اتهم حزب الله «جماعات تكفيرية» بقتل رجله الثاني مصطفى بدرالدين قرب مطار دمشق، متجنباً توجيه أي اتهام لإسرائيل، ما يعني أن الحزب يشير إلى أن هناك اختراقاً استخبارياً من قبل الفصائل الإسلامية مكّنها من معرفة مكان وجود بدرالدين واستهدافه، أم انه قتل مصادفة.

Ad

لايزال لبنان مشغولاً بمقتل القيادي الكبير في "حزب الله" مصطفى بدرالدين (الملقب بذوالفقار)، المتهم بالتورط في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، والذي حكم عليه بالإعدام في الكويت لضلوعه في عمليات إرهابية.  

وتنفيذاً لوعده بالكشف سريعاً عن تفاصيل مقتل بدرالدين، الذي قضى في انفجار قرب مطار دمشق الدولي، أعلن "حزب الله" أن بدرالدين قتل في قصف مدفعي من قبل "جماعات تكفيرية"، متجنباً للمرة الأولى من ذكر إسرائيل في الاتهام.

وقال "حزب الله" في بيان هو الثاني منذ مقتل بدرالدين، إن "التحقيقات الجارية أثبتت أن الانفجار الذي استهدف أحد مراكزنا بالقرب من مطار دمشق الدولي، والذي أدى إلى استشهاد الأخ القائد السيد مصطفى بدرالدين، ناجم من قصف مدفعي قامت به الجماعات التكفيرية الموجودة في تلك المنطقة".

وأضاف البيان أنه "نتيجة التحقيق ستزيد من عزمنا وإرادتنا وتصميمنا على مواصلة القتال ضد هذه العصابات الإجرامية، وإلحاق الهزيمة بها، وهذه هي أمنية وآمال شهيدنا العزيز السيد ذوالفقار ووصيته لإخوانه المجاهدين. وفي كل الأحوال فإنها لمعركة واحدة ضد المشروع الأميركي- الصهيوني في المنطقة، الذي بات الإرهابيون التكفيريون يمثلون رأس حربته وجبهته الأمامية في العدوان على الأمة ومقاومتها ومجاهديها ومقدساتها وشعوبها الحرة الشريفة".

في المقابل، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصادر في "الفصائل الإسلامية العاملة في القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية" ومصادر داخل قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، نفيها لرواية حزب الله، مؤكدة أنه "لم يتم إطلاق أي قذيفة صاروخية على مطار دمشق الدولي أو منطقة المطار خلال الأيام الفائتة، كما لم يرصد نشطاء المرصد السوري في المنطقة سقوط أي قذيفة".

وقال المرصد في بيان، إن "كل ما نشره حزب الله حول رواية مقتل قائده العسكري بقذيفة أطلقتها الفصائل عليه في منطقة مطار دمشق الدولي عارٍ من الصحة جملةً وتفصيلاً، وعلى حزب الله أن يظهر الرواية الحقيقة".

إسرائيل والنظام

وتقاطعت رواية حزب الله مع ما قاله يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه رغم أن قتل بدر الدين "خبر سار" لكن "اسرائيل ليست دائما مسؤولة عن ذلك".

وأيضا مع ما قاله مصدر أمني سوري لوكالة "فرانس برس"، إن الانفجار وقع ليل الخميس- الجمعة في مستودع قرب مطار دمشق الدولي، موضحا أن أحداً لم يسمع ضجيج طائرة قبل الانفجار، كما أنه لا أحد يعرف ان بدر الدين كان موجودا في هذا المكان.

وكانت واشنطن أعلنت أمس الأول أن أيا من طائرات الائتلاف الدولي بقيادتها لم تحلق في المكان الذي تعرض للهجوم.

ومقتل بدرالدين في غارة إسرائيلية كان ليكون إحراجا لروسيا التي تنسق تل أبيب معها كل عملياتها في سورية من خلال مركز حميميم في اللاذقية، وذلك من خلال خط مباشر.

الحجار

واستغرب عضو "كتلة المستقبل" النائب محمد الحجار "التشابه الحاصل في حادثة مقتل بدرالدين وحادثة مقتل عماد مغنية، لاسيما أنهما متهمان في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ومطلوبان للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان".

وأشار الحجار إلى أن "العملية حصلت في منطقة يفترض أن تكون حصينة أمنياً وعسكرياً لجهة موقعها ونوعية الأشخاص الموجودين فيها، ما يطرح علامات استفهام".

وعلق الحجار على اتهام الحزب لـ"الجماعات الإرهابية" بدل إسرائيل باغتيال بدرالدين، قائلا إن "الحزب بهذه الخطوة إنما يجنّب نفسه عناء الرد على الاحتلال الإسرائيلي، كما يستمر بعملياته العسكرية في سورية، بحجة الانتقام لبدر الدين والرد على التكفيريين".

في سياق متصل، ذكرت وسائل إعلام مقربة من "حزب الله" أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله، قام "بعد ساعات من استشهاد بدرالدين، بتعيين قائد بديل خلفا له لقيادة المعركة في سورية".

وكتبت صحيفة "السفير" اللبنانية الموالية للحزب أنه "لا يمكن تجاهل أن ما حصل يشكل ضربة معنوية، سياسيا وأمنيا، خصوصا في ظل الرمزية التي يمثلها قادة مثل بدرالدين، في هكذا حالات حزبية باتت عملة نادرة، ليس في لبنان، انما في الكثير من الحركات الفدائية والحزبية في المنطقة والعالم".

وأكدت الصحيفة أن "الظروف والمعطيات الأمنية لم تمنع حزب الله من دفع قيادييه المصنفين من الصف الأول، للتواجد في الخط الأول، وهذا الأمر يتم بقرار واع لا نتيجة انفعالات".

وتابعت: "حزب يستشهد أمينه العام (السيد عباس الموسوي) وقائده العسكري (الحاج عماد مغنية) صار بفعل التراكم والخبرات، حزبا ولادا للقيادات والكوادر... سقط مصطفى بدر الدين، ولم تمض ساعات حتى كان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله يوقع قرار تعيين مسؤول يتولى قيادة معركة الحزب على أرض سورية".

ومن المقرر أن يقيم "حزب الله" مراسم تأبينية لبدرالدين، بمناسبة مرور أسبوع على مقتله عصر يوم الجمعة المقبل، في مجمع "سيد الشهداء" في الضاحية الجنوبية لبيروت، يتحدث فيها الأمين العام للحزب حسن نصرالله.

عون يعزي

إلى ذلك، تلقى الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله اتصالاً هاتفياً من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون، قدّم خلاله التعازي ببدرالدين.

أمير عبداللهيان يعزي في بيروت

قام مساعد وزير خارجية إيران للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبداللهيان بزيارة إلى بيروت، أمس، للتعزية في القيادي بحزب الله مصطفى بدرالدين، الذي قتل في سورية.

وفور وصوله إلى بيروت، التقى عبداللهيان عائلة بدرالدين، من ثم توجه إلى روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية لبيروت، يرافقه السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي، حيث وضع إكليلاً من الزهور على ضريحه.

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أبرق أمس الأول، معزياً الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ببدرالدين.

من ناحيته، وصف رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) علي لاريجاني بدرالدين، بأنه "القائد الجهادي الكبير البطل الشجاع"، مقدما "التبريكات والمواساة" لنصرالله وحزب الله بمقتله.

وأشار إلى أن "بدرالدين أمضى سنوات عمره في الخط الامامي لجبهة النضال ضد الكيان الصهيوني وأزلامه في المنطقة"، مضيفاً "هذا المجاهد الذي لم يكن يعرف الكلل والملل كان فضلا عن الجبهة العسكرية، دؤوبا في خنادق الجهاد الثقافي أيضا".

وأضاف: "قلق وهلع الاعداء من هذا الشهيد بلغ حدا، بحيث كانوا يهاجمونه دوما بحملاتهم الإعلامية السلبية، ويمارسون ضده عملية اغتيال الشخصية، الا ان هذه الهجمات لم تزعزع أبدا إيمانه وإرادته الصلبة".

وزعم لاريجاني بأنه "على الرغم من أن حزب الله البطل فقد احد شخصياته اللامعة، لكن المؤكد أن هذا الامر سيقوي عزم القوى الجهادية ضد الكيان الصهيوني وأياديه الإرهابية في المنطقة".

هل قتل بدرالدين بصاروخ فراغي؟

ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، المقربة من "حزب الله" في عددها الصادر أمس، أن صاروخاً فراغياً موجهاً متطوراً جداً سقط على بعد مترين من القيادي في الحزب مصطفى بدرالدين، هو الذي أدى إلى مقتله.

وروت الصحيفة نقلا عن مصدر لم تشر الى هويته أنه "قبل منتصف ليل الخميس- الجمعة بقليل، كان بدرالدين أنهى اجتماعا ميدانيا في مقر للحزب قرب مطار دمشق، وبعد مغادرة رفاقه الاجتماع، كان لايزال في باحة المبنى عندما دوى انفجار، تبين لاحقا أنه ناتج من صاروخ موجه من نوع شديد التطور، سقط على بعد نحو مترين منه".

وأوضحت الصحيفة أن "الصاروخ الموجه يعمل وفق آلية تجعله أقرب إلى القنبلة الفراغية التي تتسبب في انفجار داخلي عند المستهدف، من دون أن تستهدفه بشظايا. وهو ما ظهر عندما نقلت جثة الشهيد إلى المركز الطبي، حيث تبين انه أصيب بشظايا صغيرة في بطنه وأسفل رأسه، لكن الدماء كانت تخرج من أنفه وعينيه، بما يؤشر الى الضغط القائم بسبب الانفجار".

وبحسب المعلومات التي نشرتها "الأخبار" في عددها الصادر أمس، فإن "هذا المقذوف (الصاروخ) لا يطلق من منصة آلية كمدفع أو ما شابه، بل يجري توجيهه، وذلك ربطاً بعملية رصد دقيقة للمكان، وهو ما يتطلب عملا تقنيا رفيعا لا يتوافر الا لدى دول متطورة".

في المقابل، قالت صحيفة "السفير"، وهي مقربة أيضاً من حزب الله، إن بدرالدين "أصيب بشظايا غير قاتلة بالانفجار، وانه استشهد من جراء قوة عصف الانفجار". وروت "السفير" أن الانفجار وقع فيما "لم يكن قد مضى على وصول موكب ذو الفقار إلا وقت قليل إلى مقر أو منزل حزبي يقع في الغوطة، وتحديداً في منطقة قريبة من مطار دمشق، تضم مخازن أسلحة وذخيرة تابعة للجيش السوري".

وتابعت الصحيفة: "عملياً، تفصل بين هذا المقر وبين بعض نقاط المجموعات الإرهابية التكفيرية بضعة كيلومترات قليلة"، مضيفة أن "المنطقة مكشوفة أيضاً أمام حركة الطيران".

ونَقلت وكالة "أكي" الإيطالية عن مصادر عسكرية سورية قولها إنّ "عملية اغتيال بدرالدين في سورية، مطابقة تماماً لعملية اغتيال المسؤول العسكري في الحزب سمير قنطار داخل سورية العام الماضي".

وأضافت المصادر أنّه "مِن المُرجّح وفق المعلومات الأوّلية أنّ بدرالدين اغتيلَ بصاروخ سبايس موجّه عبر نظام متابعة مواقع جغرافية (جي. بي. اس) يتبع شريحة مزروعة في مكان إقامته بريف دمشق، وهي منظومة صواريخ لا يمكن رصدُها بالرادار، ما يُرجّح وجود عملية اختراق سهّلت الوصول إليه".

رئيس الأرجنتين السابق: «حزب الله» قتل ابني

كشف الرئيس الأرجنتيني السابق (1989 ـ 1999)، السوري الأصل، كارلوس منعم، أن "حزب الله" كان وراء حادث المروحية الذي أودى بحياة ابنه كارلوس منعم جونيور (كارليتوس) في عام 1995، وذلك بسبب تراجع منعم عن موافقته على تزويد إيران بصاروخ "كوندور"، الذي يبلغ مداه 150 كيلومترا، مقابل دعم طهران له في الانتخابات الرئاسية.