عُدنا مرة أخرى إلى جدل دغدغة المشاعر الانتخابية، والحوار العبثي عن موضوع التعليم المشترك (منع الاختلاط) في المؤسسات الأكاديمية، بعد أن تركنا هذه القضية خلف ظهورنا في أعقاب حسم المحكمة الدستورية لتفسير قانون منع الاختلاط، وبدأنا في معالجة تداعيات ذلك القانون وخسائره الفادحة مالياً وعلمياً، والتي بلغت مليار دينار إضافية في تكلفة بناء المدينة الجامعية الجديدة في الشدادية، وكذلك تدهور المستوى الأكاديمي وندرة الشعب الدراسية المفتوحة للطلبة.

Ad

من يطرح موضوع "منع الاختلاط" كمن يذهب إلى الحج والناس عائدون منه، فالمنطقة من حولنا تعيد حساباتها للجم التطرف والخرافات "الطالبانية"، ودول مجلس التعاون الخليجي تضع الرؤى نحو الانفتاح والخطط الاقتصادية التي ترتكز على كل مكونات المجتمعات من رجال ونساء وفئات شعبية مختلفة دون تمييز أو تفرقة، بينما نحن لدينا سياسيون وقوى اجتماعية مازالت تطرح الأفكار التي دفعت فكر التطرف الذي أوصلنا إلى ما هي عليه حال المسلمين اليوم من محن مختلفة اقتصادية وسياسية وأمنية.

لا أعتقد أن الحوار مع من يطرح هذا الموضوع- التعليم المشترك- مفيد، بل إنه دون جدوى، وطرح الأسئلة عليهم مثل: هل سيتم فصل أماكن العمل طبقاً للجنس؟... وكذلك الأسواق والأماكن العامة؟... وما التكلفة الاقتصادية لذلك في ظل تراجع أسعار النفط؟ كل تلك الأسئلة لن تجد منهم إجابات شافية عنها بل كلام "دروشة" ومواعظ دون طائل، وها هم في البرلمان عاجزون عن حل مشكلة الشعب الدراسية المغلقة في التعليم التطبيقي بسبب كلفتها المالية الباهظة نتيجة للفصل بين الجنسين.

الحديث عن منع الاختلاط في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية هو رفاهية مكلفة، لذا يجب أن تسحب هذه الورقة من التداول والاستخدام السياسي خاصة أن الحكومة تشجعهم على ذلك، وأبلغ دليل على ذلك ما قدمته للمحكمة الدستورية من دفوع أثناء نظرها لقانون منع الاختلاط تأييداً له، وسحب هذه الورقة يتم عبر حلول وسط مثل تأكيد نظام الفصل وفقاً للمباني الجديدة في الشدادية للكليات النظرية، وتوسيع استيعاب كلية البنات، في حين تظل مباني جامعة الكويت الحالية لإنشاء جامعة جديدة وفقاً لتفسير المحكمة الدستورية لقانون منع الاختلاط، وتبعد الكليات العلمية مثل الطب وطب الأسنان والعلوم والهندسة... إلخ، عن كل ما يتعلق بـ"منع الاختلاط" لطبيعتها الخاصة المكلفة، وأهمية مستواها الأكاديمي.

بهذه الحلول، يمكن أن توجد خيارات متنوعة لكل الأسر الكويتية دون أن يكون هناك حجر على فكر أحد أو رغباته العقائدية، وبذلك أيضاً يمكن إغلاق هذا الملف الذي يستخدم بين الفينة والأخرى في المناورات الانتخابية، وإلهاء الناس عن قضايا مهمة تمس حياتهم اليومية وحقوقهم وحرياتهم وأموالهم العامة!