«التمييز»: رعاية الدولة لذوي الإعاقة ليست منة بل واجب
المحكمة ألزمت هيئة الإعاقة إدراج ابنة مواطن مصابة بإعاقة بصرية متوسطة منذ الولادة في سجلاتها
شددت محكمة التمييز الإدارية على أن رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة ليست منة أو شفقة، وإنما واجب على المجتمع، انطلاقا من المفهوم الإسلامي القائم على التكافل والتضامن.
ألزمت محكمة التمييز الإدارية الهيئة العامة لشؤون الإعاقة إدراج ابنة مواطن في سجلات المدرجين بالهيئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وألغت قرار الهيئة رفض إدراجها لمخالفته القانون، بعدما اعتبرت المحكمة أن إصابة الابنة بإعاقة بصرية جزئية دائمة تدخل ضمن مظلة القانون.وأكدت المحكمة، في حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار محمد الرفاعي، وحصلت «الجريدة» على نسخة منه، أن «قانون ذوي الاحتياجات الخاصة قرر منح ابنة المواطن الدخول ضمن هذا القانون لحالات مثل حالاتها دون أن يكون للهيئة إعادة تقييم إعاقتها وفقا لاحكام قانون ذوي الاعاقة».وصف المعاقةواوضحت المحكمة أن الابنة تحقق بشأنها وصف المعاقة وفقا لأحكام القانون، مكتسبة بذلك مركزا قانونيا من حيث نوع الاعاقة ودرجتها، ولا يجوز إهداره بنفي هذه الصفة، وإلغاء ملفها الطبي وحرمانها من الحقوق التي تترتب على هذا التوصيف.وزادت ان وقائع الدعوى تتحصل في ان الابنة سبق ان حصلت على شهادة من المجلس الأعلى لشؤون المعاقين تثبت أنها تعاني من إعاقة بصرية متوسطة ودائمة منذ الولادة، وعقب صدور القانون رقم 8/2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الذي بموجبه حلت الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة محل المجلس المذكور، أصدرت الهيئة قرارا في 20/1/2012 بإيقاف جميع الميزات الممنوحة لابنته كمعاقة، بناء على ما قررته اللجنة التابعة للهيئة من أنها لا تعاني من أي إعاقة جسدية رغم صدور شهادة من اللجنة الطبية تثبت إعاقتها، ما حدا بوالدها الى رفع الدعوى، التي قضت محكمة أول درجة برفضها، وأيدت «الاستئناف» حكم الرفض، فطعن على الحكم أمام محكمة التمييز.رعاية النشء وقالت المحكمة إن «القانون رقم 8 لسنة 2010، الذي قضى في المادة 70 منه بإلغاء القانون رقم 49 لسنة 1996 بشأن رعاية المعاقين، صدر -وعلى ما ورد بالمذكرة الايضاحية- نفاذا للمادتين العاشرة والحادية عشرة من الدستور بما ألقته على عاتق الدولة من واجب رعاية النشء وكفالة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل، وتوفير خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية».وأضافت: «انطلاقا من المفهوم الإسلامي القائم على التكافل والتضامن، واعتبار أن رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة ليست منة أو شفقة، وإنما واجب على المجتمع، والتزاما باتجاه الدولة نحو ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم المدنية والسياسية، وأنه ترسيخا لهذه الحقوق وتقنينها أدرجها المشرع بالقانون رقم 49 لسنة 1996 المشار اليه».واردفت: «ان هذا التدخل المحمود من المشرع لا يغني عن إعادة النظر في القانون كله، وإعادة صياغته في منظومة متكاملة تتوافق مع التطور الحاصل على المستويين المحلي والدولي في مجال تحقيق مزيد من الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يضمن تمتعهم بالحقوق الأساسية التي كفلها الدستور وأكدتها المواثيق الدولية».مصلحة عامةوقالت المحكمة إن المشرع تغيا بموجب القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار إليه تحقيق مصلحة عامة اجتماعية تتمثل في قيام المجتمع بواجبه نحو هذه الفئة، بمنحها المزيد من الحقوق المدنية والسياسية والرعاية، بما يتوافق مع التطور الحاصل على المستويين المحلي والدولي، ومن ثم فإنه يكون متعلقاً بالنظام العام وتسري نصوصه – وقد وردت بصيغة آمرة تحقيقا لهذه المصلحة- على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو في إنتاجها لآثارها أو في انقضائها، كما تسري على الآثار المستقبلية التي تترتب على المراكز القانونية السابقة التي نشأت تحت سلطان القانون القديم، بما مؤداه أن المركز القانوني للشخص المعاق، والذي اكتسبه في ظل العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1996 المشار اليه من حيث نوع الإعاقة ودرجتها يظل قائما ومنتجاً لآثاره، طالما بقيت إعاقته ولم يطرأ عليها- نتيجة للتقدم الطبي- ما يزيلها أو يخفف درجتها بما يستوجب إلغاء أو انقاص الحقوق المترتبة عليها، ولا تسري عليه أحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار اليه، إلا في ما يتعلق بهذه الآثار من حقوق مدنية وسياسية دون إعادة تقييم حالته من الناحية الطبية وفقا لمعايير أخرى مستحدثة.إعاقة جزئيةولفتت المحكمة الى أن الثابت بالأوراق أن ابنة الطاعن (نورة) صدرت لها شهادة إعاقة من المجلس الأعلى للمعاقين بتاريخ 8/ 10/ 2006 ثابت بها أن لديها إعاقة بصرية جزئية ودائمة منذ الولادة، وأنها تدخل تحت مظلة القانون رقم 49 لسنة 1996 المشار إليه، ومن ثم فإنه يكون قد نشأ لها مركز قانوني في ظل أحكام هذا القانون لا يجوز إهداره، ويطبق القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار اليه منذ تاريخ العمل به على الآثار المترتبة على هذا المركز، وهي الحقوق التي قرر منحها لمن هم في مثل إعاقتها، دون ان يكون للهيئة إعادة تقييم إعاقتها وفقا لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 التي استحدثت تعريفا ومعايير أخرى لاعتبار الشخص من ذوي الإعاقة، إلا أن تكون هذه الإعاقة بشأنها أحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار إليه وما استحدثه من معايير، نافياً عنها وصف المعاقة، ورتب على ذلك قضاءه بتأييد حكم أول درجة القاضي المطعون ضدها بعدم معاناة ابنته المذكورة من ثمة إعاقة بصرية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث أسباب الطعن.