يرى بعض أهل اللغة أن كلمة "بدون" هي خطأ لغوي شائع، فـ"الباء" هنا باء المصاحبة وتأتي للاستعانة والمعية، بينما "دون" تفيد الاستثناء، ولا يصح جمع المصاحبة مع الاستثناء في كلمة واحدة!
وحقيقة لا أعلم إن كان هذا الرأي اللغوي صحيحاً أو خاطئاً، ولكني موقن تمام اليقين بأن هؤلاء "البعض" لم يزوروا الكويت قطعاً ولم يتزودوا يوماً بأخبار "بدونها"، إذ إنهم لو فعلوا لتخلوا عن سببهم الماسخ والبارد حول عدم جواز جمع المصاحبة أو الاستعانة مع الاستثناء في كلمة واحدة وتابوا بعده توبة لغوية نصوحاً!"البدون" هنا وطوال عقود طويلة كانوا ومازالوا كلمة جُمعت فيها الاستعانة والاستثناء بلا حرج أو مرج، استعنا بهم جنوداً في الميدان وشهداء في المقابر، وموظفين في الإدارات واتخذناهم أصدقاء وأنسباء وأوراقاً انتخابية نلوح بها في مقرات الترشيح، وتكتيكات سياسية نبوح من خلالها بمكنون المطامح والمصالح، استعنا بدمعهم سقياً لعطش البلاد في هاجرة الأزمات، واقترضنا سنين أعمارهم "جملة ومفرق" فداء لدلع مماطلتنا وتسويفنا، ومع كل هذه الاستعانة جمعنا عليهم أيضاً وبدون فواصل أو نقط وبذات كلمة الواقع المحكي الاستثناء، فاستثنيناهم من حق الهوية وحق التعليم وحق الصحة، وحقهم في معيشة كريمة وحقهم في أن يكونوا بشراً "كرمال عين آدم" أبينا وأبيهم، وغير هذا من استثناءات شتي شتتت أحلامهم ومرت عليها مصداقية حلولنا مرور الكرام!لا يا سادتي "البعض" من أهل اللغة، كلمة "بدون" هنا ليست خطأ إملائياً جناه علينا جهلنا بقواعد النحو والصرف، بل هي "خطأ أملي" على سطور حاضرنا جناه علينا جهلنا بقواعد "الحُنو" و"العطف" تجاه إخوان لنا في الأصل والدين والتاريخ.
مقالات
خارج السرب: البدون... خطأ حنوي
14-05-2016