تجتاح فوضى تصريحات المنتجين حول إيرادات أفلامهم المواسم السينمائية في مصر في غياب تام وواضح للجهة المنوط بها إصدار هذه الأرقام بشفافية وهي «غرفة صناعة السينما». تكررت هذه الأزمة كثيراً، وكان آخرها خلال الموسم السينمائي الجاري بعدما انحصرت المنافسة بين «هيبتا» لعمرو يوسف وياسمين رئيس، و»حسن وبقلظ» لكريم فهمي وعلي ربيع، و«اللي اختشوا ماتوا» لغادة عبدالرازق وعبير صبري.
منذ أن بدأ عرض هذه الأفلام في توقيت متقارب، سارع كل منتج إلى إثبات جدارة فيلمه بالإيرادات الأكبر والأعلى، إذ ظهرت أكثر من إحصائية من هؤلاء المنتجين على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الصحافية. فبينما أكّد صانعو «هيبتا» أن الأخير جاء بأعلى إيرادات بعدما حصد مليونين و400 ألف جنيه في أول يومين لعرضه، أصدر صانعو «اللي اختشوا ماتوا» بياناً أكدوا فيه أن الفيلم حقق في يومه الأول مليوناً و700 ألف جنيه. أما أحمد السبكي فأعلن أن فيلمه «حسن وبقلظ» هو الأول بالإيرادات بعدما حقق مليونين و200 ألف جنيه في أول خمس أيام من عرضه، وكل هذه الأرقام عشوائية واستباقية وليس لها أي أساس علمي.من جانبه، أكد رئيس غرفة صناعة السينما فاروق صبري أنهم تواصلوا مرات كثيرة مع مسؤولي وزارة المالية لإرسال الإيرادات الحقيقية للأفلام بشكل سريع ومنتظم ليتم إغلاق الباب أمام بعض الذين يصدرون أرقاماً وهمية، مشيراً إلى أن وزارة المالية لا تتعاون مع الغرفة في هذا المجال بالشكل المطلوب.وأضاف صبري: «يستفيد المنتجون من هذه الأزمة ويستطيع كل شخص منهم إصدار بيانات بالأرقام التي يريدها من دون رقيب»، مشدداً على وجود خلل واضح في منظومة إيرادات السينما المصرية يصعب حله، من دون تكاتف جميع الأطراف للتصدي لهذه الأزمة المتكررة وأولها وزارة المالية.من ناحيته، أكد عضو غرفة صناعة السينما محسن علم الدين أن الغرفة لا علاقة لها بهذا الموضوع من قريب أو بعيد، موضحاً أن مصلحة الضرائب فرع الملاهي هي المسؤولة، وأن «الضرائب على الملاهي» لا تصدر بيانات بشكل دائم حول الإيرادات، ما يجعل مهمة الغرفة صعبة للغاية.أوضح علم الدين أن الضرائب تحسب الإيرادات بعدد التذاكر المباعة في كل دار عرض على حدة، ثم بعد ذلك تجمعها لمعرفة عدد مشاهدي كل فيلم، مؤكداً أن هذه المهمة شاقة للغاية، ما يضطر المنتجين إلى إصدار بيانات وأرقام مضللة، غير حقيقية لأن كل واحد منهم يريد إثبات أن فيلمه الأفضل والأكثر مشاهدة.منتج فيلم «فص ملح وداخ» أيمن يوسف، أكّد أن جزءاً من الحرب النفسية التي تم تنفيذها ضد فيلمه إصدار أرقام غير حقيقية عنه وعن باقي الأفلام المعروضة في التوقيت نفسه، موضحاً أن كثيراً من الجمهور ينجرف وراء هذه الأرقام ويصدقها. وأشار إلى أن الأمر يصل إلى أن بعض رواد السينما يسأل عن الإيرادات قبل أن يقرر اسم الفيلم الذي سيشاهده.وأوضح يوسف أن حرباً كبيرة شنَّت على فيلمه لا تقتصر على الإيرادات، بل شملت حصاراً متكاملاً حوله، مشيراً إلى أن ثمة من كان يريد إزالة الفيلم من دور العرض منذ أول يوم لعرضه، لا سيما أن منظومة الحصار تسعى إلى احتكار عملية إنتاج السينما لصالح بعض الأشخاص.مطالب النقادالناقدة الفنية ماجدة موريس تطالب أعضاء «غرفة صناعة السينما» بالاستقالة إذا لم يستطيعوا إصدار بيانات حقيقية عن إيرادات السينما، مؤكدة أن الغرفة هي الجهة المنوط بها كل ما يتعلق بصناعة «الفن السابع» في مصر. وأوضحت أن كثيراً من أعضاء الغرفة منتجون وموزعون وربما تكون من مصلحتهم حالة اللغط والفوضى التي تحدث في صناعة السينما، تحديداً فيما يخص الإيرادات.تقول موريس: «يجب على أعضاء الغرفة المطالبة بعقد اجتماع عاجل مع الحكومة لإقرار الطريقة المثلى للتعامل معهم بدلاً من الشكوى فقط، ذلك لضبط أداء صناعة السينما المصرية»، مبدية استغرابها من تبرؤ واستهتار أعضاء الغرفة من المهمة الموكلة إليهم والتي تحمي المنتجين الصغار وتحافظ على حقوقهم.الناقد الفني كمال القاضي يرى أن هذه الأزمة ازدادت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً أن صغار المنتجين والنجوم يتضررون من التلاعب بأرقام الإيرادات، موضحاً أن الجمهور ينجذب إلى الفيلم الذي يحقق إيرادات أعلى لمجرد أنه علم بأنه حصل على نسب مشاهدة عالية، حتى إن كانت هذه النسبة خاطئة ومضللة أحياناً.اقترح القاضي أن تحل هذه الأزمة عن طريق إصدار الجهة المنوط بها إصدار بيانات يومية في هذا المجال كي تقطع الطريق على المنتجين والمنتفعين، مشيراً إلى إمكان تشكيل لجنة دائمة من غرفة صناعة السينما وممثلين عن الشركات الإنتاجية ليكونوا رقباء على هذه الأرقام بوجود متحدث رسمي هو الوحيد المسؤول عن إصدار هذه الأرقام.
توابل
فوضى إيرادات السينما المصرية... أزمة مستمرة
16-05-2016