حول توجه الحكومة ووثيقتها الاقتصادية
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
إذاً نحن أمام توجه حكومي أحادي الجانب، انحيازه الاجتماعي واضح لا تخطئه العين، ولسنا أمام وثيقة إصلاح اقتصادي ومالي حقيقي وعادل لا يمكن تحقيقه من دون إصلاح سياسي-ديمقراطي، بحيث يتمكن جميع المواطنين من المشاركة بصياغة السياسات العامة واتخاذ القرارات من خلال آليات وقنوات دستورية وديمقرطية واضحة، ثم يتحملون في ما بعد ما يترتب عليها من تبعات. هذا من جانب، ومن الجانب الآخر فإن الأرقام والإحصاءات والبيانات المالية والمعلومات المُستخدمة في إعداد رؤية الحكومة وسياساتها الاقتصادية المطروحة حاليا لا يعرفها سِوى الحكومة، وربما "غرفة التجارة" بحكم قربها من الحكومة، فهي غير منشورة ومتاحة للعامة، أي أنه لا يتوافر فيها عنصر الشفافية المطلوبة في العمل الحكومي، وذلك على الرغم من أنها معلومات تهم مباشرة المواطنين كافة وتتعلق بحياتهم ومستقبلهم، وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان، إن لم يكن من المستحيل، الحُكم على مدى دقتها وحداثتها وصدقيتها. ومما يزيد الطين بلّة أن بعض الإحصاءات التي تنشرها الأجهزة الحكومية عادة تفتقد أحياناً الدقة والموضوعية، وبعضها تكون قديمة، بل يتعارض بعضها مع بعض، خذ، على سبيل المثال لا الحصر، ما أُثير من جدل قبل سنوات قليلة حول التعداد العام للسكان، حيث كان هناك فروق لا يستهان بها بين الإحصاءات المقدمة من أجهزة حكومية مختلفة مثل الإدارة المركزية للإحصاء، والهيئة العامة للمعلومات المدنية، والأمانة العامة للتخطيط، ووزارة الداخلية. وإذا ما أخذنا في الاعتبار أنه من غير الممكن صياغة سياسات اقتصادية ومالية لها آثار اجتماعية-سياسية من خلال الاعتماد على إحصاءات وبيانات مالية غير دقيقة أو قديمة ومتعارضة، فما البيانات والإحصاءات، والأرقام، والمعلومات التي اعتمدتها الحكومة هذه المرّة وبنت عليها توجهها وسياساتها الاقتصادية والمالية المُقدّمة حالياً، والتي تُطلق عليها وسائل الإعلام "وثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي"؟!