلى تأخير عدة عمليات شراء مهمة لمواد ومعدات طبية».

وعمليات التعليق هي مؤقتة عملياً بانتظار أن تحصل «يو اس ايد» على ضمانات وتأكيدات حول عمل المنظمات غير الحكومية والتزامها بالقوانين.

وطالبت الأمم المتحدة بأكثر من سبعة مليارات دولارات من الهبات لتمويل برامج مساعدات من أجل سورية للعام 2016.