«هاجس المؤامرة في الفكر العربي»... بين التهوين والتهويل
صدر عن دار «بيسان» اللبنانية كتاب «هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التهوين والتهويل» للكاتب علي بن إبراهيم النملة في 213 صفحة من القطع المتوسط، مقسمة إلى ثماني وقفات وخاتمة.
تتناول الوقفة الأولى من «هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التهوين والتهويل» مفهوم المؤامرة وصناعة الأعداء، وإسناد العقل العربي كل ما هو غير قابل للتفسير إلى أياد خفية وقوى مجهولة متحكمة تتغير عبر التاريخ، تكون أحياناً الشيوعية أو اليهودية، أو أخيراً أميركا. أما العقل الغربي فيسند الخطر غير المعلوم إلى «المسلمين» أو الشرق أوسطيين.ويتناول الكتاب في الوقفة الثانية المؤامرة والسياسة، فيشير المؤلف علي بن إبراهيم النملة إلى أن غالبية المؤامرات السياسية كان باعثها الصراع لأجل طلب السيطرة والنفوذ والسلطان، أي أنها في جوهرها لون من ألوان الصراع السياسي. أما الوقفة الثالثة فتناقش المؤامرة والصهيونية، حيث نقرأ أنه لا يكاد يمرّ نقاش عن المؤامرة من منطلق الاعتراف بوجودها على الواقع من دون تهوين ولا تهويل، إلا وتستحضر تيارات مثل الصهيونية بمفهومها الاحتلالي والماسونية بما تكتنفه من سرية وخفاء وغموض، تلك الحركة المتحالفة مع الصهيونية الاحتلالية أو البهائية أو الغلو والتطرف، ويدخل معه الإرهاب الفكري.
توظيف المؤامرةوتسرد الوقفة الرابعة بعنوان «توظيف مفهوم المؤامرة» أن ثمة مزاعم حول وجود مؤامرة في كل من صعود الإنسان إلى القمر، واغتيال الرئيس الأميركي كيندي، واغتيال قاتله مباشرة، ومؤامرة البارود، ومؤامرة شارع كاتو المشهورة بين البريطانيين، واغتيال القس مارتن لوثر كينغ وموت قاتله في السجن، وتصدير عدد من الأمراض القاتلة مثل نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» عن طريق الإرساليات التنصيرية، وذلك لقتل أكبر عدد من صعاليق العالم، كما يقول الخبير الأميركي وليام كوبر، إذ يصاب أكثر من 30 مليون شخص بهذا المرض في إفريقيا وحدها، ومثل تصدير التبغ الدول النامية حيث 82% من المدخنين، ومقتل الأميرة ديانا ويلز مع محمد الفادي في حادث نفق ألما للسيارات في العاصمة الفرنسية باريس مساء السبت 30 أغسطس 1997. ثم يتطرق المؤلف إلى الحديث حول الزعم بمؤامرة أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار برجي التجارة العالميين في العاصمة الأميركية واشنطن، إذ أسندها البعض إلى أن أميركا نفذتها بعد ضغط صهيوني لتسليط الحرب على العالم الإسلامي، ويدلل على ذلك بعدم ذهاب نحو 4500 يهودي إلى أعمالهم صباح هذا اليوم في محيط برجي التجارة، كذلك وجود جواز سفر عربي جديد لم تمسه نار عثر عليه بارزاً على أنقاض الفولاذ! ويشير البعض إلى أن تفجير الطائرات كان باستخدام «غلوبال هوك»، وكذا الحديث حول أن وزارة الدفاع ضربت بصاروخ ولم تسقط عليها طائرة، ومنها أن خطة ضرب البرجين مستوحاة من خطة سابقة لضرب ساحل فلوريدا تسمى خطة «نورث وودز» التي صممت سنة 1962 يقتل فيها مواطنون وتسقط طائرة وتغرق سفينة ويلصق الأمر بالكوبيين.الخطاب العربييتطرّق الكاتب في الوقفة الخامسة إلى المؤامرة في الخطاب العربي، ويضيف في كتابه أنه يمكن القول بأن مفهوم المؤامرة ظهر بوضوح في محيطنا العربي مع احتلال اليهود لفلسطين وتواطؤ بعض المعنيين مع العرب في تهيئة الظروف لهذا الاحتلال، خصوصاً بعد قلة أو انعدام ثقة العرب بمؤسساتهم السياسية.ويأخذنا الكاتب في الوقفة السادسة بعنوان «المؤامرة بين التهويل والتهوين»، فيقول إن استقراء ما طرحه في الكتاب حول مفهوم التهويل أو التهوين يعود إلى اقتناعات فكرية يجري تصنيف الناس من خلالها.ويعرض الكاتب في الوقفة السابعة المنهج الوسط بين المهولين والمهونين للمؤامرة، قائلاً إن الفريق الوسط إن لم يثبت المؤامرة إثباتاً قاطعاً لا يكون لهذا المفهوم أثر. ويستعرض في الوقفة الثامنة والأخيرة بعنوان «المؤامرة والتهوين من الذات.. جلد الذات»، أقوال عبد الله القصيمي من بينها إن «العرب ظاهرة صوتية»، ومقولة موشيه دايان (وزير الحرب الأسبق في دولة اليهود في فلسطين المحتلة) «العرب أمة لا تقرأ»، موضحاً أن العرب اكتفوا بالرد على الأقوال ضدهم بعدما سيطر على العقول والأذهان تربص الأمم الأخرى جميعها بالإسلام والمسلمين، الأمر الذي لا يمكن نفيه بالجملة، ولكنه لا يصل إلى الإعاقة الذهنية وشل حركة التفكير.