أرض المعارض كعملاق مترهل يبعث وجوده الحالي على الإحباط والغثيان تفتح الباب أمام سؤال كبير، وهو: أي أمل يمكن أن نعلقه على الحكومة في إحداث برنامج وطني واستراتيجي للإصلاح الاقتصادي وهي عاجزة عن إدارة مرفق واحد مثل أرض المعارض؟

Ad

 أرض المعارض الواقعة في منطقة غرب مشرف كانت رمزاً من رموز التجارة والاقتصاد في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، بل كانت "أيقونة" الخليج اليتيمة في عالم إقامة المعارض والتسويق العالمي، لكن هذا المشروع تحول إلى أرض جرداء وشوارع داخلية تشوهها الحفر والأرصفة المتهالكة ومباني "الجينكو"، ولم يعد فيها أي روح سوى مقاهي الشيشة وشاشات عرض مباريات الدوري الإنكليزي والإسباني في منظر بشع.

في الآونة الأخيرة، جرت عدة محاولات لترميم هذا الصرح الكبير، لكنها لم تَعْدُ كونها تصليحات خجولة ومتواضعة تزيد منظر هذه الأرض الواسعة سوءاً وتخلفاً، في وقت تشهد النهضة العمرانية وفنون الهندسة المعمارية جنون الإبداع وفنونه.

أرض المعارض تقع في منطقة تعتبر الأجمل والأهم والأغلى في الكويت وتساوي مساحتها ذهباً، فهي تتوسط طريق الدائري السادس مع طريق الملك فهد وتمتد في مساحتها إلى حد البصر، لذا فإن هذا الموقع يمكن تحويله إلى أحد معالم دولة الكويت الحضارية وذات المردود الاقتصادي والتجاري الخارق لتضم أرقى أنواع الفنادق ودور العرض وقاعات المؤتمرات العالمية المزودة بتقنية العصر، واستغلال الشوارع الداخلية ومواقف السيارات التعيسة التي تلتهم أكثر من 60 في المئة من مساحتها انطلاقاً من عوائد جدواها الاقتصادية، وتزيينها بالبحيرات الصناعية وممشى للرياضة على الطراز الحديث، وكل ذلك ممكن في ظل قرار واحد قادر على "شيلة هذا المنظر المقرف من عرجه" وبناء مواقف متعددة الأدوار للسيارات تحت الأرض، وبناء صرح جميل يعكس طموح الكويتيين وتاريخهم الحافل بالريادة.

قد تكون مثل هذه المشاريع نموذجاً، ولو صغيراً، لتنويع مصادر الدخل وفتح مجالات الاستثمار والعوائد المالية للدولة إذا ما أُحسِن التصرف فيها بدلاً من التخبط الحكومي والدوران في حلقة مفرغة والانتهاء إلى الحلول الترقيعية، ومنها مد اليد إلى داخل جيوب المواطنين والمقيمين!

في متابعة فردية، ومن باب الفضول الشخصي، تمت بعض الاتصالات مع عدد من السادة الوزراء والمسؤولين لطرح فكرة إعادة بناء أرض المعارض، لكن المفاجأة كانت أنه لا أحد من الوزراء يعلم الوضع القانوني أو الشخصية الاعتبارية لهذا المبنى الذي تتنازع عليه وزارتا المالية والتجارة وشركة أرض المعارض الحكومية، والكل يلقي بالكرة في ملعب الآخرين، والكل يشتكي أن يديه مكبلتان لأي تحرك في هذا الخصوص!

هذه التعقيدات الحكومية والبيروقراطية القاتلة من أهم أسباب تخلفنا وتردد القرار بالإضافة إلى انعدام روح المبادرة والابتكار في عقلية إدارة شؤون الدولة، وأرض المعارض كعملاق مترهل يبعث وجوده الحالي على الإحباط والغثيان يفتح الباب أمام سؤال كبير وهو: أي أمل يمكن أن نعلقه على الحكومة في إحداث برنامج وطني واستراتيجي للإصلاح الاقتصادي وهي عاجزة عن إدارة مرفق واحد مثل أرض المعارض؟ فخلوها على الله يا جماعة!