انتشرت على القنوات الفضائية، في الفترة الأخيرة، فقرات وبرامج طبية حجزت أوقاتاً مميزة لها. حتى أن ثمة قنوات تقدم أكثر من برنامج طبي على شاشتها، فضلاً عن فقرات ثابتة لبعض الأطباء على مدار اليوم وبرامج متخصصة في هذا الشأن.
ترتسم أسئلة عدة حول هذه الظاهرة من بينها: إلى أي مدى تقدم هذه البرامج فائدة صحية للمشاهد، وهل تخضع لقانون العرض والطلب، أي لحسابات الربح والخسارة على صعيد المردود المادي؟قدّم الإعلامي شريف مدكور فقرات طبية عبر برامجه، ويرى في هذا المجال أن البرامج الطبية أصبحت أمراً مهماً بالنسبة إلى الجمهور وربات البيوت، مشيراً إلى أن القنوات الفضائية تتلقى اتصالات ورسائل على الهواء مباشرة للاستفسار من الأطباء الذين تستضيفهم.يتابع أنه استفاد شخصياً من وجود بعض الأطباء معه على الهواء، لا سيما إذا كانوا متخصصين ولا يهدفون إلى الربح، مؤكداً أن «النصائح الطبية السليمة تندرج تحت بند الإعلام العلمي التنويري»، وأن الجمهور الذي يلتقيه في الشارع تكون تعليقاته في غالبيتها حول الفقرات الطبية التي قدمها على مدار تاريخه كمذيع.لا مانع من وجود هذه البرامج على الشاشات، برأي الخبير الإعلامي الدكتور سامي الشريف، مادامت تفيد المواطنين وتعطيهم دروساً في كيفية العيش بشكل صحي، لافتاً إلى أن هذه النوعية موجودة في دول العالم بنسبة مقبولة لا تطغى على الرسالة الإعلامية الأصلية لهذه الكيانات.ويشدّد على أهمية ألا تكون هذه البرامج مبتذلة أو تسعى إلى الربح فحسب، ويتابع: «يجب ألا تسيطر هذه النوعية على القنوات وألا يكون الهدف من ورائها الربح، بل أن تكون بنسبة معقولة ولا تعتمد وصفات من الأعشاب أو أخرى طبيعية إنما الاستعانة بأطباء متخصصين يفيدون المشاهد بعيداً عن الترويج لأنفسهم.إفادة وتوعيةالطبيب أيمن رشوان، مقدم برنامج «الناس الحلوة» على قناة «القاهرة والناس»، يوضح أن البرامج الطبية تثقف المواطنين طبياً وتعمل على زيادة الوعي، «لكن ثمة برامج تحدث فيها كوارث طبية أثناء مناقشة بعض القضايا وبعضها يروج لأدوية غير مرخصة}.يضيف أن البعض ممن يدعون أنهم أطباء يدفعون المشاهدين إلى التعلق بهم بعدما ضاقت أمامهم الحلول، فيستجيبون لما يقوله هؤلاء، مطالباً زملاءه الأطباء بعدم المشاركة في أي برنامج قبل التأكد من الضيوف، خصوصاً إذا كانوا مشعوذين أو ما يطلقون على أنفسهم معالجين روحانيين أو معالجين بالأعشاب الطبيعية.بدوره، يشير حسين زين، رئيس قطاع القنوات المتخصصة في اتحاد الإذاعة والتلفزيون إلى أن هذه البرامج تلقى نسبة مشاهدة كبيرة، لا سيما من ربات البيوت اللواتي ينتهزن هذه الفرصة للاستماع إلى نصائح الأطباء في كيفية الحياة بطريقة صحية وسليمة، لافتاً إلى أن ثمة برامج أجنبية أصبحت بمثابة ماركات مسجلة، نظراً إلى مصداقيتها وإقبال المشاهدين عليها.يضيف أن التلفزيون المصري لا يتعاقد مع أي طبيب إلا عندما يتأكد من كفاءته وأهليته للظهور على شاشة ماسبيرو، ويقول: «نؤدي رسالتنا بعيداً عن البحث عن الربح أو المكسب السريع، إيماناً منا بأن «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» مؤسسة لا تهدف إلى الربح فحسب».أما الطبيب خالد منتصر فيلفت إلى أن القنوات الفضائية تلجأ إلى هذه النوعية من البرامج بسبب ضعف مواردها، لذلك تبيع مساحات زمنية ثابتة يومياً لاستضافة بعض الأطباء الذين يريدون الترويج لأنفسهم، موضحاً أن ثمة قنوات تلعب على وتر تخصصات معينة تهم الجمهور وهي «التجميل» و{الأسنان» و«الأمراض الجنسية».يطالب أصحاب القنوات بإلقاء الأضواء على علاج حالات مستعصية تستحق الاهتمام فعلاً مثل أمراض الأطفال والأمراض الوراثية، مشيراً إلى أن ثمة فضائيات تتعامل مع الأمر كأنه مورد دخل مادي بعيداً عن أي استفادة علمية أو رسالة إعلامية، باعتبار أن السوق الإعلانية الوحيدة المضمونة الآن هي السوق الطبية.دعاية وترويجيوضح الخبير الإعلامي الدكتور حسن علي، عميد كلية الإعلام بجامعة المنيا، أن هذه البرامج تحولت إلى دعاية لبعض الأطباء بعيداً عن الرسالة العلمية الحقيقية للإعلام المرئي، مشيراً إلى أن هذه المنتجات الإعلامية تحولت لصالح القنوات الفضائية بعيداً عن الفائدة التي تعود على المشاهدين.يطالب حسن بأن تشرف وزارة الصحة على هذه النوعية من البرامج وألا تترك المشاهد فريسة لفضائيات تتحكم في المادة المقدمة بعيداً عن الرسالة الإعلامية، ويضيف: «يجب أن توعّي هذه البرامج المواطنين في أوقات انتشار الفيروسات وألا يقتصر دورها على أطباء التجميل والتنحيف، فقد بتنا نفتقر إلى إعلام علمي حقيقي يحترم عقلية المشاهدين».
توابل
البرامج الطبيّة على الفضائيات... «علاج» للفقر الإعلاني
02-05-2016