«التمييز» ترسي مبدأ مهماً في قضايا تأمين السيارات: بطلان أي شروط تعسفية تمنع الانتفاع من الوثيقة
اعتبرت أن قيادة السيارة من شخص آخر غير صاحب العقد عند وقوع الحادث لا تعفي الشركة من التغطية
قالت المحكمة إن مسؤولية شركة التأمين عن الخطر المؤمن من أجله تقوم بتحقق هذا الخطر ودخوله في إطار الأخطار التي تغطيها وثيقة التأمين والتي التزمت بضمانها.
أرست الدائرة التجارية في محكمة التمييز، في حكم حديث لها، مبدأ قضائيا مهما ببطلان الشروط التي تضعها شركات التأمين، والتي تحول دون استخدام وثيقة التأمين التكميلي، كشرط عدم التزام الشركات بتغطية التأمين إذا لم يكن قائد السيارة هو صاحب العقد.ورفضت المحكمة، في حيثيات حكمها، برئاسة المستشار يونس الياسين، الاعتداد بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، التي قبلتها محكمة أول درجة والاستئناف في رفضها لدعوى مواطن أقامها على شركة تأمين، على اعتبار أن الشرط الذي وضعته شركة التأمين تعسفي، ومن الشروط المخالفة للنظام العام.وكانت شركة التأمين وضعت شرطا في وثيقة التأمين يتضمن سقوط حق التأمين من قبل صاحب التأمين إذا قام شخص آخر بقيادة السيارة غير الشخص الذي قام بالتأمين، ورفضت تعويض مواطن وفق عقد التأمين الموقع معها، ولدى رفع المواطن الدعوى القضائية أمام المحكمة الكلية رفضت دعواه على سند من ان العقد شريعة المتعاقدين، وتضمن موافقة الطرفين عليه، وحظي حكم أول درجة برفض الدعوى بتأييد من محكمة الاستئناف، الا ان المواطن طعن على الحكم عبر محاميه صالح القحطاني ببطلان الشرط الذي تضمنه عقد التأمين.وقالت إن "النعي على مخالفة الحكم في محله، وذلك ان النص في المادة 784 من القانون المدني ينص على ان يقع باطلا ما يرد في الوثيقة من الشروط الآتية: ب- كل شرط تعسفي يتبين انه لم يكن لمخالفته اثر في تحقيق الخطر المؤمن منه، يدل على ان ما ورد في المذكرة الايضاحية وما جرى به قضاء هذه المحكمة أن من الاصول العامة في عقد التأمين أنه يسوغ إبطال ما ورد به من شروط تعسفية تتناقض مع جوهر العقد وعدم الاعتداد بها".مخالفة الشرط وأضافت المحكمة: "ولئن كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير ما إذا كان لمخالفة الشرط أثر في تحقق الخطر المؤمن منه فيكون شرطا صحيحا، او ليس لمخالفته أثر فيكون الشرط تعسفيا ويقع باطلا فلا يعتد به، الا ان ذلك مشروط بأن تقيم حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالاوراق، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت اليها".وأكدت أن "الثابت بأوراق وثيقة التأمين من اشتراط أن المالك هو المستخدم الوحيد للمركبة لاستحقاق التعويض وتغطية الاضرار التي تحدث للسيارة، وكان لا أثر لمخالفة هذا الشرط في تحقق الخطر المؤمن منه، ومن ثم يقع هذا الشرط باطلا ولا يعتد به، باعتباره من الشروط التعسفية التي تتناقض مع جوهر التأمين المخالفة للنظام العام، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بهذا الشرط الباطل، وعول عليه قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".واردفت: "وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه، وكان المقرر من انه يشترط لقيام مسؤولية المؤمن هو وقوع الخطر المؤمن منه، وأن يتحقق الضرر بالمؤمن له، ولما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق ان شركة التأمين لم تنازع في ان وثيقة التأمين تغطي التلفيات التي تلحق بالسيارة المؤمن عليها، واقتصر دفاعها على سقوط حق المواطن في الرجوع عليها بالتعويض لثبوت قيادة السيارة من غير مالكها، والذي انتهت اليه المحكمة الى عدم الاعتداد به باعتباره من الشروط التعسفية الباطلة، لاسيما ان الحادث وقع نتيجة خطأ الغير وليس قائد السيارة المؤمن عليها".مسؤولية شركة التأمينولفتت المحكمة إلى أن "مسؤولية شركة التأمين عن الخطر المؤمن من أجله تكون قد قامت بتحقق هذا الخطر ودخوله في إطار الأخطار التي تغطيها وثيقة التأمين والتي التزمت بضمانها".وبينت أن "المحكمة بما لها من سلطة في تقدير أعمال الخبرة والأخذ بما تطمئن إليه منها أن تطمئن إلى ما انتهى اليه تقرير الخبير المندوب في الدعوى من الاضرار التي لحقت بالسيارة المؤمن عليها نشأت اثر حادث سير ما أدى إلى إلحاق تلفيات قدرها بمبلغ 3400 دينار والتي ادت الى انخفاض سعرها بالسوق بمبلغ 1000 دينار، فيكون معه تقدير الخبير للضرر بواقع 4400 دينار، وهو تقدير بني على أساس المعقول، وتلتفت المحكمة عن طلب التعويض الادبي لعدم تحققه وحصوله".وبعد صدور حكم التمييز أكد وكيل المواطن المحامي صالح القحطاني أن أهمية المبدأ الذي أرسته محكمة التمييز تتضمن رقابة القضاء على الشروط التعسفية التي تضعها بعض شركات التأمين، والتي تحول دون استخدامه والرجوع عليها بتنفيذه.ولفت إلى أن على وزارة التجارة والصناعة مخاطبة شركات التأمين ضرورة التقيد بالشروط المتوافقة مع القانون في وثيقة التأمين، وتجنب وضع الشروط التعسفية فيها والرقابة عليها، ضمانا لحقوق المواطنين والمقيمين في ممارسة التعاقد التجاري بكل صوره بما يتوافق مع صحيح القانون، ووفق ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز.