فقدت الكويت، أمس، النائب السابق حمد عبدالله الجوعان، أحد أبرز رموز العمل السياسي والوطني بعد رحلة طويلة مع المرض، عن عمر يناهز 69 عاماً، اقترن اسمه خلالها بمحطات بارزة من تاريخ البلاد الحديث، وتميزت سيرته بالموقف الشجاع والكلمة الصادقة والفكر المستنير، ولم يقعده المرض عن تأدية رسالته ونصحه ورؤاه الاستشرافية.
وعُرف عن الراحل الجوعان حرصه على المال العام، وكان مدرسة في المعارضة الوطنية، متقناً لأدواته وعمله التشريعي والرقابي، وكاد عمله الحثيث في التصدي للفساد يكلفه حياته.يعد الراحل الأب الروحي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وبدأ العمل على تأسيسها أواخر 1972، حيث باشر مجلس التخطيط في إعداد مشروع لقانون التأمينات الاجتماعية، بناء على رغبة من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، واستحضر خبراء من منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، كانوا شكلوا لجنة مجلس التخطيط برئاسة الشيخ جابر، الذي كان حينها ولياً للعهد ورئيساً للوزراء، وبمشاركة الوزارات كافة.وما إن انتهى مجلس التخطيط من إعداد المشروع، حتى وزّع المشروع على جميع الوزارات والجهات الحكومية لإبداء الرأي، وكان الجوعان حينها عضواً في المكتب الفني، وعقب سلسة اجتماعات مطولة؛ تم تأسيس المؤسسة واختير الراحل رئيساً لمجلس إدارتها منذ عام 1976 حتى أواخر عام 1983.مجلس الأمةترشح الراحل الجوعان لانتخابات مجلس الأمة المرة الأولى عام 1985، وحاز المركز الثاني في الدائرة الثانية، وفي تلك الدورة، قدم رحمه الله استجواباً بمشاركة النائبين، الراحل أحمد الربعي، ومبارك الدويلة، وكان مقدماً لوزير العدل والشؤون الإدارية حينها الشيخ سلمان الدعيج الصباح، على خلفية «صرفه سندات لابنه القاصر دعيج من صندوق صغار المستثمرين»، وانتهى الاستجواب بتخلي الوزير عن منصبه.وفي عام 1986 انتُدب الجوعان من قبل مجلس الأمة للتحقيق في الفضائح المالية التي تورط بها بنك الكويت المركزي، وكانت هذه القضية مثار جدل حاد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ليتم بعد ذلك حل المجلس، وتعطيل الحياة الدستورية.ثم شارك الراحل مرة أخرى في انتخابات مجلس الأمة عام 1992، وكان المجلس الأول بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، وانتخب رئيساً للجنة الشؤون التشريعية والقانونية وقتها، وعضواً في مكتب المجلس، كما انتخب رئيساً للجنة العرائض والشكاوى بعد استقالة رئيسها، وذلك من دور الانعقاد العادي الثاني 1994.ومن أبرز ما تقدم به الراحل، الاقتراح بقانون بإعطاء المرأة حقوقها السياسية، وتخفيض سن الناخب الى 18 سنة ، كما يعود له الفضل في تطوير قانون حماية الأموال العامة والتوسع بالعقوبات لتصل إلى السجن 25 عاماً.محاولة الاغتيالجرت محاولة اغتيال النائب السابق حمد الجوعان في 28 فبراير 1991، حيث لم تكن البلاد قد تعافت بعد من محنة الغزو العراقي، وقام الجاني بإطلاق النار عليه من سلاح كاتم للصوت لدى فتحه باب منزله، حيث أصيب في النخاع الشوكي، وأصبح مقعداً من يومها.واسترجع الجوعان تلك الحادثة في لقاء سابق مع الزميلة «القبس»، وقال: «لو كنت أعرف اسم قاتلي لنطقت به من زمان، ولكن لدي معلومة ولكم الحكم، وبعد محاولة اغتيالي بأربعين دقيقة ورد اتصال للدكتور (أحمد) الخطيب بلندن، وقالوا له: خلصنا من الجوعان والدور عليك! وكان غلطان لأن الجوعان لم يمت».وفضلاً عن ذلك كان للراحل بصمات واضحة في الشأن العام وتعدى عمله الوطني ليطال قضايا مهمة، وتمس المواطن العادي لاسيما منها قضية الضمان الاجتماعي والصحي، فضلاً عن الرعاية الطبية والصحية والتعليم، وأطلق مفهوم «الاستثمار التعليمي»، كما أولى قضية الإسكان اهتماماً كبيراً من خلال دوره في مجلس الأمة، أو خلال زياراته لدواوين المواطنين، وأكد ضرورة حل القضية الإسكانية، وتأمين السكن للمواطنين وفقاً لقاعدة «الاستثمار الإسكاني».سيرة ذاتية• مواليد عام 1947• خريج كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1970.• صاحب فكرة إنشاء المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وتولى منصب المدير العام خلال الفترة من 1976 حتى أواخر عام 1983.• وكيل مساعد للشؤون القانونية بديوان الموظفين عام 1973.• وكيل مساعد للتخطيط الوظيفي عام 1976.• عضو مجلس الأمة السادس 1985.• عضو مجلس الأمة عام 1992، وتم انتخابه رئيساً للجنة الشؤون التشريعية والقانونية فيه.• عضو مكتب المجلس لعام 1992 .• رئيس لجنة العرائض والشكاوى بعد استقالة رئيسها السابق تركي العازمي، وذلك من دور الانعقاد الثاني 1994.الغانم: مثال للشرف والوطنيةنعى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عضو مجلس الأمة السابق حمد الجوعان الذي وافته المنية بعد صراع طويل مع المرض.وقال الغانم، في تصريح صحافي، «نعزي أنفسنا والشعب الكويتي وأسرة الجوعان الكريمة برحيل البرلماني الفذ والسياسي الحر العم الفاضل حمد الجوعان، متضرعين إلى الباري جلت قدرته أن يتغمده بواسع رحمته وأن يجعل الفردوس الأعلى مأواه الأخير. إنه سميع مجيب».وأضاف «منذ رصاصات الغدر التي حاولت النيل منه قبل 25 عاماً والعم حمد الجوعان صابر على ما ابتلاه الله، مؤمناً بأن الله بشر الصابرين على الابتلاء، فكان المرحوم مؤمنا صابرا ومحتسبا».وقال إن الكويت اليوم «فقدت أحد فرسانها الذين كانت لهم صولات وجولات في ميادين السياسة والعمل البرلماني والعام».وختم الغانم داعيا «رحمك الله يا أبا عبدالله، فقد كنت لنا وللكثير من أبناء الكويت قدوة ورمزا ومعلما ومثالا يحتذي في الشرف والعمل المخلص والوطنية الحقة».
محليات
حمد الجوعان... رمز وطني لم يمت
16-05-2016