«الصعلكة في الشعر العربي الحديث»... {الشاعر الصعلوك} أمل دنقل نموذجاً

نشر في 13-05-2016 | 00:01
آخر تحديث 13-05-2016 | 00:01
No Image Caption
صدر حديثاً عن سلسلة كتابات نقدية، في الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، كتاب «الصعلكة في الشعر العربي الحديث: تحولات النص والمفهوم» تأليف د. محمد عليم أستاذ الأدب العربي في الجامعة العربية المفتوحة.
صدر كتاب «الصعلكة في الشعر العربي الحديث: تحولات النص والمفهوم» في جزأين، ويبحث في مظاهر تحولات النص والمفهوم في شعر الصعاليك بين القديم والحديث.

لم تأتِ الدراسة خالصة في تاريخ الأدب، ولا بحثاً خالصاً في السياقات النصية المقارنة بين زمنين، إنما هي بين الحقلين، وفق ما اقتضته محطات البحث، لتكون كلاً متناغماً في الوقفات التطبيقية منها.

جاءت الدراسة في أربعة أبواب، يضم كل باب ثلاثة فصول، خصص الأول للأفق التراثي لبحث «الصعلكة والصعاليك» في ضوء المستقر في الدراسات السابقة، وما يمكن تنميته من قراءة ثانية لنصوص الصعاليك الجاهليين، كذلك بحث جدلية العلاقة بين القبيلة بوصفها سلطة جماعية والشاعر الصعلوك بوصفه ذاتاً فرداً لم ينسجم وهذه السلطة الضاغطة، ناهيك بقراءة نص الصعلوك القديم بما يكشف عن مفارقته النمط الفني المعاصر له.

أما الباب الثاني، فجاء في بحث الأفق الحديث، وقارب الدولة الحديثة بالقبيلة القديمة، وبحث حدود التمرّد لدى شعراء العصر الحديث، مع الانتباه إلى ضرورة التمييز بين الشاعر المتمرّد والشاعر الصعلوك صاحب الرؤية الوجودية العميقة، ذلك من خلال شواهد مختارة على الفرق بين النوعين.

إضاءات السيرة

تناول الباب الثالث أمل دنقل الصعلوك، متوقفاً أمام إضاءات السيرة، وبحث آلية الخروج الكاشف لدى الشاعر، مقارناً بنظيره القديم، ووقف على طبيعة الخروجين، وآفاق «تشكيل الواقع» لدى أمل دنقل في ضوء من المفاهيم الوجودية الأساسية.

واتخذ الكتاب الشاعر أمل دنقل نموذجاً كصوت شعري شديد التميز، وله اتجاه دلالي وفكري متفرد، يعبر عنه من خلال بصمة شعرية شديدة الخصوصية لا تجعل شخصيته الشعرية مجرد اجترار من نسخ مكررة ومتداولة.

يشار إلى أن الشاعر أمل دنقل ولد في قرية «القلعة» بمحافظة قنا بالصعيد المصري عام 1940، لأسرة مثقفة يعولها والد متعلم، في فترة يعد فيها المتعلمون على أصابع اليد، خصوصاً في صعيد مصر وغيره من قرى ريفية، حصل على الشهادة العالمية الأزهرية.

وكان هذا الوالد شاعراً موهوباً يملك مكتبة كبيرة أفاد منها الصبي أمل دنقل، وكان من قراءاته المبكرة: «نهج البلاغة» للإمام علي، و{مقامات بديع الزمان»، وديوان «الشريف الرضيّ»، و{أزهار الشر» لبودلير من ترجمة إبراهيم ناجي. كذلك قرأ للشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل الذي حمل له إعجاباً كبيراً يفوق الحد، وكان إعجابه الطفولي بمحمود حسن إسماعيل يدفعه إلى قص صوره من الجرائد والمجلات والاحتفاظ بها. وكان لهذه القراءات العميقة لفتى لم يتجاوز عمره الرابعة عشر أثر عميق في تكوين شعريّة فذة في مرحلة باكرة. سافر أمل دنقل إلى القاهرة عام 1957 ليلتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس، وبعد ثلاثة أشهر تركها ليلتحق بدار العلوم جامعة القاهرة، ولم يطق البقاء في الأخيرة أكثر من يوم.

ترك أمل الدراسة تماماً، وعاش حياة الصعلكة، وعزى كثيرون صعلكته واختياره حياة التشرد لنوازعه الداخلية المتمردة على القيود كافة، وفي إطار هذه الحياة كان دائم البحث عن المعرفة، كثير الاطلاع، وكانت قراءاته بمثابة «بحث وكشف، ولم تكن مجرد تراكم معلومات، ولكن ما تثيره هذه المعلومات، أن القراءة كانت عملاً إبداعياً بالنسبة إليه».

أصدر الشاعر دواوينه: «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة» (1969)، «مقتل القمر» (1972)، «العهد الآتي» (1975)، «أقوال جديدة عن حرب البسوس» (1976)، «أحاديث في غرفة مغلقة» (1979)، وأخيراً «أوراق الغرفة ثمانية» (1983) الذي أصدره أصدقاؤه بعد وفاته. وكتب معظم قصائده في الغرفة رقم 8 في معهد السرطان حيث كان نزيلاً يتلقى العلاج في آخر أيام حياته.

وخصص المؤلف الباب الرابع لبحث «التحولات»، تحولات مفهوم الصعلكة والصعاليك بين القديم والشائع في الحديث، تحولات النص من حيث الهيكل، والتشكيل الداخلي، والتناص، والمشهدية، ثم الإيقاع بمفهومه الأوسع، وختم بقراءة نص «مراثي اليمامة»، فجمع شتات التحولات في إطار من مقاربة المنهجية اللسانية النصية في التأويل.

back to top