«دوري» الرواية العربية

نشر في 01-05-2016
آخر تحديث 01-05-2016 | 00:01
 ناصر الظفيري في لقاء سبق فوز رواية شكري المبخوت، التي وجه لها الكثير من الانتقاد وبعض الهجوم القاسي، ذكرت أن الرواية الفائزة ستكون من المغرب العربي بعد فوز مصر ولبنان والسعودية والكويت والعراق، وقبل هذه الدورة ذكرت أن الدور المقبل سيكون لفلسطين أو سورية، وهو ما كان فعلا.

لم يكن ذلك تنجيماً ولا تخميناً، ولكن المتابع للدورات السابقة يلاحظ أن اللجنة تتعمد إقصاء كتاب الدول التي فازت بالجائزة من قبل، وحصر الجائزة في اسم من دولة جديدة. فمثلاً يتم إقصاء عمل لإسماعيل فهد إسماعيل لأن الكويت فازت بنصيبها من قبل، ويتم إقصاء الروائي محمد المنسي قنديل لأن مصر نالت حصتها مرتين.

قرأت رواية الأستاذ ربعي المدهون، وكتبت عنها في هذه الصفحة مقالاً وكنت أتوقع، كما توقع كثيرون غيري، أن الرواية وضعت بين روايات تستطيع التفوق عليها بسهولة. ولن أعيد مناقشة حسنات تقنية الرواية ومثالبها ويمكن العودة للمقال السابق عنها، ولكنني أؤكد أن الذي حصل على الجائزة هو البلد وليس الرواية أو الروائي. وتلك معضلة علينا مناقشتها والخروج منها بمفهوم عام، وهو أن الرواية عمل شخصي ولا علاقة للبلد الذي ينتمي إليه الروائي بها.

في النسخة الحقيقية للبوكر تقدم الجائزة للرواية التي تكتب بالإنكليزية بغض النظر عن البلد الذي تنتمي، ويفوز بالجائزة كاتب من الهند أو كندا أو أميريكا أو الكاريبي وغيرها من البلدان التي يكتب أغلب كتابها بالإنكليزية. ولا يفتخر أهل هذا البلد ويرفعون أعلام بلادهم تجسيداً للوطنية، فالجائزة، كأي جائزة، هي مجهود الفرد بغض النظر عن بلده الذي يجمل هويته، علماً بأن البلدان لا ترشح كتابها ولا ترشحهم هيئات رسمية أو شعبية لنيل الجائزة. ولا يكترث القائمون عليها لو فاز بها الكاتب مرتين. وقد فاز بالجائزة مرتين كل من البريطانية هيلاري مانتل والجنوب إفريقي جي ام كوتزي والكاتب الأسترالي بيتر كيري.

ولأن البوكر، على مساوئها، هي الجائزة التي حققت شهرة ذاتية وحققت انتشاراً لروايات وروائيين وبغض النظر عن منجزهم الروائي العام كونها تمنح للعمل وليس لمجمل الأعمال، فإننا نحرص عليها للتخلص من فكرة المواطنة وتوزيعها بما يشبه الدور لروائي من بلد مختلف في كل عام. استمرار هذا الفكر سيقضي على نزاهتها ويخفت بريقها الذي بدأت به. وربما يستطيع القائمون عليها رصد موقف القراء منها وامتعاضهم من مخرجاتها حتى تصبح الرواية الفائزة لا قيمة أدبية لها وإنما احتفال وطني للبلد الفائز كما يحدث الآن. فالأغلبية تبارك لفلسطين بالفوز بغض النظر عن أحقية الرواية من عدمه.

الأكثر ألماً هو ما يتم تداوله من أن أعضاء لجنة التحكيم صوتوا لأبناء بلدانهم وكان نصيب المدهون صوتين من مجموع الأصوات، ولأنها معلومة غير مؤكدة فلن أثبتها ولكني أتوقعها في ظل تشجيع انحياز العمل لبلد الروائي وليس للعمل الروائي. يحدث ذلك ونحن نتحدث عن إبداع شخصي ومجهود روائي بذل الكثير من أجل عمله وبالتأكيد لا ينظر لمواطنته بمعزل عن قوميته ولا يفضل الفوز لأنه ابن هذا البلد أو ذاك، ولكنه يفوز بعمله لأن هذا العمل يستحق الفوز.

ما يحدث في الجوائز العربية أسوأ مما يحدث في دوري الكرة، على الأقل الفريق الفائز بدوري الكرة استحق ذلك لمجهوده الفردي واجتهاده بغض النظر عن العلم الذي يعلقه على صدره.

back to top