النفط والطاقة : استخدام سياسة «فرق تسُد» ستحرق القطاع النفطي مستقبلاً

نشر في 26-04-2016 | 00:02
آخر تحديث 26-04-2016 | 00:02
No Image Caption
«مؤسسة البترول» من المشاركة في النجاح إلى اقتسام خسائر الإضراب
يعد مصطلح "فرّق تَسُد" من المصطلحات السياسية العسكرية الاقتصادية، وهو مصطلح من أصل لاتيني ويعني "تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة، لتصبح أقل قوة وهي غير متحدة مع بعضها البعض، ما يسهل التعامل معها"، وكذلك يتطرق المصطلح إلى القوى المتفرقة التي لم يسبق أن أتحدت والتي يراد منعها من الاتحاد وتشكيل قوة كبيرة يصعب التعامل معها.

وفي الحقيقة أننا وجدنا أن هناك العديد من المسؤولين في القطاع النفطي، وخاصة قبل إعلان النقابات الاضراب بعبقرية نادرة نقلوا هذه السياسة إلى عالم الحياة العملية وطبقوها على مرؤوسيهم بحذافيرها بطريقة عجيبة؛ فقد حولوا المؤسسات من مكان لإنجاز العمل الذي يخدم المواطن إلى ساحات حرب ومعارك شخصية لا تهم المواطن الذي ينتظر من تلك المؤسسات أن تخدمه بطريقة أو بأخرى.

وقد بدأ تلك السياسة عندما استدعى الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية العاملين بوظيفة رئيس فريق فما فوق، لشرح حيثيات ومطالبات النقابات، حيث يرى بعض المراقبين أن هذا الأسلوب المتبع هو بداية الانهيار للقطاع النفطي، حيث تمت التفرقة بشكل واضح بين القيادي والموظف، وهو ما اتضح جليا وقت الإضراب، حيث هدد المسؤولون المباشرون المضربين إما بتحويلهم الى التحقيقات والبعض الآخر ذهب بتهديده لتحويل الموظفين الى النيابة العامة.

والأخطر من هذه التهديدات في وقت الاضراب هو ما سيعيشه القطاع النفطي من الفوضى لسنوات قادمة، بسبب سياسة "فرق تسد"، فالكل يعلم أن الرؤساء التنفيذيين عمرهم الوظيفي قصير بحكم القانون، لكنهم تركوا آثارا وخيمة بعد تركهم القطاع، فكيف سيستمر العمل بين الموظف ورئيسة المباشر الذي هدده؟

المؤسسة تخالف رؤيتها

ما تم ذكره يخالف رؤية مؤسسة البترول الكويتية التي تسعى للوصول إلى مكانة رائدة عالميا في مجال النفط والغاز لم توفق المؤسسة بالتعامل مع ملف الإضراب الذي كبد الكويت خسائر كبيرة لم يتوقعها أكبر المتشائمين، فالقطاع النفطي اليوم لم يصبح مصدرا آمنا ومضمونا للموارد الهيدروكربونية. وإدارة العمليات لم تكن وفق المعايير الصحة والسلامة والأمن والبيئة، مما سينعكس سلبا على تأمين المنشآت مستقبلا، كما لم تحقق أعلى مستوى في الأداء والربحية.

إضافة الى ذلك، لم تعمل المؤسسة كمنظومة متكاملة في أنشطتها وذات فكر مؤسسي موحد، وهو ما اتضح من خلال بعض المعلومات المغلوطة حول المنشآت النفطية في الكويت. فاليوم لم يعد القطاع النفطي المثال النموذجي في دعم المجتمع الكويتي، بسبب سوء الإدارة التي اوصلت القطاع للإضراب ونتج عنه خسائر كبيرة.

وحسرت المؤسسة اليوم - بكل أسف - قيمها المتمثلة في الاستقامة، فما كانت تتغنى به المؤسسة بأنها تعمل بانفتاح وعلى أساس من الثقة والاحترام والعدالة والشفافية والصدق، مع الالتزام بأسمى أخلاقيات العمل والمهنية وتحمل المسؤولية جميعها تلاشت في إدارة أزمة الإضراب واتباع سياسة "فرق تسد"، ونظرية توفير بيئة عمل يسودها الولاء والتعاون وروح الفريق الواحد والتمييز في الأداء لن نراها في أهم قطاع في الكويت بسبب التهديدات للعاملين المضربين.

مراجعة درس الإضراب

الآن أصبح لزاما على مجلس الوزراء مراجعة المحصلة النهائية لنتيجة إضراب عمال النفط الذي استمر مدة 3 أيام وتحديد الخسائر ماليا وماديا ومعنويا، والأضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني وسمعة الكويت. وكيفية تفادي الإضرابات النفطية مستقبلا، ولماذا وصلت مؤسسة البترول وشركاتها الى الإضراب؟ وأين القوانين التي نادت المؤسسة باستخدامها لمنع الإضراب؟

علما بأنه الى الآن لا أحد يعلم كيف انتهى الإضراب، ولم توضح المؤسسة الى الآن هل هي من ساهم بإلغاء الاضراب عبر القوانين أم لجأت الى اسلوب"الحيلة"؟

الآن الإضراب انتهى، ونتمنى من الجميع الاستفادة من الدروس، سواء القيادات النفطية بعدم هضم حقوق العمال ودعمهم وتحفيزهم، بدلا من استفزازهم، وكذلك العمال بسلك المسالك القانونية والدستورية في التعبير والمطالبات، والجلوس لأكثر من مرة إلى طاولة المفاوضات حتى الوصول إلى نتيجة ترضي الجميع، حيث إن الخسائر لم تعلن الى الآن بشكل رسمي، لكن بعض المتابعين أشار إلى انها تراوحت بين 20 و50 مليون دولار في اليوم، فهذا القطاع الحيوي يوما ما كان العاملون فيه يتشاركون "بمكافأة النجاح"، واليوم يتشاركون بخسائر الإضراب.

back to top