Green Room... رعب جامح!
في فيلم Blue Ruin (الخراب الأزرق) الذي وضع الكاتب والمخرج جيريمي سولنير على الخريطة السينمائية في عام 2013، بدا مستوى التشويق مدروساً وتحت السيطرة. يتبع العمل خطة عنيفة ومتعمّدة لطرح قصة عن انتقام طال انتظاره. ثم يتخذ سولنير في فيلمه اللاحق Green Room (الغرفة الخضراء) مقاربة معاكسة فيتناول قصة رعب عن الفوضى وفرص العنف العشوائية في عالم عروض فِرَق {البانك}.
كان فيلم Blue Ruin لجيريمي سولنير عاطفياً بكل وضوح وتطرّق إلى الخلافات العميقة داخل العائلات، بينما يجمع فيلمه الأخير Green Room بين غرباء لمعرفة ما سيحصل معهم في أقسى الظروف ويضيف لمسة من الفكاهة الكئيبة إلى الأحداث المريعة.يشكّل هذا التغيير نوعاً من الوحي بالنسبة إلى سولنير، فينقل جزءاً واقعياً من عالم فِرَق «البانك» بطريقة مباشرة. قد يكون هذا العمل من نوع أفلام الرعب التي لم تعرف أنك تريد مشاهدتها يوماً كونه يجمع عناصر متباينة في مزيج عنيف ودموي وصاخب من مظاهر الرعب المغمّسة بالشقاء.يدخل Green Room في خانة أفلام التشويق حيث يقع خطبٌ ما ثم يقوم جميع أبطال القصة بخيارات سيئة، ما يؤدي إلى زيادة الوضع سوءاً. في هذه الحالة، تجد فرقة موسيقية شابة نفسها في منطقة بعيدة من {أوريغون} يغلب عليها الطابع النازي الجديد والبعيد عن نمط تفكيرها تماماً.حضر أعضاء الفرقة بكل بساطة لإحياء حفلة وجمع ما يكفي من المال لدفع ثمن البنزين والعودة إلى ديارهم في العاصمة واشنطن في شاحنتهم القديمة. بعد العرض، يذهب بات (أنتون يلشين) لجلب هاتف سام (عليا شوكت) من غرفة تبديل الملابس فيصبح شاهداً على جريمة مروعة. يقرر رجل الأمن (إريك إدلستاين) ومدير النادي (ماكون بلير) بسرعة احتجاز الفرقة في الغرفة مع الفتاة الجامحة أمبير (إيموجين بوتس) لمنعهم من الاتصال برقم الطوارئ أو الذهاب إلى الشرطة. سرعان ما يظهر رب عملهم (باتريك ستيوارت) لإعادة السيطرة على الوضع، وتشارك في هذه العملية كلاب وأسلحة وشباب يحملون اسم {الأربطة الحمراء}. فوضى العنفيستكشف الفيلم فوضى العنف وتفاهة الشر المحض، حين يُعتبر تعدد الجرائم سخيفاً بقدر مسح الأرض وإخراج القمامة أو أي أعمال منزلية ومهام عادية أخرى. تتعلّق أكثر جوانب الفيلم رعباً باللامبالاة السائدة تجاه توسّع حركة النازيين الجدد وتحوّلها إلى بؤرة اجتماعية أخرى أو نادٍ جديد يمكن الانضمام إليه، ويؤدي ستيوارت في القصة دور الزعيم المحاصر. لا يشبه هؤلاء الناس الفاشيين بكل وضوح، بل إنهم أكثر خبثاً لأنهم يبدون عاديين ظاهرياً ويكونون منظمين جداً.يؤدي يلشين وبوتس دورهما في الفيلم كغريبَين لهما وجه بريء فيتّحدان لاستعمال ذكائهما ومحاربة القوى التي تواجههما. تحصل مواجهة بين العقل والقوة الجسدية ولا يتّضح مطلقاً الجانب الذي سيتفوق. تقع أعمال العنف على شكل دفعات، فتحصل حوادث إطلاق نار سريعة تسبّب التشويه أو القتل. يكون الإيقاع سريعاً ثم يتباطأ، إذ تُخصَّص فترات طويلة بعد أعمال العنف للتفكير بأنّ قراراً أو خياراً واحداً يكفي لتغيير مسار الحياة كلها.يعكس سولنير جو النادي الغامض والقذر والكئيب ويعرض طقوس الثقافة المتشددة بأدق التفاصيل، بما في ذلك قصّات الشعر والسترات والأحذية: يحمل كل تفصيل معنىً مهماً. صحيح أن الفيلم يعبّر عن طاقة فوضوية على مستوى الموسيقى والعنف، لكنّ شيئاً في صناعته ليس عشوائياً. يبدو كل تفصيل دقيقاً وتتشابك الخيوط كافة فيه لإنتاج فيلم رعب شبه مثالي.