«سمارى»

نشر في 03-05-2016
آخر تحديث 03-05-2016 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي منذ أن ترجلنا من بساط الريح الذي حملنا إلى كل بقاع الدنيا، منذ أن طوينا تلك الصفحة من الحياة الدبلوماسية التي أتاحت لنا الكثير من اللقاءات والمشاهدات حول العالم، منذ ذلك الوقت دأبنا على اللقاء صباح كل يوم اثنين مع إخوة كرام لنستعيد معاً حديث ذكريات الأمس عندما كنا نتولى مسؤولية رئاسة البعثات الدبلوماسية الكويتية في العالم، بالتأكيد لم تكن تلك مهمة سهلة لكنها رائعة ومسؤولية غاية في الحساسية وبذل الجهد لخدمة هذا الوطن الذي أعطى الكثير لأبنائه.

 في أحد تلك الأيام وبعد أن أخذ كل منا مقعده، جلس على الطاولة بجانبنا عدد من شباب الكويت، واتضح لي من حديثهم أنهم مختلفو التخصصات وتنوع مجالات العمل، ولا أدري لماذا كانوا موجودين في المقهى في هذا الوقت خارج مقار عملهم، ونظرا لحديثهم بصوت مرتفع لم أحتج أن "أقط أذني" لمعرفة ما يدور من حوار بينهم، ولكم هالني ذلك الحوار الذي يعبر عن كمّ هائل من الإحباط حول ما ينشر عن كمية الفساد الإداري والمالي الذي يسود البلاد، والخوض في ذمم الناس ومحاولة بعض أعضاء مجلس الأمة إضفاء طابع عدم التوافق مع الحكومة، وذلك بطرح أسئلة واستجوابات يتم إخراجها بأسلوب هزلي استخفافا بعقولنا.

 تحدث أحد الشباب بحدّة وإخلاص نابع من قلب محب لهذا الوطن قائلا: تكفون يا الربع خلونا نقسم بالله العظيم أن نواجه هذا الوضع، خلونا نوقف في وجه كل عضو جعل من مقعده في المجلس مغارة يغرف منها دون رقيب أو حسيب، نوقف في وجه كل عضو أصبح همه الدفاع عن طائفته أو قبيلته أو فئته ضاربا عرض الحائط بمصلحة الكويت وأهلها، تكفون خلونا نقسم بألا يدخل المجلس إلا من يقسم على خدمة الكويت دون ابتزاز لحاجات المواطن، تكفون يالربع لا يدخل المجلس كل من قدم مصلحة ما فوق مصلحة الوطن، ران بعد ذلك صمت عميق مع إحساس بالحب والعشق لهذا الوطن.

 ثم تحدث أحدهم موجها حديثه لزميله الذي يبدو من سير الحديث أنه يعمل في قطاع النفط قائلا له: كيف هانت عليكم الكويت وأهلها؟ لماذا هذا الإضراب الذي أضر البلاد والعباد؟ نعم الكل يقدر خطورة عملكم وتضحياتكم وليس هناك من يقر المساس بحقوقكم، ولكن أين حق الوطن عليكم؟ لكم نتألم لما آلت إليه الأمور! فقاطعه زميله: ولكن بذمتك ما تشعر بالألم عندما تقرأ أو تسمع عن هذا الكم من السرقات والاختلاسات والمشاريع العرجاء ناهيك عن الامتيازات التي تمنح لكبار المسؤولين بما فيها المزارع والشاليهات، بذمتك ما تشعر بالألم عندما ترى ما وصلت إليه الخدمات العامة؟

 أخذ الحوار منحى الحدة في الطرح، فتحدث أحدهم قائلاً: يا جماعة ترى حتى المواطن مقصر بحق الوطن "شوفوا فلان راتبه وصل السما وحتى الآن ما يدل مكان دوامه"، فرد عليه صاحبه ضاحكاً: اشدعوة إنت تدري، تواصل الحديث والحوار الممزوج بالحب والعشق لهذا الوطن، وصحت من القلب عمار يا كويت العزة والفخر والحرية، ترى هل يمكن أن يدور مثل هذا الحوار في أي بلد غير الكويت في المقاهي وأمام الملأ لا في السراديب والمخابئ، ثم يذهب الجميع إلى منازلهم آمنين؟

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top