قررت هيئة توحيد المبادئ القضائية في محكمة التمييز، برئاسة المستشار يوسف المطاوعة، العدول عن المبدأ الذي أصدرته إحدى دوائر التمييز في يوليو الماضي، بإمكانية استخراج شهادة أوصاف من البلدية مع وضع المخالفات في شهادات الاوصاف، مؤكدة أن حق الملكية الخاصة إذا تعارض مع المصلحة العامة فإن الأخيرة تقدم عليه.

Ad

وقالت التمييز، في حيثيات حكمها، الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، إن إجراءات نقل الملكية باعتبارها مقدمات لتنظيم ممارسة ذلك الحق تبقى معه محكومة بمراعاة أحكام القانون الذي ينظمها، متوخيا في ذلك المصلحة العامة التي تخضع من حيث ضرورتها ومداها وحدودها لرقابة القضاء.

ولفتت إلى أن تنظيم إجراءات نقل ملكية العقارات، التي تظل مقيدة بمراعاة أحكام القانون بمعناه الاعم، ومنها القرارات الصادرة من السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء الذي يهيمن على مصالح الدولة، مجنبا البلاد من مخاطر تفشي العشوائيات وتفاقم مخاطر البناء.

وزادت انه لما كان النص في المادة 18 من الدستور على أن «الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون....»، والنص في المادة 810 من القانون المدني على أنه «لمالك الشيء أن يستعمله وأن يستغله أو أن يتصرف فيه في حدود القانون»، مفاده أن الملكية الخاصة، وإن كانت مصونة بموجب الدستور والقانون، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه، إلا في حدود القانون.

وأضافت المحكمة: إلا أنه ليس هناك حق مطلق دون قيد ينظمه، وأن حق الملكية بما يرتبه من تمتع المالك بالتصرف فيه، ليس حقا مطلقا عصيا عن التنظيم التشريعي الذي تقتضيه المصلحة العامة، بل إنه- وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني- قد يحرم المالك من التمتع بهذا الحق مؤقتاً، باعتبار أن للملكية وظيفة اجتماعية، فالقانون يحميه ما دام يمارس سلطانه في الحدود المرسومة لهذه الوظيفة.

وتابعت: أما إذا خرج على هذه الحدود، فلا يعد مستحقاً لحمايته، حتى يعود إلى جادة القانون، ويترتب على ذلك، أنه حيث يتعارض حق الملكية باعتباره مصلحة خاصة مع مصلحة عامة، فالمصلحة العامة هي التي تقدم، كما أن إجراءات نقل الملكية باعتبارها مقدمات لتنظيم ممارسة ذلك الحق تبقى محكومة بمراعاة أحكام القانون الذي ينظمها، متوخياً في ذلك الصالح العام، الذي يخضع من حيث ضرورته ومداه وحدوده لرقابة القضاء.

ولفتت المحكمة إلى أن النص في المادة 3 من المرسوم بقانون التسجيل العقاري رقم 5 لسنة 1959 على أن «تختص دائرة التسجيل العقاري بتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات، وتقوم في سبيل ذلك بما يأتي:..... معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وحساب مسطحاتها....»، والنص في المادة 13 من نفس القانون على أنه يجب أن تشتمل المحررات المراد تسجيلها على ما يأتي: أولا.... ثانياً:..... ثالثاً: البيانات اللازمة والمفيدة في تعيين العقار، وعلى الأخص موقعه ومساحته وأطواله وحدوده.... والنص في المادة 16 منه على أن يتولى القسم الفني الإجراءات الهندسية ومراجعة الطلب من الناحية المساحية، وعلى الأخص فيما يتعلق بمعاينة العقار على الطبيعة، للتثبت من موقعه وأطواله ومسطحه وحدوده، وما يتبع ذلك من تطبيق مستندات التمليك، والتأشير على الخرائط، بما يفيد ذلك، وكذا إعداد ملف لكل معاملة يبين به الرقم وتاريخ الطلب ورقم وتاريخ التسجيل النهائي والنص في الفقرة الأخيرة من المادة 2 من القانون رقم 5 لسنة 2005 بشأن بلدية الكويت على أن «.... تتولى البلدية الأعمال المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون التسجيل العقاري الخاصة بمعاينة العقارات ومسحها وعمل رسوماتها وحساب مسطحها.....»، مفاده أنه لتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات، فقد أناط القانون بالبلدية معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وإصدار شهادات بذلك.

التصدي لتجاوزات السكن الخاص

وذكرت المحكمة أنه إعمالاً لأحكام القانون، وتنظيماً لإجراءات تسجيل العقارات، فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 614 بتاريخ 29/ 7/ 2009- تصديا لظاهرة التجاوزات في السكن الخاص- بتشكيل لجنة برئاسة وزارة العدل (التسجيل العقاري) وعضوية ممثلين عن وزارة الكهرباء والماء، وزارة التجارة والصناعة، إدارة الفتوى والتشريع، وبلدية الكويت لاقترح الإجراءات والتعديلات التشريعية المناسبة، للحد من مشكلة التملك بالمشاع في السكن الخاص، والطلب من البلدية وقف جميع تراخيص البناء، وإصدار كتب تحديد للعقارات المخالفة ضمن المشاع، لحين انتهاء اللجنة المشكَّلة.

تنظيم إجراءات

وأوضحت المحكمة انه كان يبين من هذا القرار أنه صدر توخياً للصالح العام وتنظيماً لإجراءات تسجيل العقارات بوقفها مؤقتا لحين ازالة المخالفات العالقة بها، التزاما بنظم البناء والحد من أي مخالفات بها تعيق تطبيق النظام المعماري المعتمد وفقاً المخطط الهيكلي للدولة، وقد خلا من مقالة المساس بسلطان المالك وحقه بالتصرف في ملكه، إذ إن هذا التنظيم تعلق بتنظيم إجراءات نقل ملكية العقارات والتي تظل مقيدة بمراعاة أحكام القانون بمعناها الأعم ومنها القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء الذي يهمين على مصالح الدولة عملا بالمادة 123 من الدستور، متوخيا في ذلك الصالح العام تجنيبا للبلاد من مخاطر تفشي العشوائيات وتفاقم مخالفات البناء.

ولا يعد ذلك مانعا للمالك من التصرف في ما يملك، لحين انتهاء اللجنة المشكلة من أعمالها أو إزالة المخالفات العالقة بالعقارات، أيما الأجلين قضي، يكشف عن توقيت تلك الإجراءات لا تأبيدها، وبما يحق معه للبلدية الامتناع عن إصدار كتب تحديد- شهادات أوصاف للعقارات المخالفة ضمن المشاع التي عناها القرار المشار اليه، التزاما بما ورد به من توجيه للبلدية، مما يعد التزامها بعد إصدار شهادات تحديد العقار عملا ماديا لا قرارا إداريا سلبيا.

وقالت المحكمة: ولما كان ذلك، وكانت الهيئة قد انتهت الى هذا النظر بأغلبية الآراء عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 فإنها تعدل عن المبدأ الذي قررته الأحكام التي أرتأت غير ذلك، وتعيد الطعن الى الدائرة المدنية والعمالية المختصة للفصل في موضوعه.