رغم توعد العبادي باتخاذ إجراءات رادعة لمن تسول له نفسه الاعتداء على مؤسسات الدولة، شهد العراق أمس جولة تظاهرات تقدمها أنصار زعيم التيار الصدري، وشملت جميع المحافظات، واستثنت ساحة التحرير وسط بغداد، التي تحولت إلى ثكنة عسكرية.

Ad

خرجت تظاهرات حاشدة شارك فيها الآلاف أمس، في عدة مناطق عراقية من ضمنها العاصمة بغداد، مؤكدين مطالبهم بالإصلاحات ومحاربة الفساد.

وقال مصدر عراقي، إن آلاف المواطنين تظاهروا بعد صلاة الجمعة في مناطق عديدة من العراق، منها العاصمة بغداد ومحافظات أخرى مثل البصرة، وواسط، وكربلاء، والنجف، والديوانية، والسماوة، والحلة وغيرها، مضيفا أن المتظاهرين أعربوا عن استيائهم من الأوضاع التي وصل إليها البلد.

وأكدوا ضرورة التصويت على حكومة التكنوقراط التي من شأنها تحسين ظروف البلد.

وكان مكتب الشهيد الصدر أعلن في بيان في وقت سابق أمس، أن التظاهرات المقررة، ستكون مناطقية في أماكن إقامة صلاة الجمعة، مشيرا إلى عدم وجود تظاهرة في ساحة التحرير وسط بغداد.

وأكد البيان أنه "سيتم تحديد مكان وزمان التظاهرات المليونية حال انعقاد جلسة البرلمان".

إجراءات أمنية

في السياق، أفادت مصادر أمنية وشهود عيان أمس، بأن السلطات الأمنية أغلقت عدة طرق مؤدية إلى ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد.

وذكرت المصادر أن "السلطات العراقية أغلقت أربعة جسور على نهر دجلة تربط جانبي بغداد وشوارع رئيسية وفرعية بالكتل الإسمنتية، لمنع تدفق آلاف المتظاهرين الى ساحة التحرير قادمين من مناطق متفرقة من بغداد، للمطالبة بإجراء إصلاحات في الحكومة العراقية".

العبادي

إلى ذلك، هدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مساء أمس الأول، باتخاذ إجراءات "رادعة" بشأن "المعتدين" على مؤسسات الدولة وملاحقتهم قانونياً.

وقال العبادي في كلمة متلفزة، إن "الحكومة ستتخذ إجراءات رادعة لمنع من تسول له نفسه التعدي على حقوق المواطنين وأمنهم"، مؤكداً أنه "تم توجيه وزارة الداخلية بالتحقيق في حوادث الاعتداء والتخريب التي حصلت وملاحقة مرتكبيها وفق القانون".

وأضاف "أمرنا بفتح تحقيق شامل في أسباب ما حصل ومحاسبة المقصرين في أداء مسؤولياتهم في توفير الحماية اللازمة"، مشيراً إلى اتخاذه "إجراء بتغيير المنظومة الأمنية، ووضع خطط لحماية المؤسسات الدستورية، ومنع تكرار ما حصل مؤخراً".

وأكد العبادي "لقد تحلينا بأقصى درجات الحكمة وضبط النفس ولم ننجر إلى ما يؤدي إلى تضاعف الوضع وإراقة الدماء"، مبيناً أن "البعض استغل صبرنا وحكمتنا وتجاوز الحدود، وفي ضوء ذلك سنعاقب أولئك الذين اعتدوا ولن نسمح لهم باستباحة المؤسسات وانتهاك حرمات الآخرين".

المرجعية الدينية

في غضون ذلك، قال المرجع الديني محمد تقي المدرسي، أمس، إنه "اقترح على الحكومة العراقية حل الأزمة بتشكيل برلمان شعبي مكوّن من الحوزات العلمية وأساتذة الجامعات وشخصيات عشائرية وسياسية"، مبيناً أن هذا البرلمان "سيكون رديفاً لمجلس النواب العراقي، لمناقشة أوضاع البلاد وحل مشاكله وفقا لمبدأ الشورى".

وطالب المدرسي في كلمته الأسبوعية التي ألقاها في مدينة كربلاء السياسيين "بالعمل وفق ما يقوله الدستور العراقي للخروج من الأزمة الحالية"، محذراً من "الاستئثار بالحكم وترك التوافق مع الأطياف المختلفة". وشدد بالقول "لابد من الاجتماع على فكرة واحدة وعمل واحد، لنواجه الفتن الداخلية بسعة الصدر والتعاون والتفاهم".

ورأى المدرسي أن "الأزمة التي يمر بها العراق والعديد من دول المنطقة جاءت بسبب الإسلام السياسي"، موضحا أن "العراق ابتلي بالإسلام السياسي الذي أجبر الناس على أفكار معينة لا تتناسب مع واقعهم".

ودعا "زعماء الحركات والأحزاب إلى تطهيرها من المدسوسين ومن يحملون نفساً انتقامياً".

تنصل البرلمان

في السياق، قال إمام وخطيب مسجد الكوفة في النجف مهند الموسوي أمس، إن "البرلمان تنصل عن واجبه وتهرب من تنفيذ وعوده بالتصويت على وزراء مستقلين"، مبينا أن "البرلمانيين لا يراقبون في شعبهم رحماً ولا ذمة، وليس عليهم أسهل من أن يستهينوا بالشعب ومطالبه المشروعة، فكان منطقيا أن يقتحم الشعب العراقي البرلمان ليريهم شيئا بسيطا من بأسه وجديته على تحقيق المطالب الوطنية".

وأضاف الموسوي، أن "المتظاهرين والمعتصمين الذين دخلوا مبنى البرلمان اظهروا تصرفا حضاريا أدهش جميع المراقبين"، موضحا أن "هذا النجاح في المحافظة على سلمية الحراك الإصلاحي يعود بالفضل لتأكيدات وتوصيات السيد مقتدى الصدر للجميع بالتزام المنهج السلمي بشكل تام وحاسم".

وحذر "المتربصين خصوصا بعض السياسيين الذين ساءهم السلوك المتحضر للجماهير المليونية، وكانوا يراهنون على حصول أعمال شغب ونهب إلحاق الأذى أو التآمر على العراقيين أن الجماهير أقوى من الطغاة".

وأكد الموسوي "ضرورة بقاء سلمية التظاهرات".

إلى ذلك، شدد خطيب جمعة النجف صدر الدين القبانجي أمس، على أن يكون الإصلاح صحيح الأهداف والأدوات والآليات.

وقال القبانجي خلال خطبة صلاة الجمعة في الحسينية الفاطمية الكبرى في النجف الأشرف، إن "الإصلاح حق، والعراق بحاجة إليه، والمرجعية والشعب تطالب به"، مضيفا: "أننا لا نشك في وجود نوايا صالحة تريد الإصلاح، ولكن يجب الوقوف أمام المندسين ويجب التبرؤ منهم".

ودعا إلى "مواصلة الإصلاحات رغم المشاكل التي حدثت".

ولايتي يلوِّح للمتظاهرين بعصا «الحشد»

اعتبر مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، أمس، أن الحكومة في العراق لن تتأثر ببعض ما وصفها بالتحركات العسكرية التي تقوم بها بعض أطياف المعارضة من هنا وهناك.

كما اعتبر أن ميليشيات الحشد الشعبي لن يصعب عليها التصدي لبعض الأطراف، التي وصفها بغير المسؤولة وغير الواعية، والتي تثير بعض الاضطرابات والقلاقل في الساحة العراقية، مضيفا، أن الحشد الشعبي استطاع خلال ساعات قليلة أن يخرج كل من دخل إلى المقار الحكومية، سواء البرلمان أو مكتب رئيس الحكومة، وأخرجهم من المنطقة الخضراء.