صار ضرورياً إنقاذ مفاوضات اليمن
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
حتى اللحظة، وبعد مضي أكثر من شهر، في لقاء بين أطراف لا تثق ببعضها، تم ترتيب وقف لإطلاق النار، وتحديد معالم إطار التفاوض. وفي حالات النزاع المسلح، فإن نقطة الانطلاق لإنجاح التفاوض تبدأ بوقف فوري لإطلاق النار، وقد حدث هذا، وإن كان يعاني بعض الاختلالات. تم تقسيم عملية التفاوض إلى ثلاثة مسارات، السياسي والأمني والأسرى والسجناء. تم تحديد ١٤ شخصاً من كل طرف للمسارات الثلاثة، ٦ للأمني ومثلها للسياسي، و٢ فقط للمسار الإنساني. لم يتحقق تقدم يذكر على المسارين الأمني والسياسي، وهو أمر متوقع. ولكن برز شيء من تقدم في المسار الإنساني.النظرة الدونية للمسار الإنساني دليل على فهم غير دقيق لتقنيات العملية التفاوضية. ففي حالات النزاع المسلح الصعبة يصبح المسار الإنساني هو المسار القائد، ليس لأنه الأكثر أهمية فحسب، ولكن لأنه الأسهل حلاً. فالنجاح الذي سيحققه المسار الإنساني سيكون بمثابة قاطرة، تجر وراءها المسارات الأخرى، فتدعم إجراءات بناء الثقة، وتعزز فتح الجبهات، والمعابر لحركة الناس الطبيعية ومرور القوافل للمساعدات الإنسانية والإغاثية.هناك إشكالية أخرى تعيق التفاوض، وتتمثل في عدم الوصول الى نقاط اتفاق بحجة ضعف التواصل مع القيادة العليا. ولذلك فإنه ورغبة في التقاط الأنفاس، وخشية من إعلان فشل مفاجئ بسبب تصريح هنا أو تصريح هناك في أجواء إعلامية محتقنة، ورغبة أطراف متنوعة في إفشال التفاوض، فإنه صار ضرورياً الإعلان عن انتهاء الجولة الأولى، وإعطاء المفاوضين فرصة جيدة للتشاور والعودة بعد شهر رمضان، برؤى أكثر وضوحاً وتحديداً. شريطة أن يتم ذلك في إطار جولات مكوكية، تقوم بها الجهات الراعية، والسعي إلى استمرار الإفراج عن الأسرى، كما قيل ٥٠٪ قبل رمضان، مما سيضفي شيئاً من المصداقية على المسارات كلها.بالطبع هذا ليس تفاؤلاً، ولكن إفراط في الواقعية، واستناد إلى خلفية طويلة في العمل التفاوضي لنزاعات ربما أصعب من النزاع اليمني. ولعل الكويت تكون بداية طريق طويل لنهاية أحزان اليمن. نأمل ذلك.