عندما دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى استفتاء حول أوروبا، كان يأمل أن ينهي الانقسامات التي تعصف بحزبه المحافظ، لكن مرارة الحملة أثارت مخاوف على مستقبل الحزب ومستقبله الشخصي.
وانقسم مسؤولو الحزب إلى فريقين، الأول يعرب عن تأييده البقاء في الاتحاد الأوروبي، بينما الثاني يعارض ذلك على وقع تبادل الاتهامات بحدة تزداد وتيرتها مع الاقتراب من استفتاء 23 يونيو.وبلغ مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حد توجيه الانتقادات إلى حكومتهم لدعم حججهم وتسجيل نقاط.وتطرح هذه الأجواء المسمومة المسألة المتعلقة بالمستقبل السياسي لديفيد كاميرون، أيا تكن نتيجة الاستفتاء.وتعطي استطلاعات الرأي مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي تقدماً طفيفاً، لكن من المتوقع أن تكون النتيجة متقاربة.وقال فيليب ستيفنز، الكاتب في صحيفة فايننشال تايمز اليومية للاعمال، إن "الاستفتاء يمكن أن يؤدي إلى تفتت حزب المحافظين".وأضاف أن "ضراوة الحملة فاجأت المراقبين، حتى لو انه من الوهم الاعتقاد بقدرة الاستفتاء على تسوية انقسامات مستمرة منذ عقود حول أوروبا".وأوضح فيليب جونستون من صحيفة دايلي تلغراف أن "هذه الحرب الأهلية يمكن ان تؤدي الى تدمير أحد أقوى الأحزاب وأكثرها شعبية في العالم".وقد ردد بذلك صدى تصريحات للنائب كين كلارك، المحافظ المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي، والذي كان وزيرا في حكومات كاميرون، وجون ميغور، ومارغريت ثاتشر.ويعرب كلارك عن اعتقاده أن حزبه "قريب الى حد الخطر من الانقسامات المتصلة بأوروبا، والتي ساهمت في سقوط ثاتشر واثرت على حكومة ميغور".ويدعو كاميرون إلى البقاء في الاتحاد، لكنه ترك لأعضاء الحكومة والحزب حرية الاختيار. وكانت النتيجة انشقاق خمسة وزراء، وانضمام 128 من 330 نائبا محافظا إلى الفريق المؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي.وكانوا ستة في البداية، لكن واحداً منهم هو يان دونكان سميث، استقال في منتصف مارس، مؤكدا أنه يحتح على الاقتطاعات في الموازنات المخصصة للشؤون الاجتماعية، لكنه لم يبدد الشكوك بأنه أراد لفت الأنظار لمصلحة فريقه.واتهم وزير العدل مايكل غوف المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي بإعطاء نظرة كئيبة ومتشائمة عن البلاد، التي ستكون عاجزة عن الاستمرار بمعزل عن الاتحاد الأوروبي.بدوره، اتهم وزير المال جورج اوزبورن المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي بأنهم جاهلون في شؤون الاقتصاد.ولم يساهم الدعم القوي جداً، الذي قدمه باراك أوباما الجمعة إلى كاميرون، في تهدئة النفوس. فقد أكد الرئيس الأميركي خلال زيارة إلى لندن أن المملكة المتحدة ستتراجع الى آخر المراتب على صعيد العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، إذا ما خرجت من الاتحاد الأوروبي، فحمل مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي على التنديد بهذا التدخل.وصرح أوباما أمس في محاولة تدخل أخيرة مثيرة للجدل في السياسة الداخلية البريطانية ان بريطانيا قد تنتظر عشر سنوات قبل التوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة، إذا ما اختارت الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأضاف أوباما خلال لقاء بثته أمس لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، ان التعاون بين وكالات المخابرات البريطانية والأميركية لن يتأثر إذا صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.وأضاف "تتعاون فرق المخابرات لدينا بشكل وثيق ويعمل جيشانا عن كثب. لن يتغير هذا التعاون"، موضحا أن ما سيحدث هو انحسار نفوذ المملكة المتحدة في أوروبا، وسيصبح أقل، وبالتالي نفوذها في العالم.ويؤكد كاميرون انه سيبقى في 10 داونينغ ستريت ايا تكن نتيجة الاستفتاء، رافضا أن يعتبره تصويتا على حصيلة حكمه حتى الآن. وقد قال في وقت سابق انه لن يترشح لانتخابات 2020.لكن كين كلارك كشف انه لن يصمد 30 ثانية اذا ما تمت الموافقة على الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويشاطره هذا الرأي عدد كبير من المراقبين.
دوليات
«استفتاء أوروبا» يعرّض مستقبل محافظي بريطانيا للخطر
25-04-2016